- تم التأكيد على أهمية بناء مؤسسات قوية لمواجهة التحديات مثل الصراعات الإقليمية والفساد، وضرورة التكامل العربي لتحقيق التنمية المستدامة، مع الإشارة إلى نماذج عربية ناجحة.
- خلال المؤتمر، تم تقديم دراسات حول الحوكمة وأهداف التنمية المستدامة، مؤكداً على أهمية الاستقرار السياسي وممارسات الحوكمة الفعالة لتحقيق التنمية الاقتصادية ومواجهة التحديات مثل الفساد.
انطلقت في العاصمة القطرية الدوحة، الأحد، أعمال مؤتمر "المؤسسات والتنمية في الدول العربية: التحديات والفرص"، والذي ينظمه المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات بالشراكة مع المعهد العربي للتخطيط في الكويت، بمشاركة 37 باحثاً عربياً، يناقشون الأزمات ويتبادلون الخبرات على مدار ثلاثة أيام.
يضم المؤتمر عدداً من الجلسات التي تناقش الإصلاح المؤسسي، والارتقاء بالأداء الحكومي، والتنمية الاقتصادية، والتنويع الاقتصادي، والنمذجة التنموية، ومتطلبات الاستدامة، ومجابهة تداعيات تغير المناخ، والقيادة، كما تتطرق إلى الابتكار والتكنولوجيا، وتعزيز شراكات المجتمع والدولة، والدفع بأدوار المؤسسات الأهلية والخاصة في التنمية، والتمويل الإنمائي، والإعمار بعد النزاعات، والإدارة الرشيدة للموارد المائية، والطاقة والعمران، ومكافحة الفساد، وحوكمة مؤسسات التعليم، وحوكمة العمل الأهلي.
ويهدف المؤتمر إلى تعزيز الروح الأكاديمية، وتلاقي الباحثين العرب المعنيين بقضايا المنطقة على أفكار واتجاهات علمية تساهم في تعزيز الإنماء العربي، وخاصة في قضاياه الأشد إلحاحاً، وخدمة غايات وطنية معتبرة، على رأسها إصلاح المؤسسات العامة والتنمية الاقتصادية، وتحديث الهيئات التنموية وتحسينها باستخدام آليات الحوكمة والاستدامة والمعايير المعبرة عن استحقاقات المواطن العربي وأولوياته المستقبلية.
وقال مدير المعهد العربي للتخطيط في الكويت، عبد الله الشامي، لـ"العربي الجديد"، إن "هناك معوقات داخلية وخارجية تواجه التنمية في العالم العربي، أبرزها الصراعات التي تشهدها المنطقة، فضلاً عن ضعف المؤسسات العربية، إذ لا يمكن لمؤسسات ضعيفة أن تنجح في تحقيق التنمية، والفارق بين الدول العربية ونظيراتها الغربية هو قوة المؤسسات". داعياً إلى "إيجاد مؤسسات عربية قوية للتغلب على معوقات التنمية". وطالب الشامي بتعزيز وتقوية دور المؤسسات العربية كي تستطيع مواجهة الفساد، وضرورة التكامل بين الدول العربية المتجانسة في اللغة والدين والثقافة لتحقيق أهداف التنمية، مؤكداً أن "الصورة ليست قاتمة تماماً، فهناك نماذج عربية مشرقة في مجال التنمية، ويكمن الفارق في قدرة المؤسسات على مواجهة التحديات، وحينما تكون المؤسسات قوية ستكون حتماً قادرة على تحقيق الأهداف".
وكشفت دراسة تطبيقية بشأن الحوكمة وأهداف التنمية المستدامة في الدول العربية، أن الربيع العربي أدى إلى تغيرات جوهرية في سياسات الحكومات العربية، واستجابتها للخطط التنموية، وأكدت الدراسة التي أعدها الباحثان مصعب موسى وأحمد القصار، أن "الاقتصاد لا يصل إلى مستويات التشغيل المثلى من دون وجود استقرار سياسي"، وطالبت الدول العربية بالعمل على "تفعيل ممارسات الحوكمة كونها تمثل إحدى الآليات التنموية، وليست نوعاً من الرفاهية"، كما أوصت الدراسة التي عرضها موسى خلال الجلسة الأولى للمؤتمر، بـ"إطلاق مؤشر عربي خاص بالحوكمة، يراعي خصوصية المنطقة الاقتصادية والاجتماعية، ويقيس بشكل فعال مدى تطبيق ممارسات الحوكمة، والفجوات القائمة التي تحتاج إلى معالجة للوصول إلى أهداف التنمية المستدامة".
وقدم أستاذ التعليم العالي في جامعة القاضي عياض في مراكش المغربية، إبراهيم المرشيد، تحليلاً من منظور الاقتصاد الجديد حول إدماج المؤسسات غير الرسمية في استراتيجيات التنمية العربية، بيّن فيها أن "المؤسسات الرسمية المستوردة فشلت في فرض نفسها بسبب عدم توافقها مع البيئة الاجتماعية والثقافية القائمة، وينبغي العمل على تقويم المسار المؤسسي العربي ليصبح دوره خدمة التنمية". وتطرق المرشيد إلى منهج الاقتصاد المؤسسي الجديد الذي يولي القواعد الاجتماعية والسياسية والاقتصادية والثقافية أهمية كبيرة، ويهتم بفهم مسارات التنمية على المدى الطويل، مؤكداً أن "تعثر الاستراتيجيات التنموية في معظم الأقطار العربية يجد أسبابه في اختلالات مؤسسية ناجمة عن ضعف مستوى الاندماج بين المؤسسات الرسمية والمؤسسات غير الرسمية، وأن معظم الإصلاحات بدت مستمدة من سياقات اجتماعية وثقافية لا تتكيف مع الأوضاع والظروف التي يعيشها المجتمع العربي، ولا مع إرثه"، مشددا على أن نوعية المؤسسات غير الرسمية "تعد المعيار الذي يوجه السلوك الاقتصادي للأفراد، ويحدد مدى انخراطهم في خلق الثروة".
وقال الأستاذ المشارك في معهد الدوحة للدراسات العليا، موسى العفري، لـ "العربي الجديد"، إن "مخرجات كثير من الدول العربية ما زالت ضعيفة، وهناك معوقات كثيرة تحول دون تحقيق مستويات مقبولة من التنمية، أبرزها العلاقات بين المؤسسات الرسمية والمؤسسات غير الرسمية، إذ فشلت خطط الإصلاح في الدول ذات البيئة القبلية رغم الميزانيات الكبيرة التي خصصت لها". وأشار العفري إلى المبالغ الكبيرة التي أخرجت من دورة التنمية في الدول العربية بسبب الفساد، وقال إنه "لو تم استغلال هذه الأموال داخل البلاد لعادت بفائدة كبيرة على خطط التنمية، لكن إخراجها تسبب في عبء كبير على اقتصاديات الدول".