أقدم زوجان مصريان لديهما من الأبناء ستة، ويزيد عمر كل منهما على 50 عاماً، على الانتحار بتناولهما معاً حبة "حفظ الغلال" السامة، في محل سكنهما بقرية دكما التابعة لمركز شبين الكوم في محافظة المنوفية، شمال العاصمة القاهرة، الإثنين، على خلفية تراكم ديون البنوك عليهما، وعدم قدرتهما على الإنفاق على أبنائهم الذين يدرسون في مراحل التعليم المختلفة.
ونُقل الزوجان إلى مشرحة مستشفى شبين الكوم التعليمي، تحت تصرف النيابة العامة تمهيداً للتصريح بدفنهما، إذ تبين أن الزوج بالمعاش، وزوجته لا تعمل (ربة منزل)، وأقدما على الانتحار جراء معاناتهما من أوضاع اقتصادية صعبة خلال الفترة الأخيرة، بفعل ما تشهده البلاد من موجة تضخم غير مسبوقة، وارتفاع في أسعار جميع السلع والخدمات الأساسية.
وسادت حالة من الحزن بين أهالي قرية دكما بالمنوفية، الذين ينتظرون انتهاء تحقيق نيابة شبين الكوم في الواقعة، لاستلام جثماني الزوجين لتشييعهما. وذلك بعد ساعات من محاولة شاب يدعى مصطفى نور الانتحار، بالقفز من أعلى سور قلعة صلاح الدين الأيوبي في قلب القاهرة.
وتعددت أنواع الانتحار في مصر نتيجة الظروف الاقتصادية الضاغطة في السنوات الأخيرة، منها القفز من المباني المرتفعة، وأمام عربات المترو، والغرق في مياه النيل، والشنق بحبل، وقطع شرايين اليد، فضلاً عن تناول أقراص "سوس القمح"، الذي بات الوسيلة الأسرع والأكثر رواجاً للانتحار في محافظات الدلتا والصعيد، لاحتواء الأقراص على مواد شديدة السمية، لها القدرة على إنهاء حياة الإنسان في دقائق معدودة.
وفقد المصريون أكثر من نصف مدخراتهم، وتراجعت دخولهم بنفس النسبة، منذ قرار البنك المركزي تعويم سعر الجنيه مقابل الدولار، في 21 مارس/آذار الماضي، ارتباطاً بتداعيات أزمة الحرب في أوكرانيا، ثم اتخاذ البنك قرارا آخر بتحرير سعر الصرف في 27 أكتوبر/تشرين الأول، بالتزامن مع إعلان الحكومة الحصول على قرض جديد من صندوق النقد، ليقفز السعر الرسمي للدولار من 15.64 جنيهاً إلى 24.48 جنيهاً حالياً.
ومع تولي الرئيس عبد الفتاح السيسي مقاليد الحكم عام 2014، حلت مصر في المرتبة الأولى عربياً في معدلات الانتحار، متجاوزة في ذلك دولاً تشهد نزاعات مسلحة وحروباً أهلية، يليها السودان، ثم اليمن فالجزائر، بحسب منظمة الصحة العالمية، والتي رصدت 3022 حالة انتحار موثقة في البلاد عام 2019، بينما يتجاوز عدد المحاولات الفاشلة هذا الرقم بكثير.
ولا تتوافر إحصاءات رسمية في مصر عن معدلات الانتحار الحقيقية، لأسباب منها تسجيل الوفيات على أنها طبيعية، خشية شعور العائلات بالعار أو الوصم المجتمعي.