بورتسودان الملاذ الساخن

01 سبتمبر 2023
وصل آلاف النازحين إلى بورتسودان (فرانس برس)
+ الخط -

قُدّر للفارين من جحيم الحرب في العاصمة الخرطوم ومدن السودان الأخرى إلى بورتسودان، أن يدخلوا جحيماً آخر، ويشهدوا واحدة من أعتى موجات الحر التي عرفتها المدينة وفق سكانها، والذين يستقبلون آلافاً ممن رأوا فيها "ملاذاً آمناً ساخناً"، على حد تعبير أحد العالقين السوريين، والذين هُيئ لهم مركز إيواء خاص.
هند طالبة تنتمي إلى غربي السودان، وتقول إنها ليست نازحة، بل "عالقة في طرف آخر من الوطن"، لكنها لم تكن تتوقع أن يكون الطقس بهذه القسوة، فالعرق يتجاوز كل ما تتجرعه من ماء، الأمر الذي يدخلها في مشكلات صحية، وهي ترى من حولها عشرات المصابين بضربات الشمس، وأمراض جلدية يعاني منها كثير من الأطفال.
غير وصول آلاف النازحين من طابع المدينة، وهناك أكثر من عشر دور للإيواء تتفاوت قدرات استيعابها، مثلما تتفاوت إمكانات تغطية حاجات قاطنيها الغذائية والصحية والخدمية، خاصة وأن كثيرا من المنظمات الداعمة أعلنت أن خططها تنتهي في أغسطس/آب، ما يجعل عمليات الإغاثة مهددة بالتوقف، كما تقول الدوائر الحكومية إن مخازنها تخلو من أي مواد للإغاثة.
ومع تمدُّد فترة الحرب تزداد معاناة الأسر المستضيفة لمئات من الأسر النازحة، فيما يسمى بالإيواء المجتمعي خارج إطار دور الإيواء التي يمكن حصر ساكنيها وتوفير بعض حاجاتهم. ويساهم في الدعم الخيرون من أبناء المدينة، كما تعمل بعض المنظمات، كالهلال الأحمر السوداني على توفير مبالغ مالية لا تتعدى المائة دولار لمن يتقدم بطلب للحصول على إعانة.

موقف
التحديثات الحية

لكن الأمر يتعدى توفير الطعام والماء والمأوى إلى سبل الراحة التي باتت عصية في ظل موجة الحر بالتزامن مع تذبذب خدمات الكهرباء والمياه، وشح الأدوية وغلائها.
يرى البعض في بورتسودان عاصمة مؤقتة، إذ تحولت إليها معظم المؤسسات الحكومة والتجارية، ومقار المنظمات الإنسانية، وهي التي عرفت بنشاطها التجاري بحكم وجود الميناء، وحركة الصادرات والواردات، لكنها ليست مؤهلة بالكامل، خاصة وأن شهور صيفها طويلة وقاسية، من مايو/أيار إلى سبتمبر/أيلول، والتي يهرب خلالها السكان إلى المصايف القريبة في سنكات وجبيت وأركويت، أو إلى خارج البلاد كما يفعل بعض الميسورين. في هذا الصيف لم يتحرك الكثيرون منهم، إما لتعذر السفر بسبب الوضع الاقتصادي المتأزم، أو لتقديم الخدمات للنازحين إلى المدينة.
وعلى غير المتوقع شهدت المدينة هطولاً للأمطار انخفضت على أثره درجات الحرارة قليلاً بعد أن كانت تتجاوز الـ 50 درجة مئوية، فتنفس سكان دور الإيواء الصعداء، وتذوقوا بعض النوم ليلاً، بعد أن كان الأمر أشبه بالإغماء.

(متخصص في شؤون البيئة)

المساهمون