المغرب... طلاب جامعة محمد السادس يفضحون علاقتها بإسرائيل

02 يوليو 2024
جامعة محمد السادس متعددة التخصصات التقنية في الرباط (حاتم كاغات/ فرانس برس)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- جامعة محمد السادس في المغرب تثير جدلاً بسبب تعاونها مع جامعات إسرائيلية، خاصة في مجالات تكنولوجيا الأسلحة، مما أدى إلى احتجاجات من الطلاب الرافضين لهذه الشراكات.
- الطلاب يعبرون عن قلقهم تجاه التعاون الذي يرونه دعمًا للأعمال ضد غزة، مشيرين إلى معهد التخنيون الذي يدرب المهندسين للعمل في صناعة الأسلحة.
- الجامعة، التي تعد من بين الأغلى في المغرب وتضم نخبة الطلاب بما فيهم ولي العهد، تواجه ضغوطًا من طلابها لإعادة النظر في سياساتها التعليمية والبحثية بما يتماشى مع المواقف الأخلاقية.

تربط جامعة محمد السادس متعددة التخصصات التقنية علاقات وثيقة مع الجامعات الإسرائيلية، وهو ما دفع طلبتها إلى المطالبة في بيان بقطع جامعتهم علاقاتها مع إسرائيل. تنشر هذه المادة بالتزامن مع "موقع أوريان 21".

في أرقى وأغلى جامعة في المغرب، أطلق الطلاب دعوة لإنهاء التعاون العلمي مع المؤسسات الإسرائيلية، ليكشفوا بذلك حجم التطبيع بين البلدين. لم يكن أحد ليتنبأ بمثل هذه المبادرة نظراً لطبيعة المؤسسة، ووضعها، والجهات الفاعلة فيها، لكن ما يقرب من 1300 طالب وخريج من جامعة محمد السادس متعددة التخصصات التقنية (UM6P) طالبوا جامعتهم "بقطع علاقاتها مع مختلف شركائها الإسرائيليين"، وفق بيانهم المؤرخ يوم الثلاثاء 25 يونيو/ حزيران، والذي حصل موقع "أوريان 21" على نسخة منه، بينما يظل الملك محمد السادس بن الحسن ملتزماً بالتطبيع مع إسرائيل.
يضيف البيان: "نؤكد لوسائل الإعلام والرأي العام الوطني والدولي أننا ننأى بأنفسنا ولا نوافق بأي حال من الأحوال على الاتفاقيات التي تربط جامعتنا بشركائها الإسرائيليين الذين يساهمون في الاحتلال والفصل العنصري وجرائم الحرب والإبادة الجماعية التي تجري حالياً في قطاع غزة. كما نؤكد تصميمنا على مواصلة النضال بكافة الوسائل المشروعة ونعرب عن رفضنا القاطع لاستمرار هذه الشراكات".
مدى التعاون بين هذه الجامعة ونظيراتها الإسرائيلية، والذي فصّله بعناية الطلاب المغاربة، يعد اكتشافاً حقيقياً من الناحيتين النوعية والكمية. تُشارك ثماني جامعات ومؤسسات بحثية من بين أبرز الجامعات في إسرائيل، لكنها أيضاً من بين الأكثر إثارة للجدل. في هذا التعاون الذي يطاول مجالات موجهة بشكل أساسي نحو تكنولوجيا الأسلحة، مثل جامعة بار إيلان، وجامعة بن غوريون، وجامعة تل أبيب، وكلية الجليل الغربية، والجامعة العبرية بالقدس، ومعهد التخنيون الإسرائيلي للتكنولوجيا، وجامعة رايخمان، والكلية الأكاديمية سابير.

تكنولوجيا مستعملة ضد غزة

أحد الأمثلة الأكثر إثارة للقلق هو معهد التخنيون ـ إسرائيل للتكنولوجيا، فكما يشير الطلاب في بيانهم: "يقوم التخنيون بتدريب المهندسين خصيصاً للعمل في شركات تصنيع الأسلحة، بالإضافة إلى نخبة المديرين التنفيذيين وأغلبية جنود الاحتياط في الجيش. ويعمل باحثو التخنيون على تطوير المُسيّرات وجرافات يتم التحكم فيها عن بعد والتي تساعد أيضاً الجيش الإسرائيلي في تدمير منازل الفلسطينيين، وهي طرق للكشف عن الأنفاق تحت الأرض، والتي تهدف على وجه التحديد إلى تعزيز الحصار على غزة".
أما المثال الآخر فهو للجامعة العبرية بالقدس، والتي تقيم معها جامعة محمد السادس علاقات تعاون، وفق الموقعين على البيان: "تستضيف الجامعة العبرية برنامج تلبيوت (Talpiot) لتدريب قوات النخبة للدفاع الإسرائيلي، وتسمح بوجود قاعدة عسكرية في حرمها الجامعي. ويتابع خريجو التعليم العالي أثناء ممارستهم الخدمة الإجبارية في الجيش، ويستخدمون خبراتهم لتعزيز البحث والتطوير في جيش الدفاع الإسرائيلي في المناصب القيادية التكنولوجية. وتمتد فروعها وبنيتها التحتية إلى الأراضي المحتلة وإلى مستوطنات القدس. مايكل فيدرمان، الذي يرأس شركة Elbit Systems، وهي أكبر شركة أسلحة خاصة في إسرائيل، هو رئيس مجلس إدارة الجامعة العبرية".

ويأتي هذا البيان بعد أيام قليلة من "التوقف الفني" الذي حصل يومي 6 و7 يونيو/ حزيران، والذي سمح للسفينة الحربية الإسرائيلية INS Komemiyut، التي تزن 2500 طن وطولها 95 متراً وعرضها 20 متراً، بالتزود بالوقود في ميناء طنجة، وهو أكبر ميناء في المغرب، قبل أن تواصل السفينة طريقها إلى إسرائيل آتية من الولايات المتحدة. ووصفت مجموعة العمل الوطنية من أجل فلسطين، وهي جمعية مغربية، توقف "سفينة حربية تابعة للبحرية الإسرائيلية" في طنجة بأنه "إهانة حقيقية للشعب المغربي"، ودعت السلطات إلى "فتح تحقيق لتحديد المسؤوليات والعقوبات".

تعليم خاص غير متكافئ

ليست جامعة محمد السادس متعددة التخصصات التقنية كغيرها من جامعات المملكة. إنها في المقام الأول مؤسسة خاصة، ومن أكثر المؤسسات الأكاديمية تميّزاً، حيث لا يقتصر معيار الاختيار على جدارة المرشح فحسب، بل أيضاً على جودته ومكانته، وقبل كل شيء، على ما تحتويه جيوبه، إذ إن رسوم الدراسة والتسجيل تبلغ سنوياً 8500 يورو. هذه المؤسسة إذاً هي حاضنة النخبة السياسية والإدارية والاقتصادية المستقبلية للمملكة، وهي تجسيد للتعليم الجامعي المخصخص غير المتكافئ.

المغرب (أبو آدم محمد/ الأناضول)
تضامن مغربي مع غزة (أبو آدم محمد/ الأناضول)

جامعة محمد السادس متعددة التخصصات التقنية هي أيضاً الجامعة التي يباشر فيها ولي العهد الأمير الحسن دراساته العليا بعد حصوله على البكالوريا من الكلية الملكية في يونيو/ حزيران 2020 بملاحظة "حسن جدّاً"، وفق سيرته الذاتية الرسمية. طبعاً، ولي العهد ليس أحد الموقعين على البيان الطلابي. وقد وُلد هذا الأمير المتحفظ نسبياً والقريب جداً من والدته الأميرة سلمى في مايو/ أيار 2003، واختار العلاقات الدولية تخصصا أكاديميا في كلية الحكم والعلوم الاقتصادية والاجتماعية، والتابعة لجامعة محمد السادس ومقرها في سلا الجديدة قرب الرباط.
ممول الجامعة ومؤسسها الرسمي هو المكتب الشريف للفوسفاط (OCP)، وهو مجمع صناعي عمومي، والمنتج والمصدر الأول للفوسفاط في العالم. وغالباً ما تستخدمه الدولة المغربية محفظة لتمويل القوة الناعمة، والترويج لصورة المملكة الشريفة في أوروبا، وخاصة في فرنسا، ولمغربية الصحراء الغربية. فالمكتب الشريف للفوسفاط، على سبيل المثال، هو الممول الأجنبي الرئيسي للمعهد الفرنسي للعلاقات الدولية (Ifri)، ومقره في باريس، والذي يعرف نفسه بأنه "مركز بحث ونقاش مستقل مخصص لتحليل القضايا الدولية". أحد أعضاء مجلس إدارة هذا المعهد ليس سوى الرئيس التنفيذي لـمكتب الفوسفاط، مصطفى التراب.

مركز أبحاث مزعوم

ويجرى النشاط الأكاديمي للمكتب الشريف للفوسفاط تحت غطاء مركز أبحاث زائف يسمى "مركز سياسات الجنوب الجديد" ويديره كريم العيناوي. أما مقره، فيقع في الحرم الجامعي لجامعة محمد السادس الكائن بسلا الجديدة بالقرب من الرباط. والعيناوي هو عضو في المجلس الاستراتيجي للمعهد الفرنسي للعلاقات الدولية. ومنذ أن أنشئ المكتب الشريف للفوسفاط "مركز السياسات" من خلال ربطه بنيويا بالجامعة، أصبح العيناوي المدرس غير الرسمي للأمير الحسن، ما يمنح هذه الجامعة مكانة وبعداً خاصاً. وهذا ما يفسر بلا شك رد الفعل العدائي بشكل أساسي من جانب إدارته أمام مطالبة طلبتها وخريجيها بقطع كل تعاون مع الجامعات الإسرائيلية. وبحسب البيان: "إن الطلبة والناجحين (الخريجين) اختاروا في البداية اتباع نهج داخلي وتقدمي وبنّاء، من أجل منح رئاسة الجامعة فرصة الرد بشكل إيجابي. وللأسف، وفي مواجهة الرفض، فمن الطبيعي أن تستمر الحركة في نهجها الاحتجاجي. إن هذه المبادرة هي وليدة إرادتنا في السهر على أن تكون جامعتنا من الجانب الإيجابي للتاريخ، وهي ترتكز على كوننا نحن الطلبة والناجحين، نمثل الجامعة التي تمثلنا بدورها. لذلك، وحرصاً على الموقع الأخلاقي لجامعتنا، لا يسعنا أن نبقى صامتين أمام هذا الوضع غير الطبيعي".
وفي اتصال مع موقع "أوريان 21"، صرّح أحد الموقعين الذي طلب عدم الكشف عن هويته، أن "إدارة جامعة محمد السادس أشارت بشكل واضح ورسمي عبر البريد الإلكتروني إلى أنه لن تُتخذ أي عقوبات ضد الموقعين في إطار هذه التعبئة. نحن نصدقها ونأمل أن تحافظ على موقفها".
يُنشر بالتزامن مع "أوريان 21"

https://orientxxi.info/ar