تخصيص عائدات مطعم لفاقدي المأوى في تونس

15 نوفمبر 2022
يرحب الفريق بأي متطوع ومشارك في الحملة (العربي الجديد)
+ الخط -

منذ أكثر من سبع سنوات، يتجوّل نزار خذاري الذي يرأس فريق جمعية "متحدون من أجل الإنسانية"، برفقة شباب متطوعين لمساعدة الناس، وتوزيع وجبات طعام على فاقدي مأوى في تونس العاصمة ومدن أخرى. يبدأ عملهم عند الساعة السابعة في تحضير العشاء الذي لم يملكوا مكاناً محدّداً له في السابق، حتى أنشأوا مطعماً أخيراً.
يُوزع نزار ورفاقه كلّ ليلة بين خمسين وستين وجبة طعام في شوارع يعرفون مسبقاً أنّها تؤوي مشردين وفاقدي المأوى. يجدونهم في محطات النقل أو أمام مساجد وقرب مقار إدارات رسمية. وهم يختارون أماكن آمنة تتواجد قرب مراكز الشرطة لتنفيذ نشاطاتهم لتجنب التعرض لاعتداءات. 
يحصل الفريق على مساعدات من مواطنين، أكانت أموالاً أم مواد غذائية وغيرها من مستلزمات تحضير وجبات الأكل للمشرّدين.  وينشط عملهم خصوصاً في المناسبات، مثل شهر رمضان الذي يوزعون فيه وجبات الإفطار بكميات أكثر من الأيام العادية. 
ويرحب فريق جمعية "متحدون من أجل الإنسانية" بأي متطوع أو شخص يرغب في المشاركة معهم، سواء في إعداد الأكل والأطباق للناس أو في توزيعها في الشوارع. 
يقول نزار لـ"العربي الجديد": "تعامل الفريق طوال سنوات مع مئات من المشردين، خصوصاً في تونس العاصمة. ومن نجدهم في الشوارع من جميع الأعمار، وبتنا نعرف أماكن وجود غالبيتهم، خصوصا أولئك الذين في العاصمة. وفي باقي المناطق لا يوجد كثير من المشردين، أعدادهم على أصابع اليد، ويجدون غالباً مساندة من الناس قبل أن تتدخل الجمعيات الخيرية". 
وبعد سنوات من العمل الخيري عُرض على نزار وفريقه فكرة إنشاء مطعم يُخصص لطهي الوجبات للمشردين، وكذلك لتقديم الأكل للعموم للحصول على  عائدات تستخدم لمساعدة فاقدي المأوى. ولم يتردد نزار في تجربة الأمر، وافتتح مطعماً صغيراً قبل نحو شهر. ويقول إنّ "فكرة المشروع ساهمت في توفير فرص عمل لبعض الشباب، ومكاناً لإعداد الوجبات للمحتاجين. ويُخصص حالياً جزء من مداخيل المطعم لدفع الإيجار ومستحقات العمال، فيما تذهب بقية الأموال لإطعام المشردين وتوفير مساعدات لهم. والمشروع غير ربحي، ويهدف إلى توفير عائدات مالية لمساعدة هؤلاء الناس". 
ويذكر نزار أنّ "العديد من المواطنين الذين سمعوا بفكرة المطعم باتوا يتوافدون للمساهمة في مساعدة المشردين. يأكلون ما يقدم في المطعم، ويدفعون أحياناً ثمناً يفوق السعر المحدد للطبق كي يساهوا أكثر في توفير أموال لمساعدة المحتاجين. ونحن لا نعوّل على الشركات أو رجال الأعمال لتقديم المساعدة، بل على تضامن المواطنين مع كل من يحتاج إليها".

يرحب الفريق بأي متطوع ومشارك في الحملة (العربي الجديد)
يتوافد مواطنون على المطعم للمساهمة في مساعدة المشردين (العربي الجديد)

ويعمل المطعم حتى الساعة العاشرة، ويستقبل الزبائن يومياً، علماً أن الشبان المتطوعين يتطلعون إلى نجاح مشروعهم لمساعدة أكبر عدد من المشردين، وتعميم الفكرة في مناطق أخرى. 
وتوزع الوجبات عادة عند الساعة التاسعة والنصف كي يكون الأكل ساخناً خصوصاً في فصل الشتاء. ويحرص معدوها على أن تضمينها عناصر غذائية متنوعة. أما الموزعون فقد يستمرون في التجوّل حتى الواحدة ليلاً للوصول إلى أكبر عدد من المحتاجين. 
أيضاً ساهمت جمعية "متحدون من أجل الإنسانية" في توفير مأوى لفاقدي المأوى بالتعاون مع أجهزة الدولة التي خصصت مراكز حكومية، وأوجدت فرص عمل في أعمال حرفية ويومية، كما تدخّلت لمساعدة حالات اجتماعية سواء عبر إمكاناتهم الذاتية، أو عبر التعاون مع أجهزة الدولة.

لكن نزار يقول إنّ "بعض المشردين يعودون إلى الشارع رغم تأمين أماكن لإيوائهم. ونحن لا نعلم سبب ذلك، فيما يقول بعضهم إنهم يشعرون براحة في النوم في الشارع رغم البرد خلال الشتاء". 

ويتحدث نزار عن قصص مشردين وفاقدي المأوى، ويقول "بعضهم يختارون مكاناً واحداً للنوم ليلاً، وآخرون التنقل من شارع إلى آخر لينام في مكان يشعر أنّه آمن، لذا لا يمكن حصر عددهم بدقة، لكن لا يمكن أيضاً تقديرهم بالآلاف، بل بضع عشرات نجد الحلول لمجموعة منهم وننقذهم من الشوارع، فيما نعجز مع آخرين ليس بسبب التقصير أو عدم تدخل الدولة، بل بسبب إصرارهم على البقاء في الشارع، رغم أنّ مراكز الإيواء جيدة وتوفر كلّ ما يلزم لأي محتاج. وبعض هؤلاء يعانون من اضطرابات نفسية لكننا نستطيع التعامل معهم، ونوفر لهم الأكل وأغطية في الشتاء". 
ويرغب نزار في نجاح فكرة المطعم لتعميمها في المناطق، وتوفير الأكل ليس لفاقدي المأوى فقط، بل لكلّ محتاج وشخص غير قادر على تأمين قوته.

المساهمون