انهار مبنى سكني جزئياً في بلدة المنصورية الواقعة في قضاء المتن بمحافظة جبل لبنان، إلى الشرق من العاصمة اللبنانية بيروت، اليوم الاثنين، وذلك بسبب السيول التي خلّفتها الأمطار التي تساقطت ابتداءً من مساء أمس الأحد. وعلى الفور، حضرت إلى المكان فرق من الصليب الأحمر اللبناني ومن الدفاع المدني، وتعمل الأخيرة على إخراج الأشخاص العالقين في داخله وتحت الأنقاض.
وأفاد مصدر مطّلع "العربي الجديد" بأنّ "المبنى يُعَدّ قديم الإنشاء، وهو مؤلّف من سبع طبقات، تضمّ كلّ طبقة منها شقّتَين. وقد انهارت أربع طبقات فيما بقيت ثلاث فوق الأرض". أضاف أنّه "وفقاً للحصيلة الأولية، أُنقذ أربعة أشخاص في حين أنّ عمليات البحث ما زالت جارية لإنقاذ ثلاثة آخرين عالقين تحت الردم"، مشيراً إلى أنّه "لا نملك حتى الساعة أيّ معطيات دقيقة حول عدد سكان المبنى وعدد الناجين وأعمارهم واحتمال وقوع ضحايا أو عدمه".
وأوضح المصدر المطّلع نفسه أنّ "بلدية المنصورية سبق أن حذّرت في شهر أغسطس/ آب الماضي من خلل في مرتكزات وأعمدة المبنى، وطالبت بضرورة إخلائه وتدعيم أساسه المعرّض للانهيار. لكنّ سكان المبنى لم يمتثلوا للإنذار، واستقدموا مهندسين أكّدوا لهم أنّ المبنى صالح للسكن".
ولفت المصدر إلى أنّ "البلدية أخلت اليوم، بعد حادثة الانهيار، المبنى المجاور، كونه معرّضاً كذلك للانهيار من جرّاء أعمدة محطّمة، في حين أنّ المبنيَين المجاورَين يصلحان للسكن". وبيّن أنّ "هذه المباني الأربعة قديمة، وقد شُيّدت منذ ثمانينيات القرن الماضي، وتُعرَف باسم مباني يزبك 10 في حيّ بدران".
وعقب الانهيار، توجّه وزير الداخلية والبلديات في حكومة تصريف الأعمال بسام مولوي إلى المكان، وأوضح أنّ الأجهزة المعنية، لا سيّما الدفاع المدني، لن تترك الموقع، ولن تتوقّف الجهود قبل إنقاذ جميع العالقين في داخل المبنى.
وشدّد مولوي على أنّه سوف يطلب من الأجهزة الأمنية البقاء في محيط المكان، حرصاً على الممتلكات وحمايتها من السرقة، سواء في المبنى المنهار أو المبنى المجاور الذي أُخلي. وأشار الوزير إلى أنّ كلّ شخص تقاعس في عمله سوف يحاسب وسوف يتحمّل المسؤولية، وقد جرى التواصل مع هيئة التنظيم المدني ونقابة المهندسين وجهات معنية أخرى للتأكد من عدم تصدّع المباني المجاورة.
وفي بيان أصدره الدفاع المدني، أفاد بأنّه فور تبلّغه خبر الانهيار، "توجّه عناصر الدفاع المدني المدرّبين على تنفيذ مهمّات الإنقاذ والإغاثة والإخلاء من تحت الانقاض من مراكز متعدّدة إلى الموقع المحدّد". أضاف أنّ عناصره باشرت عملها بمؤازرة فرق إنقاذ أخرى، وقد تمكّنوا من سحب خمس مواطنات من بين الأنقاض، من دون الإفادة بأيّ تفاصيل حول حالاتهنّ.
وفي سياق متصل، كلّف مدير عام الدفاع المدني العميد ريمون خطار، الموجود في موقع الحادثة للإشراف على سير العمليات، الأجهزة المعنية بإجراء إحصاء دقيق لعدد سكان المبنى، وتدوين أرقام هواتفهم للتمكّن من التواصل معهم، ووضع قائمة نهائية بعدد المفقودين وهويّاتهم.
من جهته، قال النائب عن قضاء المتن رازي الحاج، الذي توجّه كذلك إلى المكان، إنّ لديه لائحة بأسماء سبعة أشخاص من المرجّح أنّهم كانوا في المبنى لحظة انهياره، والعمل جارٍ للعثور عليهم.
وأجرى الحاج اتصالاً مع الأمين العام للهيئة العليا للإغاثة اللواء الركن محمد خير، وبحثا في سبل معالجة ما نتج عن الانهيار الذي لم تتّضح تفاصيله بعد. ووعد خير النائب الحاج بإرسال فريق من الهيئة للكشف على المبنى ومسح الأضرار والتنسيق مع القوى الأمنية وعناصر الدفاع المدني والصليب الأحمر التي حضرت إلى المكان.
هكذا كان وضع الاعمدة في مبنى #المنصورية المنهار في ١٦ آب ٢٠٢٣، البلدية ارسلت انذار للاخلاء ... اجراء تحقيق وتحديد المسؤوليات اساس بعد انقاذ الارواح تحت الانقاض! pic.twitter.com/Nezy5ROdOO
— Razi W. El Hage (@RaziElHage) October 16, 2023
بحسب استبيان نشرته "المفكرة القانونية" في فبراير/ شباط 2023، نقلاً عن رئيس "شبكة سلامة البناء" المهندس يوسف عزام، فإنّ ثمّة 16.460 مبنى (تقريباً) يعود تاريخ تشييدها إلى أكثر من 40 عاماً بحسب بيانات عام 2012، أي أنّها تخطت اليوم 50 عاماً. وتتوزّع هذه المباني على الأراضي اللبنانية على الشكل الآتي: 10.460 مبنى في بيروت، و4000 مبنى في مدن طرابلس (شمال) وزحلة (شرق) وصيدا (جنوب)، و600 مبنى في برج حمّود (ضاحية بيروت الشرقية) والشياح (ضاحية بيروت الجنوبية)، و640 مبنى في قرى جبل لبنان (إلى الشرق من بيروت)، و460 مبنى في قرى محافظتَي البقاع (شرق) والجنوب، و300 مبنى في قرى محافظة الشمال.
وبيّن عزام أنّ عمليّة تدقيق تمّت، أو ما يُعرَف بـ Cross Checking لما نسبته 0.1 في المائة، أي 160 مبنى، للتأكد من صحة البيانات التي أصدرها البرنامج. وأوضح أنّ المباني التي أُنشئت قبل 50 عاماً لم تُبنَ استناداً إلى معايير السلامة العامة، وبالتالي لا بدّ لهذه المباني من أن تكون على سلّم الأولويات خلال تنفيذ المسح الميداني. لكنّه يلفت إلى أنّ "هذا لا يعني بالضرورة أنّها مبانٍ معرّضة للانهيار".
وتُتّهم السلطات اللبنانية بالتراخي وإهمال ملفّ المباني المتصدّعة وبأنّها لا تتحرّك إلا عند وقوع كارثة وبأساليب خجولة، متذرّعة بافتقار البلديات إلى الموارد المالية والبشرية لإنجاز المهام اللازمة.
ويشهد لبنان، منذ مساء أمس الأحد، طقساً عاصفاً وماطراً تسبّب في طوفان الطرقات واحتجاز مواطنين لساعات داخل سياراتهم بسبب تشكّل برك المياه، وقد عمل عناصر الدفاع المدني على إنقاذهم.