اليمنيون ضحايا للابتزاز في شهر رمضان

26 ابريل 2021
متطوعات يحضرن الطعام للفقراء (محمد حويس/فرانس برس)
+ الخط -

لا تعدّ الحرب المنغّص الوحيد لبهجة رمضان في اليمن، إذ يواجه المواطنون أزمات معيشية مزدوجة في ظل اختفاء مواد أساسية أو ارتفاع أسعارها بشكل مبالغ فيه خلال الأيام الأولى من الشهر، وهو ما دأب التجار على فعله وسط غياب تام للرقابة من قبل مؤسسات الدولة. وخلافاً للأزمات المعتادة في إخفاء غاز الطهي المنزلي، والبنزين، ورفع أسعار الخضار، شهد رمضان الجاري ظهور أزمات معيشية جديدة على رأسها مياه الشرب، وخصوصاً في مدينة تعز، جنوبي غرب البلاد.  
يقول سكان محليون لـ "العربي الجديد" إنّ سعر صهريج المياه سعة 3 آلاف لتر ارتفع من 6 آلاف ريال (نحو 23 دولاراً) إلى 15 ألف ريال (نحو 60 دولاراً)، في وقت يقوم بعض الموردين ببيعه بـ 12 ألف ريال (نحو 48 دولاراً)، أي بزيادة 100 في المائة عن الأسعار التي كانت معتمدة قبل أسبوعين. ويوضح عبد القوي الدهبلي، وهو من سكان حي الجمهوري في مدينة تعز، أن أزمة المياه قصمت ظهور المواطنين كونها أساسية، لافتاً إلى أن سبب الأزمة ما زال غامضاً، إذ يقول الموردون إن ارتفاع أسعار مادة الديزل هو وراء ارتفاع أسعار المياه، فيما يقول آخرون إن هناك شحا في المياه الجوفية داخل المدينة.  

كذلك، يشير الدهبلي إلى أنه انتظر مدة 4 أيام إلى حين وصول المياه إلى منزله هذه المرة، على الرغم من أن الموردين كانوا يصلون في السابق بعد ساعات من طلب المياه التي تستخرج من آبار جوفية في منطقة الضباب، غربي تعز. 
بالإضافة إلى المياه، يواجه المواطنون أزمة كهرباء، إذ يلجأ التجار الذين يتحكمون بشبكة الإمدادات عبر مولدات خاصة إلى تقنين ساعات الإنارة، في مقابل رفع سعر التعرفة بمقدار 80 في المائة. ومنذ بدء الحرب، يعتمد اليمنيون بشكل رئيسي على الكهرباء التي توفرها مولدات خاصة بعد توقف محطة التوليد الحكومية، فضلاً عن اعتماد شريحة واسعة من الأسر على الطاقة الشمسية. أما في مجال المياه، فيتم الاعتماد بشكل كلي على صهاريج تجارية لإيصالها إلى المنازل بعد توقف الضخ من آبار المياه الحكومية التي كانت تقدمها بأسعار رمزية.   

اكتظاظ في السوق (محمد حويس/ فرانس برس)
اكتظاظ في السوق (محمد حويس/ فرانس برس)

في هذا السياق، يعرب أحمد العديني، وهو موظف حكومي، عن حسرته لما آلت إليه الأوضاع المعيشية. ويقول لـ "العربي الجديد" إن المواطن بات ضحية للابتزاز خلال شهر رمضان، رغم أن مصادر الدخل منعدمة. يضيف: "نصارع بكل الوسائل لتوفير أبسط مقومات الحياة، وخصوصاً مياه الشرب ومادة القمح. بالنسبة للكهرباء، أصبحنا ندفع 470 ريالاً (1،8 دولار) في مقابل الكيلو واط الواحد، رغم أن سعره قبل حلول رمضان كان نحو 300 ريال (نحو دولار واحد).  
ويبلغ متوسط استهلاك غالبية الأسر للكهرباء 40 كيلو واط في الشهر، بحسب العديني. ويقول إنه في ظل التعرفة الحالية، سيتوجب عليه دفع 20 ألف ريال شهرياً (نحو 80 دولاراً). ويعزو أحد العاملين في محطة توليد خاصة ارتفاع أسعار الكهرباء إلى انعدام مادة الديزل وارتفاع سعر الغالون سعة 20 لترا بشكل مضاعف عما كان عليه قبل شهر، الأمر الذي اضطر الشركات الخاصة إلى رفع سعر التعرفة على المواطن أو تخفيض ساعات الإنارة. ويتزايد الاستهلاك لمادة الكهرباء في شهر رمضان بشكل مضاعف. ويقول بعض الأهالي إنهم يضطرون إلى تشغيل الثلاجات ساعات إضافية من أجل الاحتفاظ بالحلويات والمشروبات الرمضانية وتقديمها باردة حين يحين موعد الإفطار.  
وخلافاً للأعوام السابقة حين كانت المساعدات تعين العائلات، تهدد المجاعة عائلات كثيرة في الوقت الحالي، في ظل تراجع التمويل من المانحين.  
خلال العام الجاري، طالبت منظمة الأمم المتحدة بمبلغ 3.85 مليارات دولار أميركي لمساعدة 16 مليون يمني في حاجة ماسة للمساعدات. لكن التعهدات لم تتجاوز 1.7 مليار دولار أميركي في المؤتمر الأخير الذي عُقد مطلع مارس/ آذار الماضي، الأمر الذي جعل المنظمة تعتبر المخرجات "مخيبة للآمال". ويقول مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية في اليمن إن تقلّص النمو الاقتصادي يعدّ عاملاً رئيسياً إضافياً للمعاناة، في ظل استمرار الانهيار الاقتصادي والعملة واستنفاد الاحتياطيات من العملات الأجنبية وعدم قدرة الحكومة على دعم المواد الغذائية والسلع الأخرى التي يعتمد اليمن على استيرادها بنسبة 90 في المائة. 
وتخشى الأمم المتحدة من مصير مروع ينتظر 16 مليون يمني، منهم نحو 50 ألفا يتضورون جوعاً حتى الموت ويعيشون ظروفاً تشبه المجاعة، فيما سيعاني خلال عام 2021 أكثر من 400 ألف طفل من سوء التغذية الوخيم.  

قضايا وناس
التحديثات الحية

إلى ذلك، يقول الناشط الإغاثي اليمني أمجد الأغبري، إن المواطن يعدّ ضحية لتجار الحروب والأزمات منذ 6 سنوات، لكن ما يجري خلال العام الجاري هو أن أطراف النزاع تبتز التجار، الأمر الذي ينعكس بشكل مباشر على المستهلك. ويوضح لـ "العربي الجديد" أن كافة المؤشرات تفيد بأن الأزمة الإنسانية ستتفاقم هذا العام بشكل غير مسبوق، في ظل مخاوف أممية من ارتفاع أعداد النازحين في مأرب من جراء هجمات جماعة أنصار الله الحوثيين العدائية إلى 100 ألف نسمة، وانسداد آفاق إنهاء الأزمة وانهيار العملة المحلية إلى مستويات قياسية أمام العملات الأجنبية. يضيف: "ما يجري من استغلال ومتاجرة بمعاناة الناس هو بمثابة حكم إعدام يتشارك فيه أكثر من طرف، ويجب أن تتوقف الحرب اليوم وليس غداً قبل أن نصل إلى مرحلة الانهيار الكامل، وتنهار البنية التحتية في المستشفيات وأسواق الغذاء".  

المساهمون