"تانيت"... أول مستشفى تونسي لعلاج المدمنات

10 مارس 2023
تخاف نساء من العلاج بسبب الوصمة الاجتماعية (أنيس ميلي/ فرانس برس)
+ الخط -

انطلقت أولى جلسات علاج المدمنات على المخدرات في مستشفى "تانيت" المخصص لعلاج إدمان النساء في تونس، أول من أمس، في إطار خطة تقودها الجمعية التونسية لطب الإدمان، بهدف تأمين العلاج للمدمنات. وترمز تانيت إلى إلهة مبجلة عند سكان شمال أفريقيا قديماٞ، اشتهرت بعبادتها لدى القرطاجيين وتعتبر حامية مدينة قرطاج. وتعد رمزاً للأمومة والخصب وازدهار الحياة، وكانت مصدراً للتقوى والمحبة بين القرطاجيين. 
وتانيت للاستشفاء هو أول مستشفى نهاري متخصص في علاج المدمنات، اللواتي يواجهن صعوبة في طلب المساعدة والتوجه إلى المراكز أو المستشفيات المتخصصة خشية الوصمة والإقصاء الاجتماعي.
وتحقق المشروع بعد أبحاث ميدانية أعدتها الجمعية التونسية لطب الإدمان، أشارت إلى وجود حواجز تمنع النساء الراغبات في العلاج من الإدمان من الوصول إلى المراكز أو المستشفيات المتخصصة. تقول الكاتبة العامة للجمعية التونسية لطب الإدمان هيفاء زليلة: "أثبتت نتائج العينات التي عملت عليها الجمعية أن النساء يتجنبن الإقبال على المؤسسات العلاجية خوفاً من الوصمة الاجتماعية، ما يجعلهن عرضة لجميع أشكال الاستغلال، فضلاً عن زيادة الإدمان". وتوضح في حديثها لـ"العربي الجديد" أن "نتائج الأبحاث التي أجريت أفضت إلى وجود طلب ملح من المدمنات على إنشاء مركز متخصص، على شكل مستشفى نهاري، للحفاظ على خصوصيتهن".
وتعتبر زليلة أن المستشفى النهاري الذي افتتح هو "استجابة لرغبة النساء المدمنات في العلاج بعيداً عن الوصمة الاجتماعية. وجرى تخصيص وتهيئة أماكن داخل مستشفى الرازي للأمراض النفسية تتيح لهن تلقي العلاج والرعاية النفسية مع إمكانية اصطحاب أفراد من عائلاتهن أو أطفالهن". وترى أن "الدعم النفسي للمدمنات مهم في مراحل العلاج من الإدمان"، مشيرة إلى أن" تونس تسجل زيادة في أعداد المدمنات خلال السنوات الأخيرة، على الرغم من غياب أرقام وطنية رسمية عن نسبتهن.

وحول نوعية المخدرات التي تستهلك من قبل النساء المدمنات، تقول زليلة إن "التونسيات يتعاطين الأقراص المهدئة. لكن تستهلك أنواع أخرى أيضاً، منها القنب الهندي والمخدرات عن طريق الحقن والشم، بالإضافة إلى إدمان الكحول".
وبحسب الإحصائيات التي نشرت عام 2017، فإن نسبة إدمان الفتيات على المخدرات هي 30 في المائة، وتتراوح أعمار 60 في المائة من هؤلاء ما بين 13 و18 عاماً.
وتُحرز تونس تقدماً في علاج المدمنين على المخدرات، وذلك بعد موافقة السلطات الصحية على اعتماد دواء الميثادون لأول مرة، واستيراده لاعتماده بشكل رسمي في مراكز العلاج. والميثادون من الأدوية الأفيونية التي تُستعمل لتسكين الأوجاع المتوسطة والشديدة، مثل الأوجاع التي تعقب العمليات الجراحية، وأوجاع الأمراض المزمنة كالسرطان.

تونس (إيميريك فوهلين/ Getty)
يمثل الشباب 70 في المائة من المدمنين (إيميريك فوهلين/ Getty)

كما يستخدم الميثادون علاجا للمدمنين على المخدرات، إذ إن تأثير تعاطيه المتواصل الذي يتراوح ما بين 22 و48 ساعة يعمل على منع ظهور أعراض الإدمان، ويقلص الرغبة على التعاطي.
وخاضت الجمعية التونسية لطب الإدمان مساراً شاقاً من أجل إقناع السلطات الصحية باعتماد دواء الميثادون ضمن العلاج، الأمر الذي يساهم في مكافحة الإدمان. ولم تكن السلطات الصحية في تونس تسمح باستخدام الميثادون لعلاج المدمنين، محذرة من "تداعيات انتشار حقن المخدرات على الصحة العامة وزيادة نسب المصابين بفيروس نقص المناعة البشرية (الإيدز) نتيجة استعمال حقن ملوثة". 

ومثّل نقص الأدوية وامتناع السلطات الصحية عن استيراد بعضها حاجزاً أمام التقدم في خفض نسب الإدمان في البلاد، ومساعدة آلاف الراغبين في العلاج على الإقلاع عن تعاطي المخدرات والتعافي خلال السنوات الأخيرة، بحسب أطباء متخصصين.
وانتشرت المخدرات في تونس بشكل لافت خلال السنوات الأخيرة، على الرغم من العقوبات المشددة التي ينص عليها القانون، والتي تستهدف التجار والمروجين والمستهلكين على حد سواء. ويمثل الشباب الذين تتراوح أعمارهم ما بين 15 و35 عاماً 70 في المائة من المدمنين، الذين استهلك بعضهم أخطر أنواع المخدرات، على غرار حقن الهيروين التي لديها تأثيرات كارثية على صحة البشر.
في المقابل، تقول الجمعية التونسية لطب الإدمان إنها سجّلت زيادة لا تقل عن 20 في المائة في الطلب على العلاج من مختلف أشكال الإدمان على المخدرات والكحول، معظمهم من الطلاب والشباب. وتفيد مصادر الجمعية بأن طالبي العلاج يتقدمون إلى المراكز المتخصصة بشكل طوعي وبرعاية من عائلاتهم، التي تبذل جهوداً كبيرة لتخليصهم من آثار المخدرات.

المساهمون