تحديات لقاح كورونا: كيف يمكن طمأنة كبار السن؟

16 ديسمبر 2020
خضع عدد من المسنين لتجارب (Getty)
+ الخط -

يبدو أن لقاحي فيروس كورونا (موديرنا وفيتزر) يعملان بشكل جيد مع المتطوّعين المسنين التجريبيين، بحسب شهادات العديد من المسنين.

فرانك برونو، أحد كبار السن الأميركيين، يشرح لصحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية تفاصيل تطوعه لخوض التجربة السريرية الخاصة بلقاح فيروس كورونا. الرجل البالغ من العمر 95 عاماً، وبالكاد يستطيع أن يرى أو يسمع، يؤكد أنه غير خائف بفضل لقاح فيروس كورونا، لأن اللقاح صارم وفعّال، بحسب وصفه.

تطوع برونو، وهو فنان ومن قدامى المحاربين في الحرب العالمية الثانية، في تجربة شركة موديرنا السريرية فقط لأن ابن أخيه كان يفعل ذلك. كان يعتقد أنه قد يكون قد تلقى اللقاح وليس دواءً وهمياً لأن لديه بعض الآثار الجانبية الخفيفة، أصبح على يقين بعد أن أثبتت إصابته بالأجسام المضادة بأنه تناول الجرعة الصحيحة من اللقاح. ويسأل "لا أفهم لماذا يخاف الناس من اللقاح، إذ لم أشعر بآثار جانبية".

يلعب برونو والأميركيون الأكبر سناً مثله دوراً محورياً في نجاح حملة التطعيم التي يتم نشرها الآن في جميع أنحاء الولايات المتحدة، لأنهم الفئة العمرية الأكثر عرضة للدخول إلى المستشفى والموت بسبب الفيروس، والأقل احتمالية لحشد استجابة مناعية قوية.

استجابة قوية

في بعض الولايات، توفي ما يقارب 40 % بسبب فيروس كورونا، معظمهم من سكان دور رعاية المسنين. ولهذا السبب أوصت لجنة استشارية من مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها بإعطاء لقاح فيتزر أولاً لما يقرب من ثلاثة ملايين من سكان دور الرعاية طويلة الأجل. لكن إحدى أعضاء اللجنة، الدكتورة هيلين كيب تالبوت، صوّتت ضد التوصية، قائلة "إن اللقاحات لم يتم اختبارها بشكل كافٍ في المجموعات السكانية الضعيفة، وإنّ النتائج الطبية السيئة التي تتزامن مع التحصين، الشائع في تلك الفئة العمرية، يمكن أن تقوّض ثقة الجمهور في اللقاح الجديد".

في المقابل، قال خبراء آخرون في اللجنة إنّ جميع الأدلة المتاحة تشير إلى أن اللقاح آمن وفعال لسكان دار رعاية المسنين والأميركيين الأكبر سناً بشكل عام.

يقول الدكتور ستانلي بيرلمان، اختصاصي المناعة في جامعة أيوا وعضو في اللجان الاستشارية للقاحات في مركز السيطرة على الأمراض والوقاية منها: "يبدو أن اللقاح يعمل جيداً حتى في الفئات العمرية الكبيرة جداً".

كان هناك سبب ما يدفع العلماء إلى التساؤل عما إذا كان لقاح فيروس كورونا قد لا يعمل بشكل جيد مع كبار السن. فمع تقدم الناس في السن، تضعف الدفاعات الجسدية ضد مسببات الأمراض، كما تتعثر الاستجابة للقاحات.

وربما ما يعزز فرضية أن اللقاحات لا تعمل مع كبار السن هو إعلان شركتي الأدوية سانوفي وجلاكسو سميث كلاين يوم الجمعة الماضي أن لقاحهما لا يعمل بشكل جيد لدى كبار السن، لأن الجرعة كانت منخفضة للغاية لتوليد استجابة مناعية كافية لدى هؤلاء السكان.

 

مخاطر مرتفعة

"بالنسبة للكثيرين، يمكن أن تتضاءل الاستجابة المناعية أو تضعف أو تتأخر في بعض الأحيان"، بحسب ما تراه الدكتورة شارون إينوي، اختصاصية أمراض الشيخوخة في كلية الطب بجامعة هارفارد.

وتقول "إن والدتها البالغة من العمر 91 عاماً، والتي تعيش في منشأة معيشية مدعومة، لا تزال تلعب البيانو وتمارس الرياضة بانتظام، ومع ذلك، فإن عمر والدتها وحالتها الطبية وظروفها المعيشية تعرضها "لخطر كبير جداً للإصابة بكوفيد 19".

وأضافت: "نحن نشعر بقلق شديد عليها كل يوم، وأعتقد فقط أن خطر إصابتها بفيروس كورونا أعلى بكثير من خطر الآثار الجانبية، والذي نعلم أنه سيكون نادراً جداً".

ابتكر العلماء حلولاً بديلة عن طريق زيادة تحميل اللقاحات بالبروتينات الفيروسية التي تثير استجابة مناعية أو تزويدها بالمواد المساعدة؛ وهي مواد كيميائية تقوي الاستجابة المناعية.

يقول الدكتور ستانلي بيرلمان، اختصاصي المناعة في جامعة أيوا: "هذا هو السبب في أن لقاحاً يحتوي على مضادات أكثر مما يحتويه لقاح جدري الماء".

لم تقدم شركتا فيتزر وموديرنا إحصاءات بشأن فعالية لقاحاتهما لدى الأشخاص الذين تزيد أعمارهم عن 80 عاماً، لكن البيانات تظهر أن اللقاحات قد حققت أداء جيداً لدى جميع المتطوعين فوق سن 65 عاماً.

لا يخفي الدكتور تيموثي فاريل، اختصاصي أمراض الشيخوخة بجامعة يوتا، أنه فوجئ بالنتيجة، معبّراً عن سعادته بفاعلية اللقاحات لدى هذه المجموعة.

بحسب فاريل "هناك خطر واضح وقائم من كوفيد 19، وهناك عزلة اجتماعية، نحن نعلم أن هذا عامل خطر مستقل للوفاة، أقوى من الأمراض المزمنة الفردية".

 

تجارب مختلفة

الخوف من الآثار الجانبية ردع زوجة جيفري بالكند عن التطوع في تجارب اللقاح، لكن بالكند البالغ من العمر 74 عاماً، الذي انزلق إلى الموت مرتين؛ مرة خلال عملية اختطاف استمرت 13 يوماً في باكستان في عام 1981، ومرة أخرى قبل ثلاث سنوات عندما تحطمت طائرة فيسبا، لا يشعر بأي خوف.

يقول بالكند: "عندما تخوض تجربة الموت مرتين، فإن فكرة التطوع في تجربة لقاح لا تثير أي قلق أو خوف".

لم يعان بالكند أي آثار جانبية بعد أن تلقّى الجرعة الأولى، مما جعله يعتقد أنه حصل على الدواء الوهمي. يحاول الآن معرفة ما إذا كان يمكنه التأهل للحصول على اللقاح جنباً إلى جنب مع متطوعين آخرين تلقوا أدوية وهمية.

من جهتها، ترى ماهين إبراني؛ 79 عاماً، أن الآثار الجانبية كانت مقلقة بالنسبة لها، وتقول: لم يقنعني أحد من أحفادي؛ خمسة منهم من المهنيين الطبيين، بخلاف ذلك".

وتضيف "في كل مرة أحصل فيها على لقاح الإنفلونزا، أشعر بتوعك لمدة ثلاثة أيام، مع صداع وإرهاق شديد".

لا شك في أن الوصول إلى مرضى مثل السيدة إبراني، بالإضافة إلى العديد من كبار السن الذين يقيمون في منازلهم في وحدات سكنية مدعومة أو المناطق الريفية الذين من غير المرجح أن يصطفوا في المراكز للحصول على اللقاح، سيتطلب تنسيقاً وثيقاً بين حكومات الولايات والحكومات المحلية - وأطباء الشيخوخة، حتى يتمكنوا من الحصول على اللقاح.

المساهمون