بعوض ناقل للفيروسات في آسيا يقاوم المبيدات الحشرية

11 يناير 2023
يخشى علماء انتشار أمراض خطرة من جرّاء مقاومة البعوض مبيدات حشرية (سوميابراتا روي/ Getty)
+ الخط -

يبدو أنّ البعوض الناقل لفيروسات مُسبّبة لحمّى الضنك وأمراض أخرى قد ينطوي بعضها على خطورة كبيرة، صار مقاوماً جداً للمبيدات الحشرية في بعض الدول الآسيوية، وبالتالي تبرز حاجة ماسة إلى طرق جديدة تحدّ من انتشاره، بحسب ما أظهرت دراسة يابانية نُشرت أخيراً.

ويُعَدّ رشّ المبيدات في مناطق ينتشر فيها البعوض ممارسة شائعة في الدول الاستوائية وشبه الاستوائية. وكانت مقاومة البعوض لهذه المواد الكيميائية تثير القلق، إلا أنّ حجم المشكلة لم يكن محدداً بصورة دقيقة حتى اليوم.

وأعدّ العالم الياباني شينجي كاساي إلى جانب فريقه دراسة على البعوض في دول آسيوية عدّة وفي غانا، لاحظوا في خلالها وجود طفرات جينية تجعل بعض أنواع البعوض محصّناً ضدّ المبيدات الحشرية المستخدمة بشكل كبير مثل مبيد "بيرميثرين". ويقول كاساي لوكالة "فرانس برس": "في كمبوديا، أكثر من 90 في المائة من بعوض الزاعجة المصرية، وهو الناقل الرئيسي للفيروسات التي تتسبّب في حمّى الضنك وزيكا وشيكونغونيا والحمّى الصفراء، تُظهر مجموعة من الطفرات تجعلها مقاومة جداً" للمبيدات.

وتوصّل كاساي، وهو مدير قسم علم الحشرات الطبية في المعهد الوطني الياباني للأمراض المعدية، إلى أنّ أنواعاً معيّنة من البعوض يُفترض أنّ الإجهاز عليها يتمّ بالمبيدات الحشرية بنسبة 100 في المائة، صار التخلّص منها بواسطة هذه الوسيلة ينجح بنسبة سبعة في المائة فقط. ولم تتجاوز نسبة نفوقها 30 في المائة عند رشّها بكميات من المبيدات تفوق تلك الأساسية بعشر مرّات.

وتختلف مستويات مقاومة البعوض للمبيدات بحسب كلّ منطقة، ويشير كاساي إلى أنّ درجة مقاومة البعوض تختلف كلياً ما بين كمبوديا وفيتنام مثلاً. وقد توصّلت الدراسة التي قادها إلى أنّ المبيدات الحشرية في غانا ومناطق في إندونيسيا وتايوان ما زالت فعّالة تجاه البعوض. وأظهرت الدراسة أنّ بعوض النمر الآسيوي يقاوم المبيدات الحشرية إنّما بدرجات أخفّ.

وأشارت الدراسة التي نُشرت في مجلة "ساينس أدفنسز" في نهاية ديسمبر/ كانون الأول المنصرم إلى أنّ "طرقاً شائعة الاستخدام لن تكون فعّالة بعد اليوم" في السيطرة على أعداد البعوض المؤذي، بحسب ما يقول الخبير في جامعة سيدني البروفسور كامرون ويب لوكالة "فرانس برس". ويشير ويب إلى الحاجة الضرورية لمواد كيميائية جديدة، مشدّداً على وجوب أن تفكّر السلطات والعلماء في طرق جديدة للوقاية من الفيروسات التي ينقلها البعوض، كاللقاحات مثلاً. ولا تتوفّر إلا لقاحات قليلة لمقاومة حمّى الضنك حالياً.

وأجازت إندونيسيا ثمّ الاتحاد الأوروبي، في عام 2022 المنصرم، لقاحاً طوّرته مجموعة الأدوية اليابانية "تاكيدا"، في حين أنّ استخدام اللقاح المطوّر من مختبرات "سانوفي" الفرنسية محدود جداً لأنّه قد يفاقم حدّة أعراض المرض لدى الأشخاص الذين لم يسبق لهم أن التقطوا الفيروس.

وقد شهدت الإصابات بحمّى الضنك ارتفاعاً كبيراً في مختلف أنحاء العالم في السنوات العشرين الأخيرة، مع تسجيل ما بين 100 و400 مليون إصابة سنوياً، بحسب منظمة الصحة العالمية. ومع أنّ 80 في المائة من الحالات تكون خفيفة أو من دون أعراض، فإنّ بعض المصابين قد يواجهون مضاعفات مميتة.

وينصح كاساي، الذي يخشى انتشار البعوض المقاوم جداً للمبيدات في دول أخرى "في المستقبل القريب"، بتنويع المبيدات الحشرية قدر الإمكان، إلا أنّ المشكلة تكمن في أنّ أساليب عملها على البعوض تكون متشابهة في الغالب. وتشمل الحلول البديلة تكثيف الجهود للقضاء على مناطق تكاثر البعوض أو تعقيم ذكور البعوض باستخدام بكتيريا ولبخية، وهي طريقة مبتكرة أظهرت نتائج إيجابية محلياً.

يُذكر أنّ مكان ظهور طفرات مقاومة البعوض للمبيدات الحشرية وتوقيته ما زالا مسألتَين غامضتَين. ويوسّع كاساي حالياً أبحاثه لتشمل مناطق آسيوية أخرى، فيما يدرس عيّنات حديثة أكثر من البعوض في كمبوديا وفيتنام، لمعرفة احتمال تسجيل أيّ تغيير مقارنة بنتائج دراسته السابقة التي امتدت ما بين عام 2016 وعام 2019.

(فرانس برس)

المساهمون