انهيار القطاع الصحي يودي بحياة رضيعة لبنانية

14 يوليو 2021
القطاع الصحي اللبناني في أزمة (جوزيف عيد/ فرانس برس)
+ الخط -

بعد يومين على وفاة الطفلة جوري السيد (10 أشهر) نتيجة انقطاع الدواء المطلوب لعلاجها، قضت الطفلة ميرال الجندي (5 أشهر)، لتنضمّ إلى قائمةٍ لا تنتهي من ضحايا الفساد والإهمال في لبنان، منذرةً بعواقب وخيمة في بلدٍ تهالكت فيه المنظومة الصحية بأكملها، وشُلّت القطاعات الحيوية برمّتها.
ميرال، ابنة بلدة دير عمار (شمال لبنان) والتي شغلت قضيتها مواقع التواصل الاجتماعي، رحلت بصمت تاركةً خلفها والدين مفجوعين وشقيقةً بعمر الـ 3 سنوات، بعدما تعذّر إيجاد سرير في العناية الفائقة في أكثر من مستشفى حكومي وخاص في المنطقة والجوار. 
وإذ تعدّدت الروايات حول سبب وفاة الطفلة، يوضح عمّها زياد الجندي لـ"العربي الجديد"، أنّها "أُصيبت بارتفاعٍ حادّ في درجة حرارة جسدها ترافق مع تقيؤ، نتيجة التقاطها جرثومة وفق تشخيص الطبيب المعالج. غير أنّ تدهور حالتها الصحية استدعى نقلها ليل الأحد الماضي إلى قسم الطوارئ في مستشفى الخير في المنية (شمال البلاد)، وقدم لها الطاقم الصحي الإسعافات الأولية اللازمة، قبل أن يتوقّف قلبها مرتين في الليلة ذاتها، فكان أن أسعفها بتنفّسٍ اصطناعي، وأكّد على ضرورة نقلها إلى مستشفى يتضمّن وحدة عناية مركّزة للأطفال".

يضيف: "تواصلنا على مدى ساعات مع أكثر من مستشفى حكومي وخاص في محافظة الشمال، لكن ما من مجيبٍ على أرقام الطوارئ الخاصة بهذه المستشفيات، وكذلك الحال لدى تواصلنا مع فعاليات المنطقة، فكان أن قصدنا مستشفى طرابلس الحكومي ليلاً، غير أنّهم أفادونا بأنّه ما من سريرٍ شاغرٍ في قسم العناية المركّزة للأطفال. بناءً عليه، اتصلنا أول من أمس الإثنين بوزير الصحة العامّة حمد حسن، الذي بادر على الفور إلى تأمين سريرٍ لميرال في مستشفى الكرنتينا الحكومي (بيروت)، حيث توفيت عصر أمس الثلاثاء بعد التهابٍ رئويّ حاد، وخصوصاً أنّ حالتها كانت قد تدهورت، وقد تأخر وصولها إلى منطقة الكرنتينا بسبب زحمة السير الخانقة من جراء إقفال عددٍ من الطرقات".
وإذ يؤكّد الجندي أنّ ابنة أخيه لم تمت من جراء انقطاع الأدوية كما أُشيع عبر مواقع التواصل الاجتماعي، بل بسبب "عدم وجود سريرٍ شاغرٍ في العناية المركزة للأطفال في محافظة الشمال، ونتيجة نقص الأجهزة والمعدّات اللازمة"، لا يخفي عتبه على فعاليات منطقة المنية ومستشفى طرابلس الحكومي ومديرها، قائلاً: "لم يحتكموا لإنسانيتهم، فلو بذلوا القليل من الجهد لكان بالإمكان تأمين سريرٍ شاغر ينقذ حياة ميرال". كما انتقد الطبيب الذي تمّ استدعاؤه لمعالجتها في مستشفى الخير، إذ اشترط أن يُدفع له مبلغ 700 ألف ليرة لبنانية (نحو 467 دولاراً أميركيّاً وفق سعر الصرف الرسمي) في مقابل مرافقة الطفلة بسيارة الإسعاف باتجاه العاصمة بيروت، رافضاً قبول مبلغ أقل إذ عرضنا عليه 500 ألف ليرة. فما كان منّا إلا أن دفعنا له المبلغ المطلوب كاملاً". ويسأل: "أين قسم اليمين وأين شرف المهنة والضمير الإنساني؟".

من جهته، يقول مدير العناية الطبية في وزارة الصحة، جوزيف الحلو، في حديثه لـ "العربي الجديد"، إنه "في محافظة الشمال بأكملها، لا يوجد سوى مستشفى طرابلس الحكومي الذي يضمّ قسم عناية مركّزة للأطفال، والقسم المذكور يتضمّن فقط خمسة أسرّة لأطفال من عمر 3 أو 4 أشهر لغاية 10 سنوات". يضيف: "بعض مستشفيات الشمال يضمّ قسم عناية للأطفال الخدّج، وقسماً للأطفال، لكن المشكلة الأساسية هي في غياب أقسام للعناية الفائقة للأطفال، ناهيك عن صعوبة إيجاد أطباء وفريق طبي وتمريضي لهذه الأقسام".
وعن الطفلة ميرال، يكشف أنّه "بأقل من خمس دقائق قمنا بتأمين سريرٍ لها في مستشفى الكرنتينا الحكومي، غير أنّها وصلت بوضعٍ سيئ". ويقول: "نتعاون دائماً لأجل صحة الأطفال وسلامتهم، وكان عدد من المستشفيات الخاصة ينوي فتح أقسام عناية مركزة للأطفال، لكن الأزمة المالية عرقلت هذه المسألة. لذلك، نجد بعض المستشفيات يلجأ عند الضرورة إلى الاستعانة بغرف العناية الفائقة الخاصة بالكبار، للاهتمام بصحة طفل بعمر 9 أو  10 سنوات، ريثما يتمّ نقله إلى مستشفيات العاصمة".

المساهمون