أعربت جمعيات ومنظمات حقوقية في بريطانيا عن مخاوفها إزاء إقرار مجلس العموم البريطاني مشروع قانون يتيح للحكومة ترحيل المهاجرين الوافدين بطريقة سرية إلى رواندا، ما من شأنه أن يهدّد سيادة القانون في البلاد. إذ يصر رئيس الوزراء ريشي سوناك على المضي قدماً في خطة رواندا، حتى بعدما قضت المحكمة العليا بعدم قانونيتها.
وتقول اللجنة المشتركة لحقوق الإنسان بمجلسي النوّاب واللوردات إن إعلان مشروع القانون بأن رواندا بلد آمن "يثير أسئلة دستورية صعبة حول الفصل بين السلطات وسيادة القانون".
ويمنع مشروع القانون المحاكم من إجراء تدقيق مستقل ودقيق لأي ادعاء بوجود أسباب حقيقية للخوف من خطر حقيقي للإعادة القسرية. ما يتعارض مع التزامات المملكة المتحدة الدولية بما في ذلك اتفاقية اللاجئين والاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان.
تقول المستشارة القانونية في قوانين الهجرة واللجوء في بريطانيا ناديا البزاز، لـ "العربي الجديد"، إن ما حدث باختصار هو أنّ الحكومة قدّمت مشروع رواندا الجديد بعد تعديل النقاط التي اعتمدت عليها المحكمة العليا في قرارها لرفض مشروع القانون السابق، في محاولة لترهيب طالبي اللجوء، وردع آلاف المهاجرين الذين يصلون يومياً من فرنسا وأيرلندا.
وتوضح البزاز أنّ البلاد اعتمدت خطة اللجوء في رواندا للحد من أعداد طالبي اللجوء، التي ارتفعت مع خروجها من الاتحاد الأوروبي، والذي أدى إلى خروجها من "اتفاقية دبلن"، والتي تقضي بإنشاء قاعدة بيانات تحوي بصمات اللاجئين غير النظاميين إلى دول الاتحاد الأوروبي، ولا تزال بصمة اللاجئ من هذه المنظومة إلا بانقضاء عشر سنوات، أو بحيازة صاحبها جنسية إحدى الدول الأوربية. وتضيف: "عمدت الخطة الحكومية إلى التحايل على المشاكل السابقة التي أعاقت رحلات الترحيل بسبب التكاليف المتزايدة، وركزت على تقديم أدلّة للمحكمة العليا تتمحور حول ضمان عدم ترحيل طالبي اللجوء المنقولين إلى رواندا إلى بلد آخر قد يواجهون فيه الاضطهاد، مع التعامل مع الحالات الاستثنائية، وستضم جلسات الاستئناف لجنة من القضاة البريطانيين وقضاة الكومنولث إلى جانب قضاة روانديين، لتحديد ما إذا كان الشخص سيبقى في رواندا أو سيعاد إلى المملكة المتحدة".
بدوره، يقول المتخصص في الهجرة واللجوء في لندن، عمرو محب اللواتي، لـ "العربي الجديد"، إنّ "البند 5 من مشروع القانون، الذي يسمح للمملكة المتحدة بتجاهل الإجراء المؤقت الصادر عن المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان، من شأنه أن يأذن صراحةً للوزير بالتصرف بشكل ينتهك القانون الدولي. مشروع القانون يبطل التقييم الواقعي الذي أجرته المحكمة العليا لخطر الضرر في رواندا، من دون معالجة مخاوف المحكمة بدقة بشأن نظام اللجوء الرواندي. ببساطة، لا يتماشى مع المسؤوليات المناسبة أو المعايير الأخلاقية المتوقعة من البرلمان البريطاني".
ويلفت اللواتي إلى أنّ مجلس نقابة المحامين يحذّر من أن الموافقة على مشروع القانون قد تؤدي إلى المخاطرة بتقويض نزاهة إجراءات المحكمة، وأن تجاهل الحكم الصادر عن أعلى محكمة في البلاد هو مسألة بالغة الخطورة، كما يشير إلى اعتماد مشروع القانون على "وهم قانوني" يعتبر رواندا بلداً آمناً، إلى جانب تعليق الأحكام الرئيسية لقانون حقوق الإنسان لعام 1998، ما يرقى فعلياً إلى مستوى عدم التقيد المحلي بالاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان.
وأثار مشروع القانون انتقادات عدة، إذ اعتبر مركز بينغهام، وهو منظمة لتعزيز سيادة القانون على مستوى العالم، أن اعتبار رواندا دولة آمنة في ضوء معاهدة رواندا المبرمة مؤخراً، يتعارض مع سيادة القانون، كونه بمثابة اغتصاب السلطة التشريعية للوظيفة القضائية، ويتعارض مع الفهم الدستوري للفصل بين السلطات الذي يتطلب من السلطة التشريعية احترام جوهر الوظيفة القضائية. ويستنتج المركز أن بعض أحكام مشروع القانون تتعارض مع التزامات المملكة المتحدة بالقانون الدولي، بما في ذلك الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان، ومبدأ عدم الإعادة القسرية المنصوص عليه في العديد من مصادر القانون الدولي التي وافقت المملكة المتحدة على الالتزام بها، بما في ذلك اتفاقية اللاجئين التي يمكن القول إنها أيضاً أحد مبادئ القانون الدولي العرفي.
ويشكّك تقرير لمركز أبحاث "فريدوم هاوس"، في اعتبار رواندا دولة آمنة لطالبي اللجوء، ويقول إنّه في حين حافظت حكومة رواندا خلال عهد الرئيس بول كاغامي على الاستقرار والنمو الاقتصادي، إلا أنها انتُقدت بشدة بسبب قمعها المعارضة السياسية من خلال الرقابة الدقيقة والترهيب والتعذيب أو حتى الاغتيالات المشتبه بها للمنشقين.