تبرعات للعودة المدرسية في تونس

30 اغسطس 2022
تتعدد أساليب التبرع للتلاميذ في تونس (ياسين محجوب/ Getty)
+ الخط -

في مستهلّ كل سنة دراسية، تُقدّم وزارة الشؤون الاجتماعية في تونس مساعدات مالية لمساعدة تلاميذ وطلاب العائلات المعوزة والمحدودة الدخل. وتبلغ قيمة هذه المساعدات نحو 16 دولاراً لكلّ تلميذ، و50 دولاراً لكلّ طالب، بمبلغ إجمالي مقداره 11 مليون دولار سنوياً، توزع عادة مطلع سبتمبر/ أيلول. وتُثير هذه المساعدات انتقادات بسبب قيمتها المحدودة التي لا تتوافق مع ارتفاع تكاليف الدراسة، وزيادة أسعار المستلزمات المدرسية، لا سيما الكتب، إلى جانب الحقائب وباقي المستلزمات التي تتراوح بين 100 و200 دولار، ما يعني أن ما تقدّمه الوزارة للتلميذ الواحد لا يكفي لشراء حقيبة خاوية. 
وتشمل الانتقادات أيضاً الخلل في عمليات توزيع المساعدات ومنحها أحياناً إلى أشخاص لا يستحقونها، وفق ما تفيد تقارير رقابية. 

وعلى صعيد المنظمات والجمعيات، فهي تبدأ في جمع التبرعات بدءاً من أغسطس/ آب، أي قبل شهر ونصف الشهر من بداية العودة المدرسية، بهدف جمع ما يكفي من أموال وأدوات مدرسية تشمل الكتب والكراسات، تمهيداً لإطلاق عملية توزيعها في مطلع سبتمبر /أيلول، خصوصا في المناطق الريفية. 
وتستعين المنظمات والجمعيات بهيئات تملك قوائم بالعائلات الأكثر عوزاً، وعدد الأطفال الذين يحتاجون إلى مساعدات، أو يتواصلون مع مديري المعاهد والمدارس الذين يملكون دراية بالتلاميذ الأكثر احتياجاً إلى إعانات وأدوات مدرسية. وهي تجد في مواقع التواصل الاجتماعي بوابة لنشر حملات التطوع من أجل الوصل إلى أكبر عدد من المتبرعين. 
يقول المتطوع سيف الدين لـ"العربي الجديد" أنّه يجمع سنوياً برفقة مجموعة من رفاقه تبرعات مالية ومساعدات، وذلك عبر نشر تدوينات عن حملات التبرع وهدفها على مواقع التواصل الاجتماعي". يضيف: "نجد تجاوباً وتفاعلاً كبيراً من متبرعين كثيرين يفضل بعضهم دفع أموال لشراء مستلزمات التلاميذ، وآخرون تقديم أدوات أو كراسات وحقائب مدرسية وغيرها، لتوزيعها على تلاميذ الأرياف خصوصاً. ونحن ننشر صوراً لما نجمعه ونشاطات التوزيع من أجل إضفاء صدقية على عملنا، وتأكيد أهمية التبرع في هذه المناسبات، وانقاذ تلاميذ كثيرين من التسرّب المدرسي بسبب الفقر".

الصورة
تنقذ التبرعات تلاميذ فقراء من التسرّب المدرسي (ياسين محجوب/ Getty)
تنقذ التبرعات تلاميذ فقراء من التسرّب المدرسي (ياسين محجوب/ Getty)

ويشرح أن "متطوعين يتنقلون بين محلات بيع اللوازم المدرسية لجمع التبرعات وبعض الأدوات، ويجد بعضهم تفاعلاً كبيراً من أصحاب محلات يقدّمون العديد من اللوازم المدرسية لأصحاب مبادرة التبرّع، كما يشارك بعضهم نفسهم في توزيع هذه الأدوات". 
وتشير المتطوعة والناشطة في المجتمع المدني هدى الناصري، في حديثها لـ"العربي الجديد"، إلى أنّها تعمل على مدار السنة لجمع التبرعات، خصوصاً في المناسبات على غرار رمضان وعيدي الفطر والأضحى، ويشمل ذلك المواد الغذائية وملابس الأطفال، والأموال لشراء أضاحي. وتقول: "قد أعمل في هذه المناسبات طوال أسبوع أو أكثر، لكنني أخصص أكثر من شهر ونصف الشهر لمناسبة العودة المدرسية، كي أستطيع جمع مساعدات لأكبر عدد من التلاميذ، وتوزيعها". 
ولا تقتصر المساعدات على الفترة التي تسبق العودة المدرسية في تونس، فعلى مدى الثلاثة الاشهر الأولى من انطلاق الموسم الدراسي تتواصل حملات جمع التبرعات بعد الحصول على قائمات محدثة عن التلاميذ المحتاجين، ووضع أخرى بأكثر اللوازم التي يحتاجونها.  

وينظم آخرون حملات لجمع ملابس للأطفال من كافة الأعمار، ويهتم آخرون بجمع لوازم تتعلّق بالمدرسة أو المعهد، مثل ألواح أو مقاعد أو أي شيء يحتاجه الإطار التربوي لمهمات التدريس. ويلجأ هؤلاء إلى حرفيي النجارة والحدادة لصنع مقاعد جديدة وتوزيعها على مدارس خصوصاً في المناطق الريفية. ويروي الحرفي كريم عرفة لـ"العربي الجديد" أنه يتولى منذ ثلاث سنوات مهمات ترميم مقاعد الدراسة، وتوزيعها على المدارس في مناطق عدة، أو يتطوع لجمع الخردة والمقاعد القديمة التي لم تعد صالحة للاستعمال، ويصلحها ويعيد صنعها بمفرده منذ بداية فصل الصيف، حتى يتسنى له الانتهاء من إصلاح عدد كبير من تلك المقاعد وتوزيعها على المدراس قبل العودة. وأحياناً يضطر إلى تكرار خدماته خلال العام الدراسي نظراً إلى حاجة مدارس عجة إلى عدد كبير من مقاعد الدراسة، التي لا تتكفل وزارة التربية بإصلاحها، ولا تخصص ميزانية لصيانة المعاهد والمدارس.