النزوح الداخلي مستمر في العراق بسبب المليشيات والثأر العشائري ودمار المنازل

22 أكتوبر 2021
سينتقل ملف النازحين إلى الحكومة المقبلة بعد تعذّر الحلّ (مرتضى السوداني/الأناضول)
+ الخط -

أخفقت حكومة رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي في الإيفاء بوعودها، التي أطلقتها عند تشكيلها، بطيّ أزمة النزوح الداخلي في العراق وإعادة جميع العراقيين إلى مناطقهم ومدنهم الأصلية. فحتى الآن، ورغم انتهاء عمر الحكومة وتحوّلها إلى تصريف الأعمال، ما زال هناك أكثر من مليون عراقي في رحلة نزوح داخلية، رغم انتهاء الحرب على تنظيم "داعش" الإرهابي واستعادة السيطرة على كل المدن والبلدات منذ ما يقارب خمس سنوات.

واليوم الجمعة، قال مسؤول عراقي بارز في بغداد إنّ ملف النازحين سينتقل إلى الحكومة المقبلة بعد تعذّر حلّ العقدة الأبرز فيه، وهي إعادة سكّان المدن التي تستولي عليها مليشيات مسلّحة وترفض عودة أهلها.

وأضاف في حديث لـ"العربي الجديد" أنّ "الفصائل المسلّحة، التي تسيطر على المدن والبلدات وترفض عودة السكّان، أظهرت قدرة كبيرة على المماطلة للإيفاء بوعود كثيرة قطعتها بشأن إعادة النازحين وإنهاء الملف".

ووفقاً للمسؤول ذاته، فإنّ احتلال المليشيات المدن، مثل جرف الصخر والعوجة ويثرب وعزيز بلد والعظيم والسعدية وسنجار والعويسات وذراع دجلة، ومناطق أخرى، يمثّل السبب الرئيس في استمرار أزمة النزوح، في حين تأتي المشاكل العشائرية والثأر ثم الدمار الذي حلّ بالمدن بالمرتبة الثانية والثالثة".

وأقرّ بأنّ "عمليات إغلاق المخيمات التي حدثت في العام الأخير، خاصة في نينوى وديالى والأنبار، خلقت شريحة نازحين خارج المخيمات أكبر بكثير ممن تبقى داخلها، إذ تركّز الكثير منهم في إقليم كردستان أو في مجمّعات عشوائية لتعذّر عودتهم إلى مناطقهم".

وتتركّز أغلب مخيمات النزوح في العراق حالياً ضمن إقليم كردستان شمالي البلاد، إذ رفضت حكومة أربيل القيام بأي عمليات طرد أو إغلاق قسرية للنازحين، واعتبرت أنّ مغادرتهم ستكون بناءاً على رغبتهم وليس رغبة السلطات، وضمن المعايير التي حدّدتها الأمم المتحدة، وهو على النقيض تماماً من موقف السلطات في بغداد.

قضايا وناس
التحديثات الحية

مدير دائرة الهجرة في محافظة السليمانية، أقصى شمالي العراق، سامر الجنابي كشف لـ"العربي الجديد"، عن "هجرة عكسية من محافظة صلاح الدين تحديداً إلى مخيمات السليمانية للنازحين، بسبب مشاكل عشائرية مستمرّة بين سكّان البلدات تلك وعشائر محيطة بها، منها عشيرتا خزرج والبو حشمة، أخفقت الحكومة في حلّها. ورغم تدخّل جهات أمنية وحكومية ودينية، ووصول الأمر إلى دفع دية مالية، فإنّ النازحين عادوا إلى مخيمات السليمانية مرة أخرى".

وأضاف الجنابي أنّه "هناك 25 مخيماً للنازحين في إقليم كردستان، 4 منها في السليمانية، و15 منها في محافظة دهوك، و6 منها في اربيل، وهناك 35,885 ألف عائلة في تلك المخيمات".

في المقابل، يؤكّد مسؤولون آخرون في أربيل أنّ عدد النازحين الموجودين في الإقليم خارج المخيمات أكثر بكثير ممّن هم داخلها، وهم يقيمون على نفقتهم الخاصة أو في مجمّعات متهالكة وبالاعتماد على منظمات وجهات خيرية.

لكن وكيل وزارة الهجرة كريم النوري ردّ على ملف إخفاق الحكومة في إيجاد حلّ لأزمة النزوح بالقول إنّ الملف يحقق تقدماً مستمراً.

وأضاف النوري، لـ"العربي الجديد"، أنّ "الوزارة بصدد إغلاق المخيمات بشكل كامل، على ضوء الخطة الموضوعة، في الأشهر القادمة، علماً أنّ الوزارة قامت بإغلاق عدد من مخيمات نينوى وديالى بالتعاون مع الجهات الأمنية والخدمية في المدن المحرّرة".

وهو ما ينفيه الخبير بالشأن السياسي العراقي أحمد النعيمي، الذي تساءل عن مصير سكّان المدن التي تسيطر عليها الفصائل المسلّحة الحليفة لإيران وتمنع عودة أهلها.

ويضيف النعيمي أنّ "تصريحات المسؤولين العراقيين بشأن إغلاق المخيمات تتنافى مع الواقع، وفيها تضليل كبير للرأي العام الدولي والمحلي، وهناك نحو 500 ألف مواطن طردوا من مدنهم بسبب سيطرة المليشيات عليها ورفضهم العودة، فإلى أين سيتم نقلهم؟". وحذّر من أن تكون تصريحات الحكومة تنطوي على مشاريع إعادة توطين للسكان في مناطق أخرى، بعد تعذّر حلّ ملف احتلال المليشيات المدن.

المساهمون