تحذير من زيادة الإدمان على الألعاب الإلكترونية

27 أكتوبر 2021
يصعب على الأهل أحياناً تحديد ساعات اللعب (برونو فاهي/ فرانس برس)
+ الخط -

أدرك الكندي كام أدير (32 عاماً) أن إدمانه الألعاب الإلكترونية كان خارج قدرته على السيطرة، في اللحظة التي بدأ يفكر فيها في إنهاء حياته. يقول، كما نقلت عنه شبكة "بي بي سي" الإخبارية البريطانية: "أدمنت ألعاب الفيديو لمدة 10 سنوات، وتركت المدرسة الثانوية ولم ألتحق بالجامعة مطلقاً. تظاهرت بالعمل من أجل عائلتي، حتى أتمكن من إمضاء أكبر وقت ممكن على ألعاب الإلكترونية".
حاول أدير الانتحار، وكتب رسالة قال فيها إنه قضى 3860 يوماً في عالمه الخاص مع الألعاب الإلكترونية. اعترف بأنّه يحتاج إلى المساعدة للخروج من هذا النفق. وبالفعل، تمكن بفضل مساعدة اجتماعية من التخلص من هذا الإدمان. يقول: "طلبت المساعدة لأنقذ حياتي. كنت مخادعاً ومنغلقاً ومعزولاً وعدائياً. في الوقت الحالي، أنا سعيد وقادر على التعامل مع ضغوط الحياة". وأسّس أدير Game Quitters (لعبة المقلعين)، وهي مجموعة دعم عبر الإنترنت لمدمني الألعاب الإلكترونية، وقد جذب أكثر من 75.000 عضو حول العالم.
مع تفشي فيروس كورونا الجديد، ساعدت التكنولوجيا في استمرار الأعمال خلال عمليات الإغلاق. في الوقت نفسه، ساهمت في تدمير الكثير من الأشخاص. يقول أدير: "قادني الوباء إلى قضاء وقت أطول من المعتاد في مشاهدة Twitch (منصة بث مرئية تركز على الألعاب الإلكترونية وحل ألغازها التي يقدمها المستخدمون، وبث مسابقات الرياضة الإلكترونية، وغير ذلك من الأحداث المتعلقة بالألعاب ويوتيوب)، ووجدت أن الكثير من محتوى يوتيوب هو عبارة عن ألعاب، الأمر الذي يحفز على المزيد من اللعب. لحسن الحظ نجوت".
تصف المكتبة الوطنية للطب (NLM)، التي تديرها الحكومة الفيدرالية للولايات المتحدة، وتتبع معاهد الصحة الوطنية الأميركية، وتعد أكبر مكتبة طبية في العالم، إذ تضم أكثر من سبعة ملايين كتاب ومخطوطة ومجلة وميكروفيلم وصورة، الإكثار من الألعاب الإلكترونية بـ "إدمان الإنترنت". وهو أحد أنواع الإدمان السلوكي، مثل إدمان الإباحية وألعاب الفيديو، كما أنه اضطراب مرضي يحدث للأشخاص الذين يقضون ساعات طويلة غير مجدية أمام شاشات الحواسيب والهواتف الذكية ويكون من الصعب الابتعاد عنها.  

في هذا السياق، يقول طبيب الأعصاب والخبير في الإدمان الرقمي، أندرو دوان، إن عمليات الإغلاق أدت إلى تفاقم المشكلة. يضيف أن "ضغوط الحياة تدفع إلى البحث عن وسائل للهرب، وقد ساهم الوباء في زيادة التوتر في حياة الناس. لذلك، لجأ كثيرون إلى الوسائط الرقمية الترفيهية، مثل ألعاب الفيديو ووسائل التواصل".
وللمساعدة في مكافحة إدمان الإنترنت، أنتجت شركات تكنولوجية أدوات يمكن استخدامها للمساعدة في حظر أو تقييد الوصول إلى المواقع الألعاب. و"لاينوايز" (Linewize) أحد هذه المنتجات التي تستهدف الأطفال والأهل ومقدمي الرعاية، ويتيح لهم تحديد ومراقبة الوقت الذي يمكن للأطفال قضاءه على الإنترنت. كما يمكّن من اللجوء إلى أدوات الرقابة الأبوية التي تمنع الوصول إلى المواد الإباحية والعنفية.
ترى المتخصصة في علم النفس والخبيرة في الصحة الرقمية، تيودورا بافكفيك، أن الشباب على وجه الخصوص معرضون لقضاء الكثير من الوقت على الإنترنت، وهذا أمر خطير إذ لم يتم تقييده أو تحديد الوقت. تضيف: "تتطلب إدارة الوقت عبر الإنترنت اعتماد أسلوب رقمي صحي ومتوازن ومهارات معرفية متطورة للغاية والتي لا تتطور بشكل كامل قبل بلوغ سن الـ 25 عاماً". وبالنسبة للبالغين، يمكن أن يؤدي إدمان الإنترنت إلى إدمان القمار، نتيجة اللجوء إلى تطبيقات الرهانات.  

وطوّر موقع آخر يهدف إلى منع الأطفال والشباب من المقامرة. يعتبر تطبيق BetBlocker الذي يسمح للأشخاص بحظر وصولهم إلى عشرات الآلاف من مواقع وتطبيقات المقامرة لفترة زمنية يحددها المستخدم، من أفضل التطبيقات لمعالجة إدمان القمار. بمجرد تنشيط التقييد، لا يمكن للشخص الوصول إلى منصات المقامرة حتى انتهاء صلاحية القيد. ويقول مؤسس "بيت بلوكر" دوغان غارفي، إن سهولة الوصول إلى ألعاب القمار عبر الإنترنت هي بلا شك أكبر تحد يواجهه أي شخص مدمن على القمار اليوم". ويمكن حظر مواقع المقامرة لساعات أو أيام أو أسابيع. كما يمكن للأشخاص أيضاً استخدام التطبيق لحظر مواقع أخرى مثل الألعاب الإلكترونية".

كذلك يمكن استخدام تطبيق "غام بلوك (GamBlock) لمنع الوصول إلى مواقع القمار، مع الإشارة إلى أنه يستخدم على نطاق واسع. ويقول الرئيس التنفيذي للشركة الأسترالية التي أطلقته، ديفيد وار: "لسنا مناهضين للقمار، بل هدفنا ينصب على مساعدة المقامرين الذين يعانون من مشاكل".
ويخشى الخبراء ارتفاع حدة الإدمان مستقبلاً نظراً إلى الوقت الذي يقضيه الأشخاص على الإنترنت. بالتالي سيكون هناك ارتفاع في نسبة الإدمان على ألعاب الفيديو والإنترنت. مع ذلك، يأمل أدير في أن تلعب شركات التكنولوجيا دوراً مهماً للمساعدة في الحد من المشكلة.

المساهمون