الهواء النقي.. استثمار ملحّ من أجل الأطفال وسمائهم الزرقاء

08 سبتمبر 2024
صورة تعبيرية تظهر طفلاً وسماء زرقاء، 17 إبريل 2007 (كريستوفر برنارد/ Getty)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- الأطفال هم الأكثر تأثراً بتلوث الهواء، حيث يقضي نحو 709 آلاف طفل دون الخامسة سنوياً بسببه. تلوث الهواء يسبب أمراضاً خطيرة مثل أمراض القلب، السكتة الدماغية، وأمراض الرئة المزمنة.

- اليوم العالمي لنقاوة الهواء من أجل سماء زرقاء يُحتفل به في السابع من سبتمبر لزيادة الوعي بأهمية الهواء النقي. الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس يشدد على أن "التلوث قاتل صامت" يمكن وقفه.

- منظمة الصحة العالمية تؤكد أن 99% من سكان العالم يتنفسون هواءً ملوثاً، وأن تلوث الهواء مرتبط بتغير المناخ والنظم البيئية. السياسات الرامية إلى الحد من تلوث الهواء تفيد المناخ والصحة معاً.

"الهواء النقي من أجل سماء زرقاء" قد يبدو للوهلة الأولى عنواناً لحملة توعية مخصّصة للأطفال. فمَن حفظ أنّ السماء زرقاء اللون، من خلال كتب المطالعة الأولى والرسوم المتحرّكة والتهويدات والأغاني؟ ومَن يرسم السماء زرقاء نقيّة، أو مع غيوم بيض قليلة تتخلّلها أحياناً؟ ومَن يجيب بأنّ الأزرق هو لون السماء في المقابلة الأولى الممهّدة للدخول إلى المدرسة؟ الإجابة واحدة: الأطفال.

ومن حقّ الأطفال أن يحلموا بسماء زرقاء، ولا سيّما أنّ نحو 709 آلاف صغير دون الخامسة من العمر يقضون سنوياً لأسباب مرتبطة بالهواء الملوّث الذي يخطف زرقة السماء، علماً أنّ هؤلاء جزء من عدد أكبر من الأطفال الذين يسقطون ضحية تلوّث الهواء. وفي سياق متصل، تشير البيانات الأخيرة الصادرة عن الجهات المعنيّة إلى أنّ 99% من البشر يستنشقون هواءً ملوّثاً، الأمر الذي يؤدّي إلى 8.1 ملايين وفاة مبكرة.

وتلوّث الهواء يتسبّب في أمراض القلب والسكتة الدماغية وأمراض الرئة المزمنة والالتهاب الرئوي والسرطان والربو وغيرها من الأمراض التي لا تهدّد الأطفال فحسب، إنّما البشر بكلّ فئاتهم. لكنّ "الهواء النقي أمر ممكن للجميع"، ويبدو هذا شعاراً في متناول استيعاب الأطفال والبالغين، غير أنّ الأهمّ يبقى كيفيّة تحقيق ذلك.

لا شكّ في أنّ التفاؤل ضرورة من أجل تحقيق "أهداف سامية" مثل توفير الهواء النقي للبشرية جمعاء، غير أنّ الواقع لا يبعث على التفاؤل، إذ هو قاتم، وبالتالي فإنّ الأمر يتطلّب جهوداً حثيثة في الاتجاه المأمول. وقد تصبّ الدعوة التي أُطلقت أخيراً إلى "الاستثمار في الهواء النقي" و"العمل معاً من أجل نقاوة الهواء" في هذا الإطار. وقد يرى كثيرون أنّ الأمر "أفلاطوني"، غير أنّ الأمم المتحدّة بكلّ وكالاتها راحت تشدّد على ذلك بمناسبة اليوم العالمي لنقاوة الهواء من أجل سماء زرقاء المُدرَج في روزنامتها للأيام العالمية، في السابع من سبتمبر/ أيلول من كلّ عام.

وفي رسالته بمناسبة هذا اليوم العالمي، يحذّر الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس من أنّ "التلوّث قاتل صامت"، إلا أنّه يضيف "من الممكن وقفه". ويشرح المسؤول الأممي أنّ "الاستثمار في نقاوة الهواء ينقذ الأرواح، ويكافح تغير المناخ، ويعزّز الاقتصادات، ويبني مجتمعات أكثر عدلاً، وينهض بأهداف التنمية المستدامة"، ولا سيّما أنّ "التلوّث يخنق الاقتصادات ويزيد من حرارة كوكبنا، الأمر الذي يؤجّج نار أزمة المناخ. كذلك، يؤثّر التلوّث، بصورة غير متناسبة، في الفئات الأكثر ضعفاً في المجتمع"، بما في ذلك الأطفال. ويُشار مرّة جديدة إلى أنّ الأهمّ يبقى كيفيّة تحقيق ذلك.

بدوره، يشدّد المدير العام لمنظمة الصحة العالمية تيدروس أدهانوم غيبريسوس على أنّ لاستنشاق الهواء النقي "فوائد هائلة لصحتنا"، مبيّناً أنّ "تسعة من بين كلّ عشرة أشخاص في العالم يتنفّسون هواءً ملوّثاً". ويدعو غيبريسوس، بمناسبة اليوم العالمي لنقاوة الهواء من أجل سماء زرقاء"، "كلّ الدول إلى الاستثمار في سياسات من شأنها معالجة تلوّث الهواء وحماية رئاتنا وأدمغتنا وقلوبنا".

وتؤكد منظمة الصحة العالمية، في هذا الإطار، أنّ "جميع سكان العالم تقريباً (99%) يتنفّسون هواءً تتجاوز نسبة تلوّثه حدود المبادئ التوجيهية للمنظمة ويحتوي على مستويات عالية من الملوّثات"، لافتةً إلى أنّ أعلى معدّلات التعرّض لتلوّث الهواء تُسجَّل في البلدان ذات الدخل المنخفض والمتوسّط.

وتوضح الوكالة الصحية التابعة للأمم المتحدة أنّ جودة الهواء ترتبط ارتباطاً وثيقاً بالمناخ وبالنظم البيئية في العالم، مبيّنةً أنّ عوامل عديدة مساهمة في تلوّث الهواء تُعَدّ مصادر لانبعاثات غازات الدفيئة. وترى المنظمة أنّ السياسات الرامية إلى الحدّ من تلوّث الهواء تفيد المناخ كما الصحة، من خلال الحدّ من الأعباء المترتّبة على الأمراض التي يسبّبها هذا التلوّث تُعزى إلى تلوّث الهواء، بالإضافة إلى المساهمة في التخفيف من آثار تغير المناخ على المدى القريب كما على المدى البعيد.

وبمناسبة اليوم العالمي الذي تطالب من خلاله الجهات المعنيّة بتحقيق هدف "الهواء النقي" من أجل "سماء زرقاء"، ولأنّ تلوّث الهواء يساهم في تفاقم تغير المناخ الذي يهدّد كوكب الأرض، راحت اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ تدعو إلى "أخذ نفس عميق"، مشدّدةً على أنّ الهواء النقي ليس "ترفاً" ويجب ألا يكون كذلك.

في الإطار نفسه، يفيد الخبير لورينزو لابرادور، أحد كبار العلماء لدى المنظمة العالمية للأرصاد الجوية، بأنّ "تلوّث الهواء المسجَّل في الخارج (في الهواء الطلق) يتسبّب في أكثر 4.5 ملايين وفاة مبكرة سنوية، لوحده". والوفيات الناجمة عن هذا التلوّث، الذي تسبّبه خصوصاً المركبات والقطاع الصناعي، "تتخطّى عدد الوفيات السنوية التي تسبّبها الملاريا والإيدز مجتمعَين"، بحسب ما يوضح لابرادور.

ويشدّد المسؤول لدى المنظمة العالمية للأرصاد الجوية، بمناسبة اليوم العالمي لنقاوة الهواء من أجل سماء زرقاء، على أنّ "تلوّث الهواء يمثّل أكبر مخاطر عصرنا"، مشيراً إلى أنّه "ليس خطراً صحياً بحدّ ذاته فحسب، إنّما يفاقم كذلك تغير المناخ". وإذ يقول لابرادور إنّ "البيانات المتوفّرة في العالم كافية للاعتراف بأنّ القضية تطاول العالم ككلّ، ولا سيّما في المناطق الحضرية"، يرى أنّ الحلّ يبدأ بـ"الإقرار بأنّ ثمّة مشكلة قائمة" في هذا السياق.

 

المساهمون