بهجة العيد غائبة عن أطفال الشمال السوري

18 ابريل 2023
فرق الزلزال الكثير من أطفال سورية عن رفاقهم (محمد سعيد/الأناضول)
+ الخط -

تأقلم السوريون مع أشكال مختلفة من الكوارث التي تحلّ بهم، وبات الغالبية قادرين على التغلّب عليها رغم أنّ بعضها مفجع، لكن ما قبل الزّلزال ليس كما بعده، فالكارثة كانت مركزة، وتسببت بخسائر بالغة في الأرواح والمباني. 
تقيم العديد من العوائل المتضررة من الزلزال في مخيم الإيواء بمدينة الدانا، منذ السادس من فبراير/ شباط الماضي، وعيد الفطر المقبل سيكون الأول لهم في المخيم، ما يجعله مختلف تماماً بالنسبة للأطفال.
يقيم الطفل أحمد الحسين (9 سنوات) في المخيم مع عائلته، وقد مات بعض أصدقائه من جراء الزلزال، وعائلته من بين كثير من العوائل التي خسرت منازلها، يقول لـ"العربي الجديد": "العديد من رفاقي ماتوا، وأخرين دمرت بيوتهم مثل بيتنا، وقد نزح الكثير منهم، ولم يعد من الممكن أن أراهم مجدداً، وأتمنى أن أمضي العيد مع من بقي لي من رفاق، وأن اجتمع مع أولاد عمي لنلعب سوية".
لدى الطفلة مريم أمنية مختلفة كانت تتطلع أن تحققها في هذا العيد، وتخبر "العربي الجديد": "إنها أمنية قد تكون يسيرة لغيري من الأطفال، لكنها بالنسبة لي بعيدة المنال. أتمنى أن يكون لديّ ملابس عيد، أحلم أن أحصل عليها، وأن أرتديها لأمضي العيد بها. في السابق كان أهلي يشترون لي ملابس العيد، لكنهم في هذا العيد لم يستطيعوا توفير المال للشراء".
أما الطفلة خديجة النازحة من بلدة كفرناها في ريف إدلب، والتي تقيم مع عائلتها في مخيم الإيواء في الدانا، فتوضح لـ"العربي الجديد"، أنها لا تستطيع نسيان ما عاشته خلال فترة الزلزال. "أتمنى في هذا العيد أن أجتمع مع صديقاتي، فكل صديقة أصبحت تعيش في مكان مختلف، وأتمنى أن نعود أيضاً إلى بيتنا، وأن أجمع العيديات لأشتري الألعاب".
ويقول الطفل خالد لـ"العربي الجديد": "أتمنى أن لا يحدث زلزال مجدداً، وأتمنى أن أحصل على الكثير من العيديات، وأن تتاح لي كميات من الحلوى في هذا العيد؛ أريد شراء سيارة تعمل بجهاز تحكّم عن بعد لألعب بها مع رفاقي، وربما نجري سباقاً، كثيراً ما أشاهد مقاطع فيديو لهذه السيارات على يوتيوب، وأريد الحصول على واحدة في العيد".
بدوره، يؤكد النازح من ريف حماة الشمالي، يوسف خليل، لـ"العربي الجديد": "أستقبل العيد نازحاً منذ نحو 4 سنوات. كنا نتأقلم مع الظروف إلى حدّ ما، فخلال هذه السنوات قلت المجازر الدموية الكبيرة التي ينفذها النظام، وإن لم يتوقف القتل والقصف، لكن الزّلزال كان صدمة حقيقية. أقيم بمخيم قرب مدينة الدانا، وأغلب أصدقائي يعيشون في مدينة جنديرس، ومنهم من مات مع عائلته تحت الأنقاض، ومنهم من نزح، وكذلك أصدقائي في مدن أخرى". 

توفير المال لشراء ملابس العيد شبه مستحيل (عبد الرحمن عيسى/Getty)
توفير المال لشراء ملابس العيد شبه مستحيل (عبد الرحمن عيسى/Getty)

كان من السهل على خليل زيارة الأصدقاء باستخدام الدراجة الناريّة، لكن يستطرد: "في الفترة التي تلت الزّلزال بدأت أخاف الاتصال بأصدقائي للاطمئنان عليهم، فخمسة منهم ماتوا، ولم يكن الأمر سهلاً، وفي هذا العيد، كلما تذكرت شخصا أرغب في زيارته أتذكر الفاجعة. أتمنى أن يعود الأمن لأرضنا، وأن نتخلص من النظام لأنه سبب مأساتنا الحقيقية، فهو المسؤول عن تهجيرنا مكرهين مع أطفالنا، وهو من ارتكب غالبية المجازر، وأتمنى أن نتخطى فاجعة الزّلزال القاسية، وهي محنة جماعية فجع بها كل السوريين، وليست كمجزرة ارتكبت في مدينة، أو منطقة، إذ حدثت في منطقة تعتبر سورية مصغرة، فبها نازحين من كل المدن والبلدات السورية".
ويوضح النازح خضر جبريل لـ"العربي الجديد": "منذ التهجير قبل أربعة أعوام، لم يعد هناك أي مظاهر عيد. تم تهجيرنا من مدينة معرة النعمان، والزلزال الذي ضربنا قبل فترة قصيرة كان فاجعة للكل، فمن لم يمت أحد من عائلته مات أحد أصدقائه أو جيرانه، ولذا يعيش الكل مشاعر الحزن. حتى إن لم يكن هناك أحزان بسبب الوفيات، فنحن لا نستطيع شراء ملابس العيد لأطفالنا، ولا حتى حلويات العيد التي ارتفعت أسعارها إلى الضعف خلال شهر رمضان".

ويضيف: "سيرتدي أطفالي الثلاثة ملابس من العيد السابق، كان قد اشتراها عمهم المُقيم في ألمانيا، وبالنسبة لزيارة الأقارب التي تحلو في العيد للمعايدات وصلة الرحم فلم تعد سهلة، فكل منا مهجر إلى منطقة مختلفة، ومصاريف التنقل باهظة بسبب غلاء الوقود، وربما سوف أزور أقاربي المقيمين بالقرب من منطقتي".
يضيف: "بعد تهجيرنا من معرة النعمان، حل علينا العيد في مناطق مختلفة بسبب النزوح المتكرر، وقبل الزلزال كنت مقيماً في مدينة سلقين، وحالياً أقيم في مدينة إدلب، حيث استأجرت منزلاً بمبلغ 90 دولاراً شهرياً، وذلك بعد تصدع المنزل الذي كنت أسكنه في سلقين نتيجة الزلزال، وأوضاع معظم العائلات المعيشية في مناطق شمال غرب سورية صعبة".

المساهمون