الهزات الارتدادية تُقلق الناجين بالمغرب

13 سبتمبر 2023
خيام للناجين في مراكش (أبو آدم محمد/ الأناضول)
+ الخط -

تلقي الهزات الارتدادية بظلالها على الناجين من الزلزال الذي ضرب المغرب ليل الجمعة، ووصف بأنه الأقوى في تاريخ البلاد منذ قرن، بعدما بلغت قوته 7 درجات على مقياس ريختر، مخلفاً مئات الضحايا
ولا يُفارق القلق العديد من المغاربة، وخصوصاً في أقاليم مراكش، وورزازات، وشيشاوة، والحوز، وأزيلال، من جراء الهزات الارتدادية التي تتكرر بين الحين والآخر، وكان أحدثها صباح أمس. وسجل المعهد الوطني للجيوفيزياء في البلاد هزة في حوالي الساعة الواحدة و25 دقيقة بالتوقيت المحلي، شعر بها سكان مدينة مراكش، الذين اضطر عدد منهم إلى مغادرة منازلهم وقضاء ليلتهم في الشوارع والحدائق.
وعلى امتداد الأيام الماضية، سجلت العديد من الهزات الارتدادية في مناطق مختلفة، وخصوصاً تلك التي ضربها الزلزال يوم الجمعة الماضي. وشعر مواطنون يوم الأحد الماضي بهزة ارتدادية جديدة وصفت بالخفيفة، وخصوصاً في المناطق الجنوبية الشرقية لمدينة مراكش على غرار منطقة سيدي يوسف بن علي. ويقول عدد من المواطنين إن الهزة سجلت بحدود الساعة الحادية عشر والنصف من صباح الأحد، وحددت قوتها بـ 3.7 درجات، وهي ضمن الموجات الارتدادية بالقرب من مركز الزلزال الأول.
يوضح أحد سكان مدينة شيشاوة محمد أوعطوش، لـ "العربي الجديد"، أن بعض المواطنين اضطروا إلى مغادرة منازلهم في المدينة الإثنين والمبيت في الشوارع والمنتزهات والفضاءات المفتوحة خوفاً على أنفسهم من الهزات الارتدادية التي تسجل ببن الحين والآخر، مشيراً إلى أن هول ما حصل ليل الجمعة الماضية، وما شهدوه من دمار وضحايا، لا يزال حاضراً وبقوة في الأذهان، وكل من اهتزت الأرض من تحت أقدامهم انتابهم نفس الإحساس الذي عاشوه لأول مرة في حياتهم.
من جهته، يقول رئيس جمعية "تلوتيمت للتنمية الشاملة" بإقليم شيشاوة، مصطفى أوريك، إن الهزات الارتدادية هاجس يؤرق بال الناجين في قريته تلوتيمت منذ وقوع الزلزال، مشيراً إلى أنه بسبب تضرر المباني والمنشآت في القرية، يصعب الوصول إليها. يضيف: "ما زالت حالة الرعب تلقي بظلالها على السكان، ويزيد من وطأتها تكرر الهزات الارتدادية، وهو وضع اضطرهم إلى البقاء خارج البيوت مخافة سقوطها فوق رؤوسهم".

إلى ذلك، يؤكد مدير المعهد الوطني للجيوفيزياء، ناصر جابور، في حديث لـ "العربي الجديد "، أن مركز زلزال الحوز سجل صباح الثلاثاء هزة ارتدادية بلغت قوتها 3،4 درجات، سجلت في حوالي الساعة الواحدة و25 دقيقة، وشعر بها سكان مدينة مراكش، مشيراً إلى تسجيل مئات الهزات الارتدادية خلال الـ 72 ساعة الماضية. ويوضح أن "الهزات الارتدادية ستستمر لأشهر، وستختلف درجتها، وأكثر من 95 في المائة من السكان لن يشعروا بها".
يضيف أن "الهزات لا تبقى قوية، ويتعلق الأمر بهزات خفيفة محسوسة بشكل خفيف مقارنة بسابقاتها. نتمنى ألا تكون هناك هزة قوية تسبب الهلع في المستقبل وتخرج الناس من منازلهم". ويلي حدوث زلزال كبير هزات ارتدادية تكون قوية عقب الزلزال الأول، وقد تستمر أسابيع وربما سنوات في بعض الحالات. وتبلغ قوة الهزة الارتدادية بدءاً من درجة أقل من قوة الزلزال الأول. فإذا بلغت قوة الزلزال 7 درجات على مقياس ريختر، فإن العلماء يتوقعون حدوث هزة ارتدادية تالية بقوة تبلغ 6 درجات.

المغرب (فاضل سنا/ فرانس برس)
المغرب معرض بشكل كبير لمختلف أنواع الكوارث الطبيعية (فاضل سنا/ فرانس برس)

وعلى امتداد العامين الماضيين، كانت مناطق في المغرب عرضة لهزات أرضية عدة، دفعت كثيرين إلى التحذير من احتمال وقوع زلزال مدمر، كما كان الحال ليلة 24 فبراير/ شباط 2004، حين ضرب زلزال منطقة الحسيمة شمال شرق البلاد، مخلفاً نحو 630 قتيلاً في حصيلة أولية، معظمهم من سكان المناطق القروية.
وبحسب إحصائيات المعهد الوطني للجيوفيزياء الرسمية، أصبحت الهزات الأرضية ظاهرة يومية في بعض مناطق المغرب، وتسجل أجهزة الاستشعار والرصد التابعة للمركز يومياً حوالي 30 هزة تتراوح قوتها ما بين درجتين إلى 3 درجات على مقياس ريختر. وقال المركز إن هذه الهزات لا يشعر بها السكان ولا تشكل أي خطورة.
وخلال عام 2022، سُجّلت حوالي 20 ألف هزة في المغرب، وأيضاً بالمجال البحري، كانت غالبيتها ضعيفة باستثناء 12 هزة كانت قوية وشعر بها السكان في الشمال وأغادير، بحسب مدير المعهد الوطني.

قضايا وناس
التحديثات الحية

وكانت دراسة أعدها البنك الدولي ووزارة الشؤون العامة والحكامة في المغرب عام 2023، قد خلصت إلى أن البلد معرض بشكل كبير لمختلف أنواع الكوارث الطبيعية. واعتبرت أن مدينتي الناظور والحسيمة هما الأكثر عرضة لخطر الزلزال، واحتمال وقوعه يتجاوز 95 في المائة على مدى 30 عاماً.
في المقابل، تشير دراسة علمية أنجزها فريق دولي لتفسير ودراسة النشاط الزلزالي غرب البحر الأبيض المتوسط، إلى "ظهور فالق حديث في بحر البوران بين إسبانيا والمغرب، كان سبباً في الهزة الأرضية القوية التي ضربت المنطقة خلال العقود الأخيرة".

المساهمون