قالت الأمينة العامة للجنة الوطنية الأردنية لشؤون المرأة، سلمى النمس، إنّ الوضع الاقتصادي أعاق عملية التعلّم عن بُعد في الأردن، لعدم قدرة العديد من الأسر على توفير أجهزة إلكترونية ودفع فواتير الإنترنت، إضافة إلى عدم القدرة على توفير البيئة اللازمة للتعلم عن بُعد.
وأضافت، خلال جلسة حوارية نظّمها منتدى عبد الحميد شومان، مساء الإثنين، تحت عنوان "أثر عامي الجائحة على التعليم"، وشارك فيها وزير التربية والتعليم العالي والبحث العلمي وجيه عويس، أنّ استطلاعاً للرأي نفّذته اللجنة حول أثر التعلّم عن بُعد خلال جائحة كورونا، كشف أنّ نسبة الطلبة الذين عانوا من عدم توفّر شبكة إنترنت هي 24.1 بالمائة، ومن ضعف الشبكة 23.4 بالمائة، و41 بالمائة عانوا من عدم توفر أجهزة كافية.
وأشارت إلى أنّ التعلّم عن بُعد وإغلاق المدارس عمّقا الفجوة بالنسبة للوصول للتعليم النوعي (البرامج الوطنية مقابل البرامج الدولية)، وخلق فجوات متعلقة بالجانب الاقتصادي وعلاقة الفقر بالحرمان من التعليم، والتسرّب من المدارس، كما أدى إلى حرمان الأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة وصعوبات التعلّم، من التعليم. كما عمّق الفجوة بين الجنسين في الوصول إلى التعليم، بالرغم من إغلاقها في الأردن وتفوق الإناث في الكثير من الحالات.
وأضافت أنه، بحسب دراسة أعدّتها مؤسسة "درة المنال" للتدريب والتنمية حول فاعلية التعليم عبر منصة "درسك"، وشملت 134 عائلة تمّ اختيارهم بشكل عشوائي، ظهرت عدّة حالات لأسر "تحرم الإناث فيها من استخدام الإنترنت لغايات التعلّم لأسباب وقناعات اجتماعية، كما ظهرت حالات أخرى يتم بها إعطاء الأولوية للذكور، في ظلّ نقص الأجهزة، ما أدى بالمحصّلة إلى حرمان الإناث من حقهن في التعليم".
وتشير توقعات سابقة لوزير التخطيط والتعاون الدولي، ناصر الشريدة، إلى أنّ نسبة الفقر في الأردن وصلت إلى حوالي 24 بالمائة، وذلك بصورة "مرحلية"، خلال جائحة كورونا. فيما كان البنك الدولي أشار إلى أنّ معدل الفقر الوطني ربما يرتفع حوالي 11 نقطة مئوية بالنسبة للأردنيين، بعد أن كان 15.7 بالمائة ليصل إلى حوالي 27 بالمائة.
بدوره، قال وزير التربية، وجيه عويس، إنه كان لجائحة كورونا فضل في إشاعة مفهوم الفاقد التعليمي، فأصبح هاجساً لدى التربويين وراسمي السياسات التعليمية لا يقلّ أهمية عن التعليم في وضعه الطبيعي، خاصة أنه يركز على المهارات الأساسية التي ينبغي لكل طالب في مرحلته الدراسية أن يكتسبها.
وأشار عويس إلى أنّ أهم التحديات التي واجهتها تجربة الوزارة في التعليم عن بُعد، تتمثّل في ضعف الإمكانيات المادية والبنية التحتية التكنولوجية لدى الطلاب والمعلمين في منازلهم، وعدم وجود محتوى تعليمي إلكتروني تفاعلي على المنصات يتوافق مع كافة المهارات وقدرة الطلبة، إضافة إلى أنّ منصة التعلم عن بعد ما زالت بحاجة إلى تطوير.
وأضاف: "كما أظهرت هذه التجربة، تدني التحصيل الدراسي واكتساب المهارات، وظهور شواهد نفسية سلبية لدى بعض الطلبة، ما حتّم على الوزارة زيادة نشاط المرشدين التربويين لمساعدة هؤلاء الطلبة، كذلك إجهاد الأمهات بشكل خاص وإحداث فاقد تعليمي نتج عنه خسارة كبيرة في المعرفة والمهارات التعليمية".
بدورها، أشارت الرئيسة التنفيذية لمؤسسة عبد الحميد شومان، فالنتينا قسيسية، خلال إدارة الحوار إلى أنّ "تقريرا للبنك الدولي خلال عام 2019، أظهر أنّ 52 بالمائة من الأطفال الأردنيين في الصفوف الابتدائية يعانون "فقر التعليم". وفي تقريره في صيف عام 2021، أعاد البنك الدولي التأكيد على ثبات نسبة هؤلاء الأطفال، بمعنى أنّ نصف طلبتنا في تلك الصفوف لا يستطيعون قراءة نصّ قصير بشكل سليم، وغير قادرين على فهمه". وأضافت أنّ خبراء وكتّاب في الشأن التعليمي، يرجّحون أن تكون النسبة قد ارتفعت، خصوصاً أنّ طلبة الصفوف الأولى، لم يتلقوا تعليماً موجهاً حقيقياً خلال عامي الجائحة، ولم تكن هناك أدوات قياس حقيقية للكفايات مع غياب المعلم أو الميسر، كما أنّ الواجبات المدرسية كانت شكلا من أشكال "الضحك على الذقون"، فقد تعاون الأهل والجيران في حلّها نيابة عن الطالب.
وقالت إنّ "تأثير الجائحة على التعليم لم يتوقف على عدم تحقيق الكفايات، بل تعداه نحو خسارات مجتمعية عميقة، فالجائحة أثّرت في الدخول الاقتصادية للأسر، وألقت بظلالها على الفتيات أكثر من غيرهن، ما زاد من تسربهنّ من المدارس، وارتفعت نسبة العنف ضدهن في البيوت، كما يقول خبراء إنّ نسبة زواج القاصرات ارتفعت بينهن".