تحسّن لافت في أرقام كورونا وارتفاع نسبة المناعة المجتمعية في لبنان

21 ابريل 2021
خمسة وأربعون في المائة من السكّان قد حصلوا على المناعة (حسين بيضون/ العربي الجديد)
+ الخط -

يشهد لبنان في الفترة الأخيرة تحسّناً ملحوظاً في الأرقام المرتبطة بفيروس كورونا، بعدما عانى من وضع كارثي خطير، لا سيما مطلع عام 2021، من حيث عدد الوفيات والإصابات التي تجاوزت في شهر يناير/كانون الثاني الماضي، عتبة الخمسة آلاف إصابة يومياً، ما شكّل تهديداً كبيراً للقطاع الاستشفائي في البلاد.

وأعلنت وزارة الصحة اللبنانية، يوم أمس الثلاثاء، عن تسجيل 1608 إصابات جديدة بفيروس كورونا و36 وفاة، ليصبح العدد التراكمي للإصابات منذ 21 فبراير/ شباط 2020، 513006 إصابة، في حين بلغ العدد التراكمي للوفيات 6995 حالة وفاة.


بينما جاء تقرير الإثنين لافتاً من حيث انخفاض عدد الإصابات بالفيروس ليوم الأحد إلى 995.

 

في الإطار، يلفت مدير مستشفى رفيق الحريري الجامعي في بيروت، فراس أبيض، إلى أنّ التحسّن يشمل العدد اليومي للإصابات الجديدة، معدّل الفحوصات الموجبة، كما حالات الاستشفاء وعدد الوفيات.

ويقول أبيض: "للأسف البيانات التي تتم مشاركتها علناً في تقرير وزارة الصحة العامة غير كافية لمعرفة أسباب هذا التحسّن بدقّة، ولكن قد يكون بعضها مرتبطاً بالقيود التي تمّ فرضها في وقتٍ مبكرٍ من هذا العام، ما ساعد في انخفاض الأعداد، ومع ذلك لا يمكن أن يكون المستوى الحالي المرتفع لحركة السكّان والامتثال الخجول لتدابير السلامة، مثل ارتداء الكمامة، من العوامل المساعدة بشكل أساسي في التحسّن الملحوظ والمستمرّ".

ويشير مدير مستشفى الحريري إلى أنّه "يمكن التقدير استناداً إلى بعض الدراسات المحلية أنّ حوالي أربعين في المائة من السكّان أصيبوا بالعدوى. وبإضافة عدد الذين تلقوا اللقاح، فإنّ خمسة وأربعين في المائة من السكّان قد حصلوا على المناعة"، لافتاً في المقابل إلى أنّ "هذا الرقم ما يزال بعيداً عن الحدِّ المطلوب للوصول إلى مناعة القطيع، لكنه يساعد في الحدِّ من انتشار العدوى المجتمعية".

وشدّد أبيض في سلسلة تغريدات على حسابه على تويتر على ضرورة التنبّه إلى أنّ "موجات العدوى الحالية في بعض البلدان، مثل البرازيل والهندـ تحدث في مجتمعاتٍ كانت قد وصلت إلى ما يقارب الخمسين في المائة من المناعة المكتسبة عند سكانها. أما سبب الانتشار فهو سلالات فيروسية جديدة، وهو أمرٌ يمكن أن يحدثَ في بلدانٍ أخرى بما في ذلك لبنان".


وأضاف: "قد يفسّر حصول فئات عمرية محدّدة على اللقاح سبب الانخفاض في الوفيات، لكن العدد الإجمالي للملقّحين لا يفسّر الانخفاض في عدد الإصابات اليومية. وتمّ اقتراح عوامل أخرى مثل التغيّر في الطقس، لكن فيروس كورونا ليس موسمياً. كما أعلنت دول قريبة وذات مناخ مشابه للبنان، مثل تركيا، عن أعداد إصابات قياسية".

ورأى أبيض أنّه "لعلّ التفسير الحقيقي هو مزيجٌ ممّا ورد أعلاه، وإنه لأمر مؤسف أنّ باحثي الأوبئة في جامعاتنا المرموقة لا يستطيعون الوصول إلى البيانات، فمن الممكن أن يساعدَ ذلك على فهمٍ أفضل للوضع الحالي، ومع ذلك يجب أن نكون شاكرين لهذا التحسّن في الأرقام، فعلى الأقل هناك أمر جيد يحدث لنا".

 

في حين يعتبر رئيس لجنة الصحة النيابية، النائب عاصم عراجي، أنّ "انخفاض عدد الوفيات والإصابات ومرضى العنايات في كورونا مؤشرٌ جيّدٌ مردّه إلى ارتفاع درجات الحرارة، والتزام الناس ووعيهم بخطورة المرض، إضافة إلى المناعة نتيجة الإصابات التي بلغت نصف مليون إصابة، إلى جانب التلقيح الذي شمل أكثر من مئتي ألف شخص، وهي عوامل كلها قد تكون ساهمت في تحسّن الوضع". وأكّد أنّ "تسريع وتيرة التلقيح من شأنه أن يساهم في فتح الاقتصاد".

وانطلقت حملة التلقيح في لبنان في 14 فبراير/ شباط الماضي، واستهدفت في المراحل الأولى العاملين الصحيّين في الخطوط الأمامية، كبار السن، والمصابين بأمراضٍ مزمنة، واعتُمد خلالها لقاح "فايزر" الأميركي، قبل أن تبدأ لقاحات أخرى بالتوافد تباعاً ومنها عبر القطاع الخاص، الذي استطاع تأمين وصول اللقاح الروسي "سبوتنيك في" لكن بشكل غير مجاني، وذلك كله لتسريع العملية بهدف الوصول إلى المناعة المجتمعية اللازمة.

وأمس الثلاثاء، أطلق وزيرا الصحة العامة والتربية في حكومة تصريف الأعمال، حمد حسن وطارق المجذوب، حملة تلقيح الأساتذة والموظفين والطلاب في الجامعة اللبنانية، في محطةٍ ثانية بعد الأولى التي انطلقت منذ أسابيع لتلقيح أساتذة صفوف الشهادات الثانوية، الأمر الذي أدّى إلى اتخاذ قرار باستئناف نشاط القطاع التربوي والعودة إلى التدريس المدمج. في حين بدأت مرحلة تلقيح الصحافيين والجسم الإعلامي الذي خُصِّصَ له لقاح "أسترازينيكا".

وأشار وزير الصحة إلى أنه في "يونيو/ حزيران المقبل، ومع وصول أكثر من مليون جرعة من لقاح أسترازينيكا وأكثر من مليون جرعة من لقاح فايزر، سنكون بأمسّ الحاجة إلى مراكز الجامعة اللبنانية، لأننا سنذهب إلى التمنيع المجتمعي حتى من خارج المنصة، لأنّ هناك من يواجه صعوبة في التسجيل وتحديد التوقيت، ولا سيما في الأرياف". وأعلن أنّ هذا السيناريو من شأنه أنّ يساهم في الوصول إلى "ستين أو سبعين في المائة من المناعة المجتمعية المنشودة في شهر يونيو".