يُبدي الشاب حمزة السالمي (27 عاماً) تخوفه على مستقبله الدراسي، بسبب حرمان الأشخاص المعوقين من الاستفادة من المنح الجامعية والسكن الجامعي. یقول لـ "العربي الجديد" إن مستقبله الدراسي بات مهدداً في ظل عدم قدرته المادية على متابعة دراسته الجامعية في مدينة مراكش البعيدة عن مدينته، وعدم استفادته من منحة وسكن جامعي، مضيفاً: "بعد سنوات طويلة من المعاناة بسبب إعاقتي عن الحصول على الشهادتين الابتدائية والإعدادية والثانوية، أجد نفسي اليوم، كما العشرات من الطلاب ذوي الإعاقة البصرية، مهددين بالانقطاع عن الدراسة الجامعية بسبب حرماننا من الاستفادة من المنحة الجامعية".
وينص المرسوم رقم 2.18.512 الخاص بالمنح والصادر عام 2019، على استثناء الطلاب البالغين من العمر 26 عاماً وما فوق من الاستفادة من المنح الدراسية المخصصة للسلم الأول، واستثناء البالغين 30 عاماً فما فوق من منحة السلم الثاني، الأمر الذي يثير انتقادات وصل صداها إلى البرلمان المغريي. والأسبوع الماضي، وجه النائب البرلماني حسن أومريبط باسم فريق التقدم والاشتراكية بمجلس النواب، سؤالاً كتابياً إلى وزيرة التضامن والاندماج الاجتماعي والأسرة نيفين القباج، معتبراً أن تحديد عمر للحصول على المنح الجامعية يحرم المكفوفين من متابعة دراستهم الجامعية. ويوضح أن تحديد سقف 26 عاماً للحصول على المنحة الجامعية والتغطية الصحية للطلاب يجعل متابعتهم للتعليم الجامعي تحدياً كبيراً، وتزداد تلك الصعوبات بفعل التملص من صرف منحة الإعاقة.
من جهته، يقول رئيس جمعية "أمل الأحرار" للأشخاص المعوقين في إقليم شتوكة آيت باها (جنوب) محمد بركيك، إن تقدم الأشخاص ذوي الإعاقة في العمر كطلاب في الجامعة أو مرشحين لامتحانات التوظيف ليس تقصيراً منهم أو تقاعساً، بل على العكس من ذلك، يرتبط الأمر بعدم التحاقهم بالمقاعد الدراسية في سن مبكرة لظروف عدة اجتماعية واقتصادية أو بعد المدارس.
ويوضح بركيك في حديثه لـ "العربي الجديد" أن "المكفوفين لا يلتحقون بمؤسسات تعليمية حكومية، بل بمراكز المنظمة العلوية لرعاية المكفوفين. ففي مدن جهة سوس ماسة والصحراء على سبيل المثال، يضطر المكفوفون للانتقال إلى مدينة تارودانت. وفي واقع كهذا، لا يمكن للمكفوف مغادرة بيت الأهل إلا بعد بلوغ سن يمكنه فيها الاعتماد على نفسه".
ويطالب بركيك بالتمييز الإيجابي وأخذ هذه الفئة من المجتمع ومعاناتها بعين الاعتبار، لافتاً إلى أنه يتعين على عدد من الوزراء المعنيين بالأمر بشكل خاص والحكومة بشكل عام، والنظر بحال الأشخاص ذوي الاعاقة واعتبارهم حالات استثنائية وخاصة.
يضيف: "يتعين على الحكومة مراعاة خصوصيات الأشخاص ذوي الإعاقة، وتجاوز المعضلة الكبيرة التي خلقها المرسوم الخاص بالمنح الجامعية بإصدار دورية داخلية بين وزارة التضامن والإدماج الاجتماعي والأسرة ووزارة التعليم العالي والمكتب الوطني للأعمال الجامعية الاجتماعية والثقافية، تتيح للأشخاص ذوي الإعاقة الحاصلين على شهادة البكالوريا الالتحاق بالجامعة والحصول على منح دراسية".
وينص الفصل 34 من الدستور المغربي على أن تقوم السلطات العمومية بوضع وتفعيل السياسات الخاصة بالأشخاص والفئات ذوي الإعاقة، ولهذا الغرض تسهر على معالجة الأوضاع الهشة لفئات من النساء والأمهات والأطفال والأشخاص المسنين، ووقايتهم من تلك الأوضاع، وإعادة تأهيل الأشخاص الذين يعانون من إعاقة جسدية، أو حسية حركية، أو عقلية، وإدماجهم في الحياة الاجتماعية، وتيسير تمتعهم بالحقوق والحريات المعترف بها للجميع.
وكانت مؤسسة "وسيط المملكة" قد اقترحت في 28 ديسمبر/ كانون الأول 2020، تعميم الاستفادة من المنحة الجامعية بقوة القانون لجميع الأشخاص ذوي الإعاقة في المغرب، وأرسلت مقترحاً في هذا الصدد إلى رئيس الحكومة. وذكرت ضمن تقريرها السنوي لعام 2019 المرفوع إلى الملك المغربي محمد السادس، أن اقتراحها بمثابة تمييز إيجابي لهذه الفئة التي تجاوزت كل الصعاب والمطبات واستطاعت التقدم في سلم التحصيل العلمي. وشددت المؤسسة التي تهتم بالدفاع عن الحقوق في نطاق العلاقات بين الإدارة والمرتفقين، على أن "هذا التمييز يُجسد التضامن والتآزر والعرفان بما يبذله ذوو الإعاقة من مجهود".