"بيلماون" تراث أمازيغي يزيّن أيام العيد بجلود الأضاحي في المغرب

02 يوليو 2023
"بيلماو" أو "بوجلود" في إحدى مدن وسط المغرب (فيسبوك)
+ الخط -

يتميّز عيد الأضحى في وسط المغرب بطقس "بيلماون" الأمازيغي الذي يُحتفَل به في ثاني أيام العيد. وخلال هذا التقليد، ترتدي مجموعة من الشبّان جلود الأضاحي وتتجوّل بها في الشوارع، حاملين بأيديهم إحدى سيقان الأضحية.

وتختلف تسمية هذا الطقس من مدينة إلى أخرى في البلاد، وإلى جانب "بيلماون" نجد "بوجولد" و "بولبطاين".

وتشتهر مدينة أكادير، ومدن أخرى في الوسط، بتنظيم كرنفالات استعراضية خاصة بـ"بيلماون". وتتمايز الاحتفالات بهذا الطقس التقليدي ما بين المدن والقرى، إذ يتجوّل شبّان القرى الأمازيغية على المنازل برفقة أهل القرية على أنغام خاصة يعزفها شبّان آخرون.

وفي خلال تلك الجولات، تُجمَع هبات وصدقات يقدّمها الأهالي للفرّق المتجوّلة، ويُباع ما جُمع في مزاد علني ليُخصَّص الثمن لشراء حاجيات للقرية، بهدف النهوض بالمنطقة، من قبيل تعبيد الطرقات وصيانة المرافق.

ويرى المتخصّص في الأنثروبولوجيا المغربي الحسين بويعقوبي أنّه "من الصعب الحديث بدقّة عن البدايات الأولى لعادة بيلماون أو بوجلود، إذ إنّها عادة قديمة جداً قدم تاريخ شمال أفريقيا".

ويقول بويعقوبي لوكالة "الأناضول" إنّ "تاريخ طقس بوجلود تطوّر في الثقافة الشفوية للبلاد". ويوضح أنّ "القناع والتنكّر في أشكاله المختلفة ممارسة ثقافية لدى مجتمعات عديدة، وكان لها في البداية ارتباط بمعتقدات دينية".

يضيف بويعقوبي أنّ "ارتباط هذه العادة بعيد الأضحى لم يظهر إلا بعد أن دخل الأمازيغ في الإسلام، وفي ذلك نوع من التوافق ما بين عادة قديمة والدين الجديد، الأمر الذي استمر حتى اليوم في بعض المناطق، خصوصاً في منطقتَي الأطلس الكبير وسوس (وسط البلاد)، وبعض مناطق الأطلس المتوسط (شمال)".

ويتابع المتخصّص في الأنثروبولوجيا أنّ "التنوّع الثقافي في المجتمعات الأمازيغية أثّر كذلك في الممارسات والعادات، ومن ضمنها بيلماون. لذلك، وإن كانت المناطق كلها تشترك في لبس جلود الأضاحي ووضع الأقنعة، فإنّ لكلّ منطقة خصوصيّتها ومرتبطة إمّا بطبيعة الجلود المستخدمة أو الأهازيج والموسيقى المرافقتَين أو المعتقدات المرتبطة بهذا الطقس".

ويشير بويعقوبي إلى أنّ "هذه الاحتفالات عرفت تغيّرات كبرى، خصوصاً في منطقة سوس، وبالتحديد بمدينة أكادير الكبيرة، حيث تتطوّر الاحتفالات تدريجياً لتصير أشبه بالكرنفالات العالمية الكبرى، من خلال انخراط المجتمع المدني ودعم البلديات لها".

ويبيّن أنّ الهدف الأساسي من الاحتفالات هو "التنشيط الثقافي، وانتقاد الأوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية، عبر تمرير رسائل بطريقة هزلية في بعض الأحيان".

(الأناضول)

المساهمون