انتخابات تركيا ومصير مساعدات السوريين

11 مايو 2023
فقد آلاف اللاجئين السوريين منازلهم في زلزال تركيا (بولنت كيليك/ فرانس برس)
+ الخط -

يحصل اللاجئ السوري صبحي عساف على مساعدة شهرية تبلغ قيمتها نحو 2000 ليرة تركية، وهي على قلتها، تساعده في تحمل أعباء المعيشة بعد الغلاء الفاحش وارتفاع إيجارات المنازل في تركيا.
ويقول الستيني المقيم في جنوب تركيا إن غالبية السوريين يخشون من أن يتم منعهم من استخدام خدمات المرافق الصحية، خصوصاً كبار السن أمثاله، ممن يتاح لهم حالياً تلقي العلاج وصرف الدواء بالمجان، وإنه في حال تقرر إيقاف المساعدات وجعل العلاج بأجر، ستضيق الحياة أكثر، وقد يعود إلى سورية رغم أن منزله هناك تهدم ولم يعد يملك شيئاً.
لم يتلق الرجل الذي يواصل العمل في مشروعات البناء أي مساعدة إضافية بعد الزلزال، لأن بيته لم يتأثر بحسب تقييم اللجان الرسمية، في حين تلقى سوريون وأتراك متضررون مساعدات بعد الزلزال، لكنها كانت غير كافية للترميم، أو لاستئجار منزل جديد، فأصحاب العقارات ضاعفوا قيمة الإيجارات، ولا يلتزمون بتعليمات الحكومة التي قررت أن لا تزيد نسبة الزيادة عن 25 في المائة، ومن يعترض على زيادة الإيجار، يقول له صاحب المنزل: اخرج.

ينفي السوري أنور الحجي (55 سنة)، ما تداولته وسائل الإعلام التركية حول تقديم مساعدات للسوريين، مؤكداً عدم صحة روايات المعارضة التي تروج أن السوريين يحصلون على مساعدات ومنح لكسب أصوات الرافضين لوجود السوريين في الانتخابات البرلمانية والرئاسية التي ستشهدها تركيا الأحد المقبل.
يقول الحجي، من ولاية غازي عنتاب القريبة من الحدود السورية، لـ"العربي الجديد": "لم تتغير معونة الهلال الأحمر التي يتلقاها السوريون شهرياً، وقيمتها 300 ليرة، وهي من المساعدات الدولية التي تأتي للاجئين السوريين، وترتفع القيمة إلى 450 ليرة لمصابي الحرب وبعض الحالات الخاصة، كما تم منح بعض السوريين المتضررين من الزلزال 10 آلاف ليرة، وليس 15 ألفاً كما يروج البعض، ووزعت تلك المساعدات على السوريين بالولايات المنكوبة كما على الأتراك، ولكن لم تطاول الجميع، بل فقط من تأثرت منازلهم بتصدعات أو خسروا ممتلكاتهم فقط".
ويشير الرجل السوري اللاجئ في تركيا منذ ثماني سنوات، إلى أن "رسائل جاءت لبعض السوريين تتضمن إضافة 1350 ليرة لحسابهم في كارت الهلال الأحمر، والبعض وصلته فعلاً، لكن الغالبية لم تصلهم المنحة، وأنا ممن لم تصلهم، ولا صحة لما يتم ترويجه بالتزامن مع الانتخابات، حول مساعدات للأطفال السوريين، وبحكم أنني أعمل لدى مسؤول عن المساعدات، فلا حقيقة لمنح تركيا راتباً بقيمة 3 آلاف ليرة لمدة عام للسوريين، والتي تناقلتها وسائل إعلامية".
ويشرح السوري الحاصل على الجنسية التركية محمد حسين تفاصيل المساعدات التي وصلت للسوريين خلال الزلزال وبعده بالقول: "تم التعامل مع السوريين المتضررين من الزلزال مثل الأتراك في الولايات المنكوبة، ووزعت المساعدات المالية مباشرة بعد تقييم اللجان، ومن لم يتضرر منزله لم يحصل على أي مال، والمنازل ذات الأضرار المتوسطة نال أصحابها 10 آلاف ليرة، والمنازل الأكثر ضرراً نال أصحابها 15 ألف ليرة، في حين تم صرف مبالغ تقترب من 300 ألف ليرة لمن تهدم منزله بشكل كامل".
يضيف حسين، العامل بمنظمة دولية: "نشبت خلافات بين المستأجرين السوريين وأصحاب المنازل، وأخذ بعض الملاك قيمة المساعدات بذريعة ترميم المنزل، أما منحة التنقل التي قيل إنها 3 آلاف ليرة، فلم يتقاضاها جميع السوريين المتضررين، وللأسف، ظهرت تصرفات عنصرية من بعض العاملين بمركز (أفاد) تجاه السوريين، حتى الحاصلين على الجنسية مثلي، تمثلت في عدم منحنا سكناً بديلاً بالولايات التي حددتها الحكومة. عندما زرت مركز (آفاد)، قالوا لي يمكن أن أقيم في سكن جماعي بالقسم الآسيوي من إسطنبول، وليس بولاية أنطاكيا كما حددت الحكومة".
ومن أنطاكيا، الولاية الأكثر تضررا بالزلزال، يقول اللاجئ السوري محمد حاج بكري، والذي تهدم منزله بالكامل: "خرجت وأسرتي بألبسة النوم، وفقدت نحو 30 شخصاً من أقربائي. ابن عمي وأسرته، وأخي وأسرته، وعمتي وأسرتها. لم يتم تعويضي بأي شيء سوى 10 آلاف ليرة للإيجار أسوة بالجميع رغم تهدم المنزل بالكامل. جنى عمرنا بما فيه من ذهب وجوازات سفر وممتلكات ضاعت. سجلت الخسائر لدى (آفاد) على أمل العثور عليها، أو تعويضنا عنها".

يخشى اللاجئون السوريون من نتائج الانتخابات التركية (أوزان كوسي/فرانس برس)
يخشى اللاجئون السوريون من نتائج الانتخابات التركية (أوزان كوسي/فرانس برس)

ويقول الباحث التركي أوزجان أويصال لـ"العربي الجديد"، إن بلاده لم تفرّق في مساعدات الزلزال بين سوري وتركي، بل جاءت المساعدات على حسب الضرر، ولكن ربما حدث خلط بين مالك المنزل والمستأجر، إذ لا يحق للسوري اللاجئ التملك في تركيا.
يضيف أويصال: "المساعدات السابقة بشكل عام لم تتأثر، بل تتواصل مساعدات الهلال الأحمر، والتدفئة لجميع المسجلين، وتوجد مساعدات شهرية لمن لديه نسبة عجز أو إصابة، إضافة إلى العلاج والتعليم بالمجان، واستمرار أو قطع تلك المساعدات يظل منوطاً بالمستقبل، ومن سيفوز بالانتخابات وخططه تجاه اللاجئين".
بدوره، يقول رئيس تجمع المحامين السوريين الأحرار في تركيا غزوان قرنفل: "الأرجح أن تتوجه المساعدات الدولية للاجئين بتركيا إلى الداخل السوري لبناء وتجهيز ما يمكّنهم من العودة، وأتوقع زيادة وتيرة العودة بعد الانتخابات، وبحال فازت المعارضة، ستكون نسب العودة أكبر. حصل بعض السوريين المتضررين من الزلزال على معونة شهرية، بين 2000 و3000 ليرة، وهؤلاء من تهدمت مساكنهم، في حين راوحت التعويضات حسب الأضرار بين 10 و15 ألف ليرة، وقيل لنا إن المتوفى أحد أقاربه من الدرجة الأولى سيحصل على 100 ألف ليرة تركية".
ويرى اللاجئ العائد إلى سورية إبراهيم عوض (30 سنة)، أن "الخسارة الكبيرة ستكون عدم السماح لنا بالعودة إلى تركيا. عدت إلى شمال سورية بعد الزلزال مستفيداً من الإجازة لمدة شهرين التي منحت لنا، ونسمع تهديدات حالياً حول رفض عودتنا".
ويقول عوض من ريف إدلب، خلال اتصال مع "العربي الجديد"، إنه تسلم 15 ألف ليرة لأن منزله بولاية أنطاكيا تضرر بشكل كبير، لكنه رجع إلى سورية التي لا يملك فيها منزلاً، واستأجر منزلاً، ويعمل بقطاع البناء، لكن "مستقبلي أفضل بتركيا، وابنتي وابني كانا بمدرسة تركية، ويجيدان اللغة، وكان عملي جيداً، وأتمنى السماح لي بالعودة بعد الإجازة، بصرف النظر عن نتائج الانتخابات. لا أريد مساعدات مالية لأنني أستطيع العمل، بينما في سورية لا توجد فرص عمل بمحافظة إدلب".
وأصدرت السلطات التركية قراراً بعد الزلزال يسمح للأجانب المتضررين في مدنها الجنوبية بالذهاب إلى مختلف الولايات، مشيرة إلى أن عدد السوريين في الولايات العشر المنكوبة يبلغ مليوناً و737 ألف لاجئ، من إجمالي نحو 3.6 ملايين لاجئ سوري في عموم الولايات التركية.
ومنحت إدارة الهجرة التركية اللاجئين السوريين من حاملي بطاقة الحماية المؤقتة (كيملك) القادمين من الولايات التركية المنكوبة بالزلزال، إجازات استثنائية لزيارة بلدهم، تراوح بين شهر وستة أشهر، ويتم ذلك عبر عدة معابر، منها باب الهوى، شمالي إدلب، وباب السلامة، وجرابلس بريف حلب، إضافة إلى معبر تل أبيض بريف الرقة الشمالي، وعاد بحسب مسؤولين أتراك، نحو 50 ألف سوري إلى بلادهم.
ودأبت تركيا على منح اللاجئين السوريين حق التعليم والعلاج المجاني، فضلاً عن تقديم تسهيلات تتعلق بإقامة الأعمال، قبل أن تبدأ بصرف منح ومساعدات مالية إثر توقيع اتفاق مع دول الاتحاد الأوروبي في عام 2016، وذلك قبل أن يتبدل الحال، وتظهر عنصرية المعارضة خلال السنوات الأخيرة.

لجوء واغتراب
التحديثات الحية

وتتوزع المساعدات على ما يسمى "كارت الهلال الأحمر"، وهو عبارة عن مساعدة مالية شهرية لأفراد الأسر التي لا يوجد لها معيل، أو لم يبلغ أطفالها 18 سنة، ويستفيد منه نحو 1.3 مليون سوري. إضافة إلى "كارت بي تي تي"، والذي تقدمه مراكز التضامن الاجتماعي التركية بالتعاون مع الأمم المتحدة، وهو يدفع لمرة واحدة كمساعدة شتوية للاجئين السوريين، وتراوح قيمته بين 600 و900 ليرة تركية حسب عدد أفراد العائلة، وهو مخصص للاجئين المستقرين خارج المخيمات، كما توجد مساعدة مالية باسم كارت IOM، ويتم تقديمها من قبل المنظمة الدولية للهجرة.

المساهمون