تجددت المناوشات، ليل أمس الثلاثاء، بين مواطنين تونسيين ومهاجرين من دول جنوب الصحراء في عدد من أحياء مدينة صفاقس عقب إتمام مراسم دفن المواطن التونسي، الذي قُتل أول أمس الاثنين بعد عملية طعن يشتبه تنفيذها من قبل مهاجرين.
وأغلق محتجون في منطقة ساقية الداير، التي شهدت جريمة الطعن، الطريق وأشعلوا العجلات، فيما تولى محتجون طرد المهاجرين من مساكن يشغلونها، مطالبين السلطات بإجلائهم من المدينة.
واحتشد المحتجون بوسط الطريق تعبيراً عن غضبهم وسخطهم، ودعوا السلطات إلى التحرّك العاجل من أجل إجلاء المهاجرين من دول جنوب الصحراء الذين يقيمون في تونس بطريقة غير قانونية إلى خارج صفاقس.
وقال الناشط بالمجتمع المدني زياد الملولي، لـ"العربي الجديد"، إن "السلم الأهلي في مدينة صفاقس أصبح مهدداً نتيجة حالة الاحتقان السائدة في المنطقة في أعقاب تكرر الجرائم التي تنسب إلى مهاجرين من دول جنوب الصحراء، وتدفق أعداد كبيرة من المهاجرين في الفترة الأخيرة بهدف الهجرة نحو أوروبا".
وأكد الملولي أن "حالة من الغضب تسيطر على سكان مناطق الجفارة وساقية الداير التي يوجد فيها كثير من المهاجرين"، معتبراً أن "طرد المهاجرين بطريقة لاإنسانية لا يمكن أن يكون حلاً لمشكلة الهجرة في المنطقة".
وأشار الناشط في المجتمع المدني إلى أن "نشطاء مهتمين بقضايا الهجرة حاولوا في مناسبات عديدة لفت أنظار السلطات إلى تراكم المشاكل بسبب توافد أعداد كبيرة من المهاجرين إلى المنطقة، وأطلقوا حملة (سيب الترتوار) لتحرير الأرصفة التي يحتلها هؤلاء للإقامة أو العمل غير النظامي، غير أن الحلول تأخرت، ما تسبب في تعقّد الوضع".
وطالب الملولي بـ"ضرورة معالجة أزمة المهاجرين في صفاقس بحيث تضمن الحقوق الإنسانية للمهاجرين"، مشيراً إلى "تواتر أنباء عن نقلهم إلى الحدود الليبية، وهو ما يعرضهم لمخاطر الموت في الصحراء"، مضيفاً أن "إعادة المهاجرين من الدول التي قدموا منها يجب أن يكون في إطار تنسيق دبلوماسي مع دول الجوار".
وطالب المحتجون في صفاقس بضرورة إيجاد حلول حقيقية وعاجلة تكفل إخلاء المدينة من الوجود الكبير للمهاجرين.
وفي المقابل، أكدت عضو الرابطة الجهوية لحقوق الإنسان بصفاقس حميدة الشايب أن "الرابطة والمنظمات الحقوقية ستعقد، الأربعاء، اجتماعاً وتعلن عن تشكيل خلية أزمة من أجل إيجاد حلول لإنهاء حالة الاحتقان في المنطقة، ومعالجة ملف الهجرة دون المس بالحقوق الإنسانية للمهاجرين".
وأشارت الشايب، في تصريح لـ"العربي الجديد"، إلى أنّ "تواصل الاحتقان وتصاعد الغضب في المنطقة قد يؤدي إلى إزهاق أرواح أخرى، ولا سيما أنه يتم استعمال الحجارة والآلات الحادة في الاشتباكات بين المواطنين والمهاجرين"، مضيفة أن "العديد من المهاجرين محتجزون في مقرات إقاماتهم دون طعام أو ماء في ظروف صعبة خوفاً من الاعتداء عليهم".
وكان الرئيس التونسي قيس سعيّد قد اجتمع مع وزير الداخلية كمال الفقي وعدد من القيادات الأمنية، أمس الثلاثاء. وأكد سعيد خلال اللقاء أنّ "تونس دولة لا تقبل بأن تكون منطقة عبور أو مكاناً لتوطين الوافدين إليها من عدد من الدول الأفريقية، ولا تقبل أيضاً أن تكون حارسة إلا لحدودها"، وفق بيان نشرته الرئاسة التونسية على صفحتها الرسمية.