أصدر مركز مساعدة ضحايا العنف الجنسي والجسدي في "جمعية نساء ضد العنف"، في الداخل الفلسطيني، تقريراً حول بلاغات نساء وفتيات من ضحايا العنف والاعتداءات الجنسية من بداية العام الحالي يناير/ كانون الثاني وحتى سبتمبر/أيلول 2021.
أظهر التقرير ارتفاعاً في أعداد البلاغات للمركز، إذ تمّ تقديم 1065 بلاغاً في العام 2021، مقابل 964 بلاغاً خلال الفترة الزمنية نفسها من العام 2020.
وأشار التقرير إلى أنّ 92 بالمائة من البلاغات كانت بمبادرة شخصية من الضحية، إلاّ أنّ 83 بالمائة من ضحايا العنف الجسدي والجنسي ترفضن التوجّه وتقديم الشكوى للشرطة، 16 بالمائة من الاعتداءات المبلّغ عنها تحصل على الشبكة الإلكترونية، 70 بالمائة من اللواتي بلّغن أشرن إلى أنّ أول اعتداء تعرّضن له حصل قبل بلوغهنّ سن الثامنة عشرة، و28 بالمائة كنّ ضحية هذه الاعتداءات وهنّ يبلغن من العمر 13 أو 14 عاماً.
وجاء في تقرير المركز: "يمكن ربط الموضوع بكامل قضية غياب الثقة في أجهزة القانون والشرطة، فإنّ مجتمعنا الفلسطيني يعاني من أزمة دموية يستشرس فيها عالم الإجرام ليسلب أكثر من 100 روح هذه السنة فقط، من دون وجود أي رادع أو حساب لأجهزة القانون. وبالتالي، المعطيات التي يظهرها التقرير تدعم غياب الثقة هذا، إذ إنه فقط 18% من الضحايا اللواتي توجّهن إلى مراكز المساعدة قمن بإبلاغ الشرطة (13% قبل التوجه إلى المركز و5% بعد التوجه إليه). وعدم الثقة هذا مبني على تجربة تاريخية تتنصل فيها الدولة من دورها في حماية المجتمع الفلسطيني عامة، والنساء الفلسطينيات في الدولة خاصة، بالإضافة إلى الدواعم السياسية الهادفة إلى تفكيك وحدة صف المجتمع الفلسطيني، وإشغاله في حرب تكاد تكون حرباً أهلية في نضاله من أجل الأمن والأمان والمساواة والحرية".
وأضاف التقرير: "كما ويلحظ مركز المساعدة ارتفاعاً في قضايا العنف والتحرّش الإلكتروني، حيث أظهر التقرير أنّ 16% من الاعتداءات المبلّغ عنها تحصل على الشبكة الإلكترونية، وهذا لا يشمل الاعتداءات الجسدية التي يستخدمها المجرم لابتزاز وترهيب ضحيته إلكترونياً. يمكن تفسير هذا الارتفاع كنتيجة للتغيّرات الحياتية التي فرضتها جائحة كورونا علينا".
أمّا في ما يخصّ الاعتداءات الجسدية والجنسية على القاصرات، فأشار التقرير إلى أنّ "70 بالمائة من الضحايا مررن باعتداء سابق وهن ما دون الـ18 سنة. هذا المعطى يشير إلى التكتم عن الاعتداءات على القاصرات، ما يمكن أن يؤدي إلى عدم تقديم العلاج النفسي المناسب للضحية، كما أنّ حصول اعتداء ثانٍ قد يعيد الضحية إلى حالة الصدمة التي مرّت بها عند حصول أول اعتداء، ويؤدي إلى إعادة إحياء جميع المشاعر والمخاوف التي مرّت بها الضحية مرة ثانية وبشكل مضاعف".
من جهتها، قالت ليندا خوالد، مديرة مركز مساعدة ضحايا العنف في جمعية نساء ضد العنف: "التقرير يشير إلى ارتفاع عدد البلاغات مقارنة بالفترة نفسها من العام 2020. ومن المهم الإشارة إلى أنّ نسبة الاعتداءات ارتفعت بنسبة 40 بالمائة بين 2019 و2021، وذلك بسبب الإغلاق والحجر خلال جائحة كورونا. واضح بالنسبة إلينا ارتفاع مستوى الجريمة في المجتمع العربي، وهذا ينعكس على حياة النساء وجرائم العنف ضدهنّ. مؤسسات الدولة تتنصّل من هذه المسؤولية بمواجهة الظاهرة، والإجرام يظهر بصورة واضحة في قضايا العنف العائلي، إذ يتم تهديد وترهيب النساء في المركز على يد أفراد عائلاتهن، زوج، أخ أو والد، لفرض السيطرة وإحباط أي محاولة خروج للضحية من تحت سلطتهم الذكورية".
وأشارت خوالد إلى أنه هناك: "بلاغات جديدة نسبياً من نوعها، تشمل "سم الاغتصاب". موضوع "سم الاغتصاب" بدأ بالظهور حديثاً في تقرير المركز، ووفق التقرير فإنّ 4% من الضحايا بلّغن عن التعرّض لاعتداء بسبب "سم الاغتصاب". الإشكالية بهذه القضية هي أنّه يصعب إثبات وجود "سم الاغتصاب"، إذ إنه قابل للتطاير بسرعة ويبقى في الجسد عدة ساعات فقط. و"سم الاغتصاب" هو نوع من أنواع المخدرات الخطيرة، وهناك صعوبة في تمييزه لأنه بلا طعم أو لون عندما يوضع في كأس مع مشروب".
وتضيف خوالد أنّ المعطى الأخير الذي يثير القلق أيضاً هو أنّه كان هناك ارتفاع بنسبة 27% في عدد التبليغات الخاصة بالاعتداءات الجنسية على الأطفال تحت سن 18 للذكور والإناث.