تجمعات في عقارب التونسية للتنديد بعدم حلّ أزمة مكب النفايات

17 نوفمبر 2021
يتمسكون بغلق ملف المكب (Getty)
+ الخط -

تجمّع عدد من سكّان منطقة عقارب، التابعة لمحافظة صفاقس وسط شرق تونس، مساء اليوم الأربعاء، للتنديد بمقترحات وزارة البيئة وعدم اتخاذ رئيس الجمهورية لقرار غلق المكبّ نهائياً. 

ورغم الهدوء النسبي الذي ميّز الجهة، خلال الأيام القليلة الماضية، خاصة بعد تدخّل رئيس الجمهورية، قيس سعيد، لحلحلة الأزمة ووقف المواجهات بين الأهالي وقوات الأمن، إلاّ أنّ أهالي عقارب، عبّروا الأربعاء عن صدمتهم من محاولة إعادة فتح المكبّ.

وقال الناشط بالمجتمع المدني بعقارب، عبد الحليم بن عبد الله، في تصريح لـ"العربي الجديد" إنّ هناك "صدمة في عقارب بعد لقاء اليوم (الأربعاء)، الذي جمع رئيس الجمهورية قيس سعيد ووزيرة البيئة ونشطاء عن عقارب، حيث أنّ أغلب المقترحات كانت تصبّ في اتجاه إعادة فتح المكبّ". وأضاف أنّ "عقارب تحمّلت 14عاماً وقدّمت عدة تضحيات وعاشت على وقع أزمة خلقها مكبّ غير مراقب يضمّ جلّ أنواع النفايات، حتى الطبية والممنوعة منها، وهي غير مستعدّة للتحمّل أكثر". وأشار إلى أنّ "الدولة لم تقدم شيئاً لعقارب ولم تتولّ حلّ المشكلة".

وأوضح المتحدث أنّ "ذنب هذه المنطقة التي يسكنها 45 ألف مواطن أنّها تحوّلت إلى مكبّ للنفايات، وأنّ سكّان الجهة يشعرون اليوم بالخيبة وبضرورة وقوف تونس مع الجهة". واعتبر أنّ ما حصل "إهانة أخرى لعقارب بعد فتح المكبّ بالقوة"، مضيفاً أنّ "وزيرة البيئة كانت قد صرّحت خلال زيارتها إلى صفاقس سابقاً أنه لا مجال لفتح المكبّ دون رضا الأهالي، ولكن يبدو أن لا حلول للوزارة ولا رؤية في هذا الملف".

وأشار بن عبدالله إلى أنهم "بصدد التباحث حول التحرّكات القادمة والتي ستكون سلمية، وقد تكون ثقافية وهادفة، أي من خلال تظاهرات تدافع عن القضايا البيئية أو في شكل هجرة جماعية أو لجوء بيئي لكي تصل رسالة سكّان عقارب".

وكان الرئيس التونسي، قيس سعيّد، قد استقبل، مساء أمس الثلاثاء، بقصر قرطاج، وزيرة البيئة، ليلى الشيخاوي ونشطاء من المجتمع المدني من مدينة عقارب، وانتهى اللقاء دون الوصول إلى حلّ يُذكر، بحسب ممثلي الأهالي.

وذكرت صفحة رئاسة الجمهورية، أنّ اللقاء تناول الوضع البيئي في مدينة عقارب والجهود المبذولة لإيجاد حلول آنية ومتوسطة المدى ونهائية للمخاطر التي تحفّ بالمواطنين في كل الجهات، وتمّ التطرّق إلى المشاريع التي أعدّتها شركات تونسية وأجنبية في الغرض والتي ستتولى وزارة البيئة دراستها وإيجاد التمويلات الضرورية لها لمعالجة النفايات حسب المقاييس الدولية.

وأكّد سعيّد، أن" ملف النفايات لا يهمّ مدينة عقارب فقط ولكنه يشمل عدّة مناطق أخرى، وأن الحلول تكون على المستويين المحلّي والجهوي ولا بدّ أن تنصهر في إطار برنامج وطني شامل، مشيراً إلى أنه لا مجال للتفريق بين جهة وأخرى وأن الجميع سواسية في الحقوق والواجبات". 

ونبّه إلى أن هناك "من يسعون إلى استغلال الأوضاع الراهنة للاستفادة منها سياسياً بالرغم من أنه لم يفوا بالعهود التي قطعوها لمّا تداولوا على السلطة وهم يحاولون التحرك، اليوم، ليس من أجل التوصل إلى حلول بل بغاية بثّ التفرقة بين الجهات وتغذية الاحتقان".

ويرى الناشط بحراك "مانيش مصب" (لستُ مكباً)، وأحد المشاركين في اللقاء، مأمون العجمي، في تصريح لـ"العربي الجديد" أنهم "عادوا إلى نقطة البداية بسبب تمسك وزارة البيئة ووكالة التصرف في النفايات بإعادة فتح المصب خشية حصول خسائر مادية"، مؤكداً أنهم "كممثلين عن الأهالي بعقارب، يرفضون هذا الحل"، مشيراً إلى أنه" اقترح شخصياً البحث عن مكب يبعد 50 كلم عن الجهة ولو بصفة مؤقتة".

وأشار إلى أن سعيّد "اقترح خلال هذا اللقاء خيار تثمين النفايات بدل الردم (الطمر)".

وبيّن المتحدث أنهم" التقوا وزيرة البيئة في مقر الوزارة قبل ذلك ورفضوا المقترحات المعروضة، لأن مطلبهم هو الغلق ولا رجوع في ذلك، خاصة في ظل وجود قرار قضائي واتفاقية في الغرض"، مؤكداً أنهم "يأملون صدور قرار من قبل رئيس الجمهورية بالغلق النهائي لمكب عقارب لينتهي الملف". 

وقال الناشط بالمجتمع المدني من عقارب، شكري البحري، والذي مُنع من دخول اللقاء مع الرئيس بسبب قميص يحمل شعار "مانيش مصب"، في تصريح لـ"العربي الجديد " إنه "حضر بالقميص نفسه اللقاء السابق مع رئيس الجمهورية ولكن هذه المرة مُنع من الحضور بحجة أن القميص لا يتناسب والبروتوكول"، مضيفاً أنهم "يرفضون الحلول التي اقترحتها وزارة البيئة وهي إعادة فتح المكب"، مؤكداً أنه "منذ 2017 ووزارة البيئة تجتر الحلول نفسها، وهي توسعة المكب والتغطية على الفشل وتجميد الحلول والمبادرات المقدمة".

وأشار إلى أن" الرئيس غير ملمّ بالشكل الكافي بهذا الملف الكبير والذي يجب أن يعالج بطرق جذرية وهيكلية" بحسب قوله.

وأوضح البحري أن "الإشكال لا يتعلق بمكب نفايات بل بوجود عصابات تستثمر في النفايات ولا تريد خيراً لتونس ولا الحقوق الدستورية للمواطنين ولا الحياة لهم"، مبيناً أنهم "اقترحوا حلولاً بديلة بعيداً عن مكب عقارب الذي تتمسك به سلطة الإشراف".

وقال المتحدث إن "سعيد ما فتئ يشير إلى أن البعض يتاجر بالوضع البيئي، ولكنهم ليسوا مع هؤلاء ولن يكونوا طرفاً مع أيّ كان، بل هم مجرد أهال يدافعون عن حقهم في بيئة نظيفة"، مضيفاً أن "حراكهم سلمي وثقافي وديمقراطي، وليسوا مستعدين لكي يتاجر بهم أي طرف أو يستغل تحركاتهم خدمة للوبيات، ولكن إذا  لم تحترم الدولة القانون وقرارات المؤسسات والاتفاقيات آنذاك سيكون السؤال إلى أين تسير تونس؟".

وأضاف: "ندعو مجدداً رئيس الجمهورية لإعادة النظر في ملف النفايات ليس في عقارب بل في كل تونس، فالاحتجاجات قادمة في مناطق أخرى خاصة وأن تجربة عقارب فاشلة وقاتلة، فقد عانوا طيلة 14عاماً من الموت الممنهج ومن الوعود الزائفة والخطط الفاشلة وهذا لا يجب أن يتكرر في أي منطقة".  

وأشار إلى أن "منظومة الردم قديمة ولم تعد مستعملة في أغلب البلدان وهناك تقنيات أخرى يمكن استعمالها"، مضيفاً أن "الشفافية والحوار مع المواطنين هو الحل لكي تعود الثقة في المؤسسات، وفي غياب ذلك سيكون الصراع والاحتقان".

المساهمون