تجديد الغابات المحروقة: مهمة صعبة أمام جمعيات تونسية في غياب الأمطار

23 ديسمبر 2022
تسجل تونس هذا العام ارتفاعاً في درجات الحرارة لم تعرفها البلاد منذ 70 عاماً (الأناضول)
+ الخط -

يعرقل نقص الأمطار في تونس جهود المنظمات المدنية في إعادة تشجير المناطق المتضررة من موجات الحرائق وبلوغ هدف زراعة مليون شجرة جديدة هذا العام، في حين تتصاعد تأثيرات الجفاف والتغيرات المناخية على حياة المواطنين، ولا سيما منهم ساكني مناطق الغابات.

وتسجل تونس هذا العام ارتفاعا قياسيا في درجات الحرارة لم تعرفها البلاد منذ 70 عاما، كما تراجعت نسبة التعبئة في سدود البلاد إلى 32 بالمائة من طاقتها، ما يجعل من تجديد الغطاء الغابي المتضرر من الحرائق مهمة صعبة للمنظمات المنخرطة في الجهود الوطنية للتشجير.

ومنذ العام الماضي، بدأت منظمات مدنية، بالتنسيق مع دوائر حكومية، خطة متوسطة المدى لغراسة ملايين الأشجار، بهدف ترميم الغطاء النباتي المتضرر من موجات الحرائق الصيفية، غير أن نقص الأمطار تسبب هذا العام في تأخر موسم الغراسة، الذي ينطلق عادة في شهر أكتوبر/ تشرين الأول بعد تهيئة الأمطار الخريفية المساحات المحددة للزراعة.

شهدت تونس، خلال الموسم الماضي صيفا شديدا الحرارة صنف كثاني صيف أشدّ حرارة منذ عام 1950

ويقول المتحدث باسم شبكة تونس الخضراء (مجموعة جمعيات بيئية) حسام حمدي إن "موسم التشجير انطلق متأخرا بنحو أربعة أسابيع هذا العام، رغم توفر كل الإمكانيات المادية والبشرية لإتمام خطة التشجير الوطنية" .

وأكّد حمدي، في تصريح لـ"العربي الجديد"، أن "العنصر المناخي أصبح محددا في تنفيذ خطة التشجير"، مشيرا إلى أن "نقص الأمطار قلّص من نسب إنبات المساحات المزروعة، وسبب تأخيرا في مواعيد انطلاق الحملات الوطنية لغراسة الأشجار".

وأضاف: "نقاوم نقص الأمطار بالتعويل على الري التكميلي، حيث نستعمل الجرارات لري الأشجار الغضة وزيادة حظوظ إنباتها". غير أنه أشار إلى كلفة إضافية تخلقها الحاجة المكثفة للري في غياب السقي الطبيعي عبر التساقطات المطرية.

موسم التشجير انطلق متأخرا بنحو أربعة أسابيع هذا العام، رغم توفر كل الإمكانيات المادية والبشرية لإتمام الخطة

وأشارالمتحدث ذاته إلى أن موجات الحرائق هذا العام تسببت في إتلاف آلاف الهكتارات من المساحات الغابية، ما يتطلّب مضاعفة جهد التشجير رغم العوامل الطبيعية غير الملائمة، بحسب قوله، معتبرا أن "نقص الأمطار والاحتباس الحراري هما النتيجة الطبيعية للسياسات التي انتهكت البيئة، والاستغلال المفرط للثروات الطبيعية" .

في المقابل، سجّل المتحدث باسم شبكة تونس الخضراء إقبالا كبيرا من المتطوعين في حملات التشجير، لافتا إلى أن انحباس الأمطار وارتفاع درجات الحرارة زادا في نسبة الوعي لدى التونسيين، الذين يأخذون على عاتقهم مهمة التشجير في إطار الجهد المدني.

وتشارك أكثر من 600 منظمة مدنية في الجهود الوطنية الخاصة بالتشجير، عبر اتفاقيات موقّعة بينها وبين مصالح وزارة الزراعة التي توفّر الشتول والمساعدة اللوجستية.

ويذكر أن الصيف الماضي شهد موجات من الحرائق تسببت في إتلاف المتنفسات الطبيعية، وسط مخاوف من تأثير خسارة الغطاء الغابي على نوعية الحياة والهواء في المناطق السكنية والمدن المحاذية للغابات التي أتت عليها النيران.

وكشفت نتائج المسح الاستقصائي للبنك الأوروبي للاستثمار بشأن المناخ لعام 2022، في نسخته الأفريقية الأولى الصادرة الأسبوع الحالي، أن 84 بالمائة من التونسيين المشاركين في المسح يرون أن تغيُّر المناخ يؤثر بالفعل على حياتهم اليومية.

كما بينت النتائج أن 52 بالمائة من المشمولين بالمسح يعتقدون أن تغيُّر المناخ والتدهور البيئي قد أثرا على الدخل ومصادر المعيشة، وتُعزى هذه الخسائر عادة إلى الجفاف الشديد أو ارتفاع منسوب مياه البحر أو تآكل المناطق الساحلية أو الأحوال الجوية بالغة الشدة، كالفيضانات أو الأعاصير.

كذلك، قالت مصالح الأرصاد الجوية، في بيانات نشرت الأسبوع الحالي، إنه سجّلت أرقام قياسيّة جديدة لدرجات الحرارة القصوى خلال الصيف الماضي في العديد من الجهات، ما جعل هذا الصيف يُصنّف ثاني صيف أشدّ حرارة شهدته البلاد التونسية منذ عام 1950.

وتمثّل الحرائق الصيفية الخطر الأكبر الذي يهدّد الغطاء النباتي والمحاصيل الزراعية في تونس، لا سيّما أنّ التشخيص الذي تعدّه مصالح الغابات لم يكشف بعد الأسباب الحقيقية لاندلاع الحرائق، التي تُسجل 90 في المائة منها ضدّ مجهول.

المساهمون