تحديد متحور أكثر حدة لفيروس الإيدز في هولندا

04 فبراير 2022
اكتشاف علمي نادر ينبغي ألا يثير الخوف (Getty)
+ الخط -

حدّد باحثون متحوراً أكثر قوة لفيروس "إتش آي في" المسبب لمرض الإيدز بدأ ينتشر في هولندا في تسعينيات القرن الماضي، في اكتشاف علمي نادر ينبغي ألا يثير الخوف بسبب العلاجات المتوافرة، بحسب ما أكدوا.

وشدد كريس وايمانت، الباحث واختصاصي علم الأوبئة في جامعة أكسفورد، على أنّ هذا المتحور يتجاوب مع العلاجات المتاحة راهناً، وانتشاره يتراجع منذ عام 2010.

وأكّد المعدّ الرئيسي للدراسة التي نشرت في مجلة "ساينس" العلمية: "لا داعي للهلع".

إلا أن هذا الاكتشاف قد يساعد في فهم أفضل لفيروس "إتش آي في" وكيفية مهاجمته للخلايا.

وتظهر هذه الأعمال أيضاً أنّ أي فيروس يمكنه أن يتطور ويصبح أكثر حدة، وهي فرضية علمية أجريت عليها دراسات واسعة على الصعيد النظري من دون أن تتوافر أمثلة كثيرة عنها حتى الآن.

وكان المتحور دلتا من فيروس كورونا مثالاً أخيراً على هذه الفرضية.

وحدد الباحثون 109 أشخاص مصابين بهذا المتحور، من بينهم أربعة فقط خارج هولندا، في بلجيكا وسويسرا.

وكانت غالبية هؤلاء من الرجال الذين يقيمون علاقات مثلية وبعمر مماثل للأشخاص الذين يصابون بالفيروس عموماً.

تظهر هذه الأعمال أيضاً أنّ أي فيروس يمكنه أن يتطور ويصبح أكثر حدة، وهي فرضية علمية أجريت عليها دراسات واسعة على الصعيد النظري من دون أن تتوافر أمثلة كثيرة عنها حتى الآن

وتطور المتحور نهاية الثمانينيات وخلال التسعينيات، وباتت عدواه تنتقل بسرعة في مطلع الألفية. وهو يتراجع منذ عام 2010، على الأرجح بفضل جهود هولندا في مكافحة هذا المرض.

وسمي المتحور "في بي" (VB).

500 تحول 

يسجل فيروس "إتش آي في" تطوراً مستمراً، بحيث إن كل مصاب يحمل نسخة مختلفة بشكل طفيف عن مصاب آخر، ولا يكون لذلك أهمية كبرى عادة. إلا أن المتحور المكتشف يتضمن أكثر من 500 تحول.

وأوضح كريس وايمانت أن "رصد متحور جديد أمر طبيعي، لكن إيجاد متحور جديد مع خصائص غير اعتيادية ليس طبيعياً، خصوصاً مع حدة أكبر".

وحدّد أول شخص يحمل هذا المتحور في إطار الدراسة في عام 1992 والأخير في عام 2014. إلا أن باحثين آخرين حددوا بعض الأشخاص الآخرين المصابين به في وقت لاحق.

وبعد تلقي هؤلاء الأشخاص العلاج المناسب لم يظهروا أي خطر لإصابتهم بمضاعفات أكثر من المصابين الآخرين. لكن ما مرد حدة الفيروس الأكبر هذه؟

يقاس تطور المرض عموماً من خلال عدد الخلايا اللمفاوية التائية "سي دي 4" في الجسم، إذ يستهدف الفيروس هذه الخلايا من النظام المناعي.

وتبين أن من أصيبوا بالمتحور لديهم عدد أقل من "سي دي 4" مقارنة بالآخرين لدى التشخيص مع تراجع أسرع بمرتين أيضاً.

واستناداً إلى حسابات الباحثين، فإن المصاب بالمتحور في حال عدم تلقيه العلاج، سيصل إلى عتبة 350 خلية لمفاوية تائية "سي دي 4" لكل ميكروليتر في الدم في غضون تسعة أشهر في مقابل ثلاث سنوات للمرضى الآخرين.

وكانت الشحنة الفيروسية، أي كمية الفيروس في الدم لدى المصابين بهذا المتحور، أعلى بشكل كبير أيضاً.

وإضافة إلى حدة المتحور، أظهر الباحثون أن سرعة انتقال العدوى أكبر أيضاً. وقد درسوا في هذا الإطار العوامل المشتركة بين النسخ المختلفة للفيروس لدى المرضى المصابين.

وتبين أن النسخ كثيرة التشابه، ما يدفع إلى الظن أن الوقت الكافي لم يكن متاحاً للفيروس لإحداث تحولات قبل أن ينتقل من شخص إلى آخر.

فحوص التشخيص مهمة

وأورد عالم الأوبئة كريستوفر فرايزر، أحد معدّي الدراسة: "تظهر نتائجنا أهمية (..) خضوع الأشخاص المعرضين أكثر من غيرهم للإصابة بانتظام لفحوص للسماح بتشخيص مبكر يليه علاج سريع".

ويقف هذا الباحث وراء مشروع "بيهايف" الذي يجمع بيانات عن مرضى في ثماني دول، من بينها هولندا. واستخدمت هذه البيانات في الدراسة وسمحت بهذا الاكتشاف.

واستحدث هذا المشروع في عام 2014 لتحليل إلى أي حد يمكن لتحولات الفيروس أن تؤثر على المرض الذي يصاب به الشخص.

وفي الماضي، كان الفرق في خطورة المرض من شخص لآخر يعزى فقط إلى قدرة النظام المناعي على التصدي.

وتعذر على الباحثين معرفة أي من تحولات الفيروس مسؤول عن حدة المتحورة "في بي" الأكبر وتحديد آلية حصول ذلك. لكنهم يأملون أن يتمكنوا من ذلك في دراسات مقبلة.

وقال كريس وايمانت: "يشكل الاكتشاف تنبيهاً. علينا ألا نعتبر أن الفيروس سيتطور ليصبح أقل خطورة".

وقد تفيد هذه الخلاصة في إطار النقاشات الحالية حول كوفيد-19.

(فرانس برس)

المساهمون