باكستان تفرض "تأشيرة" على دخول البشتون إلى البنجاب

06 ديسمبر 2023
السلطات الباكستانية تخضع البشتون لقيود إضافية (عارف علي/فرانس برس)
+ الخط -

يتفاقم الوضع الأمني في باكستان في خضم انقسام سياسي كبير، وطاولت أعمال العنف شرائح مختلفة آخرها الهجوم على حافلة في مدينة جلاس بإقليم غلغت بلتستان الشمالي، حيث قتِل 8 أشخاص وجرح 26 في 2 ديسمبر/ كانون الأول. وأثار الهجوم ضجة في الإقليم الذي يعتبر آمناً نسبياً مقارنة بباقي مناطق باكستان. 
تؤكد الحكومة الباكستانية أنها تتخذ كل الإجراءات للتصدي لأعمال العنف واحتواء الأزمة الأمنية، لكن انعكاسات هذه الإجراءات ثقيلة على الوضع الاجتماعي في البلاد. على سبيل المثال، قررت الحكومة منع أبناء قبائل البشتون الذين يسكنون في مناطق الشمال الغربي من دخول إقليم البنجاب، أو تجاوز إقليم خيبر بختونخوا إلا بعد الحصول على تصريح، وتعبئة استمارة خاصة تتضمن المعلومات الشخصية للفرد، وتحديد هدف دخول الإقليم، والمكان الذي سيسكن فيه.
وتصف الحكومة الإجراءات بأنها "استثنائية" من أجل إرساء الأمن والتصدي لأي محاولة لزعزعة أمن البلاد، لا سيما في إقليم البنجاب، لكن القبائل البشتونية تعتبر أن الإجراء يعكس التمييز في التعامل مع أبنائها.
وقال زعيم حركة الحماية عن البشتون، منظور بشتين، في كلمة خلال اعتصام نظمه أفراد من القبائل في 30 نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، لرفض الإجراءات الباكستانية على الحدود مع أفغانستان: "نحتاج الآن إلى أخذ تصريح يمكن وصفه بأنه تأشيرة لدخول إقليم البنجاب، في إجراء لا مبرر له لدخول إقليم داخل باكستان".
وتابع: "فرضت سلطات إقليم البنجاب إجراءات جديدة نعتبرها تأشيرة دخول، ونحن نرد عليها بأننا لا نحتاج إلى إقليم البنجاب الذي يترأس باكستان منذ عقود، ونقول لهذه السلطات ولصانعي القرار في بلادنا، خاصة المؤسسة العسكرية، إننا لا نحتاج إلى الذهاب إلى إقليم البنجاب التي أشعلت سلطاتها فتيل الحرب في مناطق البشتون، والمؤسسة العسكرية التي يتربع عليها إقليم البنجاب تنفذ منذ عقود مؤامرات في حق أبناء البشتون. وجعل ذلك أبناء البشتون يحتاجون إلى ممارسة مهن مهينة في إقليم البنجاب من أجل لقمة العيش".
واتهم بشتين سلطات إقليم البنجاب بالتحكم بكل الموارد الطبيعية لمناطق قبائل البشتون التي دعاها مع الأحزاب الدينية والقومية البشتونية إلى "اتخاذ موقف واحد مما تتعرض له، وإلا سيكون القادم أكثر صعوبة".

الصورة
نحو تنقلات أصعب للبشتون داخل باكستان (عارف علي/ فرانس برس)
نحو تنقلات أصعب للبشتون داخل باكستان (عارف علي/فرانس برس)

ويقول الزعيم في قبيلة مهمند البشتونية، محمد شاهد، من مدينة بشاور لـ"العربي الجديد": "استغربت كثيراً خبر منع أبناء القبائل البشتونية من دخول إقليم البنجاب، واعتقدت في البداية بأنه خبر غير صحيح، خصوصاً أن أخباراً كثيرة غير دقيقة منتشرة. لم يتوقع أحد فرض هذه الإجراءات التي بدأت السلطات تنفيذها، علماً أن تعبئة استمارة لدخول البنجاب تتطلب دفع مبلغ مالي يشكل عبئاً إضافياً، لكن التكلفة المالية ليست المشكلة الأكبر، بل الآثار السلبية للإجراءات على المجتمع الباكستاني، خاصة أنها تأتي في فترة تتزامن مع إخراج الحكومة اللاجئين الأفغان غير الشرعيين، وإعلان نيتها إخراج اللاجئين الأفغان الشرعيين قريباً، والأفغان من أبناء قبائل من البشتون".
وثمة اعتقاد رائج بأن صانعي القرار في باكستان يتعاملون مع البشتون على غرار ما فعلوا مع قبائل البلوش سابقاً، ولهذه الخطوات تأثيرات سلبية جمّة، خاصة أن قبائل البشتون والبلوش محرومة من حقوقها في باكستان منذ عصور.
ويبدو أن عيون صانعي القرار الباكستانيين مركزة على أفغانستان حيث يسود الاستقرار، ويتحسّن الوضع الاقتصادي، وقبائل البشتون ممثلة في حركة طالبان الحاكمة، في حين يلقى البشتون معاملة غير جيدة في باكستان، ما يجعل القبائل المحاذية للحدود مع أفغانستان، بشتونية وبلوشية، تفضل الانتقال إلى أفغانستان، خاصة أن عدداً كبيراً من أبنائها في باكستان يملكون أراضي داخل أفغانستان.

ويقول الزعيم القبلي رحمت الله خان لـ"العربي الجديد": "حين استقلت باكستان عن الهند جرى توزيع القبائل البشتونية على طرفي الحدود، لذا يعيش أبناء عمومة لأفرادها على الجانب الثاني من الحدود، ويتشاركون معهم في الأفراح والأحزان. ولم تفرض السلطات الباكستانية أي إجراءات عليهم سابقاً، وكانوا يتحركون في الصباح والمساء إلى الجانب الأفغاني، ويأتي إليهم أبناء عمومتهم من باكستان".
ويقول أحد المشاركين في الاعتصامات الأخيرة للبشتون، عبد الصبور أجكزاي، لـ"العربي الجديد": "تضم قبائل البشتون مئات آلاف الأفراد الذين سينتفضون إذا لم تلب الحكومة المطالب التي نعتبرها شرعية لأنها تتعلق بحياتنا الاجتماعية، إذ نرتبط بعلاقات أسرية مع القبائل في الجانب الثاني من الحدود، وتعلم إسلام آباد أننا نصرّ على تنفيذ مطالبنا، ولن نتنازل عن حقوقنا".

المساهمون