وجّه الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، الخميس، بتشكيل خلية أزمة برئاسة رئيس الوزراء مصطفى مدبولي، لمتابعة وإدارة الوضع الخاص بحالات وفيات الحجاج المصريين، فيما بدأت جهات رسمية مصرية تحقيقات موسّعة بشأن ارتفاع حالات وفيات الحجاج المصريين خلال موسم الحجّ الحالي إلى أعداد غير مسبوقة، للوقوف على الأسباب الحقيقية لذلك.
وقدّمت الرئاسة المصرية خالص التعازي والمواساة لأسر الضحايا، مؤكدة التزام الحكومة بتقديم الدعم اللازم لهم خلال هذا الحدث المؤسف. وأشار السيسي إلى ضرورة التنسيق الفوري مع السلطات السعودية لتسهيل استلام جثامين المتوفين المصريين من الحجاج، وتقديم التسهيلات اللازمة في هذا الشأن، في إطار تقديم الدعم والمساندة لأسر المتوفين.
من جهته، قال مصدر مصري مسؤول: إنّ "أعداد وفيات الحجاج المصريين تجاوزت 700 حالة وفاة، فيما فاقت أعداد المفقودين والذين لا يعرف مصيرهم حتى الآن، حاجز 600 حاجّ". وأوضح المصدر أن التحقيقات التي يقف عليها أحد الأجهزة السيادية تنظر في أعداد البلاغات المقدمة من الحجاج المصريين بمختلف الفئات، السياحي، والقرعة والاقتصادي، بشأن المخالفات، وأوجه القصور في أماكن الإقامة والانتقالات، وعدم توفر بعض الإمكانات اللازمة بها.
ارتفاع أعداد وفيات الحجاج المصريين إلى 700
وأشار المصدر إلى أن التحقيقات تتضمن مدى تأثير ظاهرة الحجاج غير الرسميين، من مصر، على ارتفاع أعداد الوفيات، وكذلك الوقوف على أعداد وفيات الحجاج غير الرسميين الذين أدوا مناسك الحج دون الحصول على تصاريح، عبر وجودهم في المملكة بتأشيرات الزيارة، قائلاً إن "هؤلاء لم يكونوا على أي من الجهات التنظيمية المصرية المعنية بتنظيم سفر الحجاج، لذلك لم يحصلوا على الكثير من الخدمات في ظل ارتفاع درجات الحرارة، وهو ما أدى بالطبع إلى تعرّض كثير منهم لمتاعب أودت بحياة بعضهم"، متابعاً: "لكن هذا لا يلغي أبداً أنه كانت هناك مخالفات من جانب بعض الجهات المشرفة على تنظيم المناسك".
وفي المقابل، أشاد رئيس بعثة الحج الرسمية المصرية، اللواء شاكر الكيال، مساعد وزير الداخلية المصري لقطاع الشؤون الإدارية بما سماه "التنظيم الدقيق من قبل السلطات السعودية"، واستعانتها بالذكاء الاصطناعي، قائلاً في تصريحات صحافية لوكالة أنباء الشرق الأوسط الرسمية: "هما سر نجاح موسم الحج"، مثمناً في الوقت نفسه التسهيلات التي قدّمتها المملكة إلى ضيوف الرحمن، ما مكنهم من أداء المناسك في سهولة ويسر.
وتابع مساعد وزير الداخلية المصري، قائلاً إن نجاح المملكة العربية السعودية في موسم الحج الحالي، يُعَدّ امتداداً لسلسلة نجاحاتها في خدمة ملايين المسلمين الذين يأتون سنوياً من كل فجّ عميق لحج بيت الله الحرام وتقديم أفضل الخدمات للحجاج، وتجسيداً لرؤية المملكة 2030، وحرصها على توفير حجّ آمن وميسر لضيوف الرحمن من مختلف أنحاء العالم.
من جانبها، ذكرت وزارة الخارجية المصرية أنه ارتباطاً بجهود وزارة الخارجية لمتابعة أوضاع الحجاج المصريين بالمملكة العربية السعودية، تواصل القنصلية المصرية بجدة وفرق العمل المتعددة التي أوفدتها إلى مكة والمشاعر المقدسة التنسيق مع السلطات السعودية وبعثة الحج الرسمية المصرية للوقوف على أوضاع جميع المواطنين المصريين الموجودين لأداء مناسك الحج.
وأوضحت في بيان رسمي لها، اليوم الخميس، أن فرق العمل القنصلية تُجري الزيارات الميدانية للمستشفيات للحصول على بيانات المواطنين المصريين الموجودين فيها، سواء من يتلقى العلاج، أو من وافته المنية، ومطابقتها مع بيانات المواطنين الذين أبلغ ذووهم عن فقدهم، والتأكد من تقديم الرعاية اللازمة إلى المرضى منهم، فضلاً عن تخصيص بعثة قنصلية توجد على مدار الساعة بمستشفى شرق عرفات ومجمع المعيصم الطبي.
وأضافت في البيان أن القنصلية المصرية العامة في جدة قامت قبل بدء أيام الحج بالتنسيق الدائم والمستمر مع بعثة الحج الرسمية المصرية بالمملكة العربية السعودية لضمان توفير جميع أوجه الرعاية الطبية والتجهيزات والترتيبات اللازمة لاستقبال الحجاج المصريين ومتابعة أوضاعهم، إلا أن وجود أعداد كبيرة من المواطنين المصريين غير المسجلين بقواعد بيانات الحج يتطلب مجهوداً مضاعفاً ووقتاً أطول للبحث عن المفقودين منهم والاستدلال على ذويهم.
التحقيق مع شركات تحايلت لتنظيم رحلات حج غير رسمية
وفي السياق، أعلن رئيس الوزراء المصري، مصطفى مدبولي، الخميس، تشكيل خلية عمل لمتابعة وإدارة أزمة وفاة الحجاج المصريين، بناءً على تكليفات رئيس الجمهورية، بحيث تتشكل من مسؤولي الوزارات والجهات المعنية، بهدف تقديم الدعم والمساندة لأسر المتوفين، ودراسة أسباب ما حدث، والعمل على عدم تكرارها.
وقال مدبولي، في بيان لمجلس الوزراء، إنه تقرر فتح تحقيق مع أي شركة سياحية رتبت سفر هؤلاء الحجاج المتوفين، بعيداً عن الأطر النظامية، وتحايلت لتنظيم رحلات سفر الضحايا بصورة غير رسمية، ولم توفر لهم الخدمات اللوجيستية في المملكة العربية السعودية.
وشدد مدبولي على اتخاذ الحكومة قرارات حاسمة، وتوقيع أشد العقوبات على هذه الشركات، من أجل عدم تكرار هذه المخالفات مرة أخرى، مستطرداً بأنه يوجد تواصل مستمر مع الجانب السعودي، وبعثة الحج المصرية، للاطمئنان على الحجاج الرسميين، وتقديم الدعم الطبي واللوجيستي لأي مصري يحتاجه، بغض النظر عن كونه داخل البعثة الرسمية أو عدمه، متى توافرت بياناته ومكان وجوده.
وتابع أنه جار التنسيق حالياً مع السلطات السعودية لتسهيل استلام جثامين المتوفين المصريين، والحصر الدقيق للضحايا والمفقودين، مشيراً إلى أن عدد البعثة المصرية الرسمية بلغ إجمالاً 50 ألفاً و752 حاجاً، توفي منهم 28 حاجاً، وهي من أقل معدلات الوفاة في البعثات الرسمية على مدى السنوات الأخيرة.
وعزا مدبولي ارتفاع حالات الوفاة في صفوف الحجاج المصريين إلى عدم وجود بيانات مسجلة للحجاج غير النظاميين لدى البعثة الطبية، ما تعذر معه متابعة أحوالهم الصحية، وصعب المهام على الجميع، بما يستوجب معاقبة كل من تسبب في هذا السفر غير النظامي عبر ما يعرف بـ"تأشيرات الزيارة". وأوضح أن فرقاً تتبع وزارة الخارجية المصرية نظمت زيارات ميدانية إلى بعض المستشفيات في المملكة للحصول على بيانات المصريين الموجودين بها، سواء ممن يتلقون العلاج أو من وافتهم المنية، ومطابقتها مع بيانات المواطنين الذين أبلغ ذووهم عن فقدهم.
وختم مدبولي بأن وجود أعداد كبيرة من المصريين غير المسجلين بقواعد بيانات الحج الرسمي يتطلب مجهوداً مضاعفاً، ووقتاً أطول في البحث عن المفقودين منهم، والاستدلال على ذويهم، ولذا خصصت وزارة الخارجية عدداً من غرف الطوارئ على مدار الساعة، حتى يمكن للمواطنين التواصل معها.