استمع إلى الملخص
- **جهود الحكومة العراقية ووزارة الهجرة:** بدأت وزارة الهجرة بإغلاق بعض المخيمات، مثل مخيم آشتي، وأعادت أكثر من 800 نازح إلى سنجار، بالتعاون مع المنظمة الدولية للهجرة والقوات الأمنية.
- **ترحيب وتأثيرات التأجيل:** قوبل التأجيل بترحيب من النازحين ومنظمات حقوق الإنسان، الذين أكدوا على ضرورة تهيئة الظروف المناسبة قبل الإغلاق، محذرين من "الهجرة القسرية".
قبل أيام قليلة من تنفيذ قرار إغلاق مخيمات النازحين في العراق نهائياً، أتى إعلان حكومة بغداد تأجيل عملية التنفيذ، وقد ربطت ذلك بالعمل لتهيئة الظروف المناسبة لعودة العراقيين المهجّرين إلى مناطقهم الأصلية. أمّا تلك الظروف فتتعلّق بالخدمات والأمن، علماً أنّ السلطات العراقية تهدف من خلال إغلاق المخيمات إلى حسم ملف النازحين العراقيين.
وكانت الحكومة قد أعلنت يوم 30 يوليو/ تموز الجاري موعداً لإنهاء ملف مخيمات النازحين في العراق من خلال إغلاقها وتنفيذ عودة هؤلاء الطوعية، علماً أنّ وزارة الهجرة والمهجّرين العراقية شرعت بالفعل في إغلاق عدد من المخيمات نهائياً، من بينها مخيم آشتي في محافظة السليمانية شرقي إقليم كردستان العراق، بحسب ما أعلنت وزيرة الهجرة والمهجرين العراقية إيفان فائق جابرو في 11 يوليو الجاري. يُذكر أنّ قرار الإغلاق الشامل كان قد لقي اعتراضات كثيرة من قبل حقوقيين وسياسيين وغيرهم، إذ رأى هؤلاء أنّ الظروف غير مناسبة لذلك، وأنّ الأمر سوف يتسبّب في أزمات أخرى.
وقد أفاد المتحدث باسم وزارة الهجرة والمهجرين العراقية علي عباس جهانكير، في تصريحات صحافية أمس الخميس، بأنّ "الحكومة العراقية كانت قد قرّرت إغلاق كلّ المخيمات في إقليم كردستان العراق في 30 يوليو الجاري، لكنّها لن تغلق في الوقت الحالي لأسباب مختلفة". وأشار إلى "تشكيل لجنة تضمّ عدداً من الجهات ذات العلاقة (...) لبحث الملف". وأوضح جهانكير أنّه "من المقرّر أن تجتمع اللجنة مطلع الشهر المقبل (أغسطس/ آب) لتقييم الأوضاع وتمهيد الأرضية لعودة النازحين"، من خلال "توفير الخدمات والظروف الأمنية حتى يتمكّن النازحون من العودة إلى ديارهم من دون أيّ مشكلات". وبيّن أنّ ثمّة "نحو 26 ألفاً و500 عائلة نازحة في مخيمات إقليم كردستان العراق، 22 ألفاً منها في دهوك والباقي في إربيل"، مشيراً إلى أنّ "لا مخيمات متبقية في محافظة السليمانية".
يُذكر أنّ وزيرة الهجرة والمهجرين العراقية استقبلت، أوّل من أمس الأربعاء، رئيس ممثلية حكومة إقليم كردستان العراق في بغداد فارس عيسى ووفداً مرافقاً له، وجرى التباحث بشأن أوضاع النازحين في مخيمات الإقليم وضرورة تذليل العقبات التي تواجه عودتهم إلى مناطقهم الأصلية. وفي وقت سابق أفادت لجنة الهجرة في البرلمان العراقي بأنّ مليون نازح في العراق، في المخيمات وخارجها، ما زالوا يتوزّعون في مختلف أنحاء البلاد، وذلك بعد سبع سنوات من انتهاء المواجهات المسلحة مع تنظيم داعش واستعادة المدن التي كانت قد وقعت تحت سيطرته في عام 2014.
وقد أعلنت وزارة الهجرة والمهجرين عودة أكثر من 800 نازح إلى مناطقهم الأصلية في قضاء سنجار بمحافظة نينوى شمالي العراق. وأفادت، في بيان أصدرته أمس الخميس، بأنّ "805 نازحين عادوا من مخيم شاريا في محافظة دهوك بشكل طوعي إلى مناطق سكناهم الأصلية في قضاء سنجار بمحافظة نينوى". وأوضحت الوزارة "شمول العائدين بمنحة العودة والمساعدات الإغاثية والسلع المعمرة، بحسب توجيهات رئيس الوزراء محمد شياع السوداني لإنهاء ملف النزوح وإغلاق المخيمات"، مشيرة إلى أنّ "عملية نقل الأسر مع أثاثهم جرت بالتعاون مع المنظمة الدولية للهجرة وبالتنسيق مع القوات الأمنية والإدارات المحلية في محافظتَي دهوك ونينوى".
ترحيب بتأجيل إغلاق مخيمات النازحين في العراق
وقوبل تأجيل قرار إغلاق مخيمات النازحين في العراق بترحيب من قبل معنيين بملف حقوق الإنسان ومن قبل النازحين أنفسهم. وكان نواب وناشطون مدنيون عراقيين قد حذّروا، في أوقات سابقة، من مغبّة تطبيق الحكومة قرار إغلاق مخيمات النزوح، مشدّدين على أنّ الظروف غير مناسبة لتنفيذه. وحذّر هؤلاء ممّا سمّوه "الهجرة القسرية" للنازحين، إذ بدأ تطبيق القرار في وقت ما زالت فيه مناطق النازحين الأصلية بمعظمها غير مهيّأة للعيش، نظراً إلى أنّه لم يُعَد إعمارها في حين أنّ أخرى تُعَدّ غير آمنة.
وقال الناشط في مجال حقوق الإنسان أمجد السعدي لـ"العربي الجديد" إنّ "تأجيل تنفيذ قرار الإغلاق الشامل صائب، ولا بدّ من أن تهيئة للظروف المناسبة لعودة النازحين". وشرح أنّ "مناطق كثيرة من بين مناطق النازحين الأصلية ما زالت مهدّمة، في حين أنّ أخرى تقع تحت سيطرة فصائل مسلحة، وبالتالي من المستحيل أن يعود أهلها قبل خروج تلك الفصائل". وشدّد على أنّه "يترتّب على الحكومة العمل لتنظيم الملف ومراعاة الجانب الإنساني لإنهائه، وأن يكون الظروف مناسبة والمناطق مهيّأة للعودة خدماتياً وأمنياً"، لافتاً إلى أنّ "جميع النازحين سوف يعودون طوعاً عند توفّر ذلك".
بدوره، رحّب الحاج أبو علي الجبوري، النازح في أحد مخيمات إربيل، بتأجيل إغلاق مخيمات النازحين في العراق ووصف الأمر بأنّه "جيّد". أضاف لـ"العربي الجديد": "لا يمكننا العودة إلى مناطقنا التي هي عبارة عن أنقاض"، مشيراً إلى "وجوب أن تراعي الحكومة الجانب الإنساني، وألا تغلق المخيمات قسراً من دون أن تضمن لنا عودة آمنة ومستقرة، مع منحنا التعويضات الكافية لإعادة ترميم منازلنا".
في سياق متصل، حذّرت منظمة "هيومن رايتس ووتش" أخيراً من أنّ خطط إغلاق مخيمات النازحين في العراق تهدّد حقوق كثيرين من المقيمين فيها من أهالي سنجار، ولا سيّما أنّ البلدة ما زالت غير آمنة وتفتقر إلى الخدمات الاجتماعية اللازمة لضمان الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية لآلاف النازحين الذين قد يضطرون إلى العودة قريباً.