المغرب: حملة للتبرع بالدم خلال رمضان

26 مارس 2024
تزداد نسبة التبرع بالدم في المغرب عاماً بعد عام (أبو آدم محمد/ الأناضول)
+ الخط -
اظهر الملخص
- وئام البوعناني تشارك في حملة تبرع بالدم بمسجد في سلا، المغرب، معتبرة ذلك عمل إنساني نبيل، ضمن حملة وطنية للتبرع بالدم تهدف لتحقيق الاكتفاء الذاتي من الدم في رمضان وتعزيز ثقافة التبرع كواجب وطني.
- الحملة تسعى لجمع أكثر من 26 ألف كيس دم، مستجيبة للحاجة المتزايدة للدم بسبب الأمراض المزمنة وحوادث السير، وتحفز المواطنين على المشاركة الواسعة لضمان استدامة نظام التبرع بالدم.
- تطور ملحوظ في عدد المتبرعين بالدم خلال رمضان بين 2013 و2023، باستثناء فترة كورونا، مع تأكيد على أهمية التبرع بالدم كمسؤولية جماعية وضرورة تحفيز المواطنين للمشاركة بفعالية لتحقيق الاكتفاء الذاتي وتعزيز ثقافة التبرع بالدم.

"لم أتردّد لحظة واحدة في القدوم إلى المسجد من أجل التبرع بالدم. هذا أقل شيء يمكن أن أقدمه كصدقة في هذا الشهر. قد يأتي اليوم الذي أحتاج فيه إلى قطرة دم فأجد من يتبرع"، تقول الثلاثينية وئام البوعناني، بعد مشاركتها في حملة تبرع بالدم في مسجد علي بن أبي طالب بحي سعيد حجي في مدينة سلا القريبة من العاصمة المغربية الرباط، عقب صلاة عشاء الثامن من رمضان (19 مارس/ آذار الجاري).
وتوضح في حديثها لـ"العربي الجديد"، أنه منذ علمها بالحملة التي أطلقها "المركز الوطني لتحاقن ومبحث الدم" (حكومي)، للسنة العاشرة على التوالي، قررت وصديقتها القدوم إلى المسجد والتبرع بالدم على اعتبار أنه عمل إنساني وصدقة جارية تأمل من خلالها بأن تكون سبباً في إنقاذ حياة الآخرين، وتوضح أن "التبرع بالدم فعل إنساني مهم وضروري للمرضى والجرحى في الحالات الطارئة وخلال الكوارث، الأمر الذي يساهم في إنقاذ العديد من الأرواح"، مشددة على ضرورة ترسيخ ثقافة التبرع بالدم في المجتمع المغربي.
ومنذ بداية شهر رمضان، تحولت مئات المساجد إلى قبلة للراغبين في التبرع بالدم، في سياق حملة للتبرع أطلقها "المركز الوطني لتحاقن ومبحث الدم" في جميع جهات وأقاليم المملكة، من أجل تحقيق الاكتفاء الذاتي من الدم خلال شهر رمضان، والوصول إلى مائة في المائة من التبرعات الطوعية، والحصول على أكثر من 26 ألف كيس من الدم، بحسب ورقة أصدرها المركز. وعادة ما تجد المراكز الجهوية لتحاقن الدم صعوبات خلال الأسبوع الأول من شهر رمضان، إذ يقل عدد المتبرعين بشكل كبير ما يفاقم معاناة المحتاجين إليه، ويستدعي القيام بحملات استباقية لتوفير مخزون كاف. ويقول المرشد الديني حميد الوافي، لـ"العربي الجديد"، إن "الإقبال على التبرع بالدم في المساجد يرتفع مع توالي أيام رمضان بوتيرة تمكن من الاستجابة لجميع طلبات التبرع دون استثناء".
ويلفت الوافي إلى أن التجمعات البشرية الكبيرة التي توجد بالمساجد في شهر رمضان تعتبر عاملاً مشجعاً على العطاء، كما أن البعد الروحي يعطي لعملية التصدق بالدم معنى أعمق.

وبحسب المركز الوطني، شهد عدد المتبرعين بالدم خلال شهر رمضان تطوراً لافتاً في الفترة ما بين 2013 و2023. وباستثناء فترة جائحة كورونا التي انخفض فيها العدد، ارتفع عدد الأشخاص المتبرعين من 20 ألف متبرع عام 2013 إلى قرابة 27 ألف متبرع خلال السنة الماضية، مع الإشارة إلى أن عام 2019 سجل الرقم الأعلى وهو 29 ألف متبرع.
وتوضح مديرة المركز الوطني لتحاقن ومبحث الدم ناجية العمراوي أن التبرع بالدم مسؤولية الجميع، أي المواطنين وجمعيات المجتمع المدني، موضحة أن أدوار مختلف المتدخلين ذات طابع حيوي وضروي في هذا الصدد، إذ يساهمون بنسب مهمة في إنعاش المخزون الوطني من الدم والتوعية بأهمية التبرع بهذه المادة الحيوية باعتباره واجباً وطنياً وإنسانياً.
وتقول العمراوي لـ"العربي الجديد"، إنه مع  حلول شهر رمضان كل عام، تتجدد مساعي دعم بنوك الدم التابعة للمستشفيات الإقليمية والجهوية في كافة المدن لتزويدها بالكميات الضرورية لتحقيق الاكتفاء الذاتي، مشددة على ضرورة تحفيز المواطنين للتبرع بالدم خلال شهر رمضان بشكل يرسخ هذه الثقافة في أوساطهم ويرفع وعيهم بفوائد ممارستها بشكل منتظم. تضيف: "حملة التبرع بالدم في شهر رمضان بدأت منذ عام 2012 بالشراكة مع كل من مؤسسة محمد السادس للقيمين الدينيين ووزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية والمجلس العلمي الأعلى. وكان هذا الشهر يشهد نقصاً حاداً في عدد المتبرعين. لكن بعد هذه الشراكة، أصبحنا نحقق الاكتفاء على الصعيد الوطني".

المغرب (أبو آدم محمد/ الأناضول)
شهد عدد المتبرعين بالدم خلال شهر رمضان تطوراً لافتاً (أبو آدم محمد/ الأناضول)

وتلفت العمراوي إلى أن الحملة هذا العام تشمل مختلف جهات المملكة وأقاليمها، وتستهدف أولاً تحقيق الاكتفاء الذاتي من الدم والحصول على أكثر من 26 ألف كيس دم، وأكثر من 16 ألفاً منها من المساجد، موضحة أن الحملات الرمضانية الخاصة بالسنوات الماضية تجاوزت الأهداف المتوخاة من ورائها، وهو ما يعبر عن تشبث المغاربة بمبدأ التضامن في ما بينهم.
وتوضح أن حملة التبرع بالدم خلال رمضان يتم التحضير لها قبل حلول هذا الشهر من خلال اجتماع يتم بين مؤسسة محمد السادس للقيمين الدينيين والمركز الوطني لتحاقن ومبحث الدم، يتم بعده التنسيق بين المراكز الجهوية والمندوبيات الجهوية للأوقاف والمجالس العلمية الجهوية والمسؤولين الجهويين لمؤسسة محمد السادس من أجل جرد المساجد التي ستستهدفها هذه الحملات والمصادقة على البرنامج الوطني، علماً أن هذا الأخير يخضع للتعديل بحسب الحاجة، وتقييم نصف شهري وآخر نهائي لعرض الحصيلة والعمل على تطويره.

ويحتاج المغرب بحسب المركز الوطني إلى أكثر من 1000 تبرع يومياً ليتمكّن من تلبية جميع الاحتياجات من أكياس الدم، الأمر الذي يتطلب مشاركة واسعة وجماعية، وقبل كل شيء متواصلة من السكان والشركاء على المستوى الوطني بالتعاون مع مراكز تحاقن الدم من أجل ضمان استدامة نظام التبرع. وتُفيد ورقة تقنية أصدرها المركز في وقت سابق بأنه "مع التزايد المستمر والملحوظ للطلب على الدم بسبب ارتفاع نسبة انتشار الأمراض المزمنة وحوادث السير، أصبح المركز يحتاج ما بين 1200 و1500 كيس، بينما يراوح عدد التبرعات بين 900 و1000 كيس".
ويراهن المغرب على بلوغ نسبة 1 في المائة من إجمالي السكان من المتبرعين بالدم معدلاً أدنى توصي به منظمة الصحة العالمية، للاستجابة للاحتياجات اللازمة للدم، في حين لا يغطي عدد عمليات التبرع المسجلة حجم الاستهلاك السنوي. وبلغ عدد التبرعات بالدم على الصعيد الوطني عام 2022 ما مجموعه 339 ألفاً و579 تبرعاً، أي بزيادة بنسبة 6 في المائة مقارنة مع عام 2021، ما ساهم في تجاوز الهدف المحدد لكل عام، والذي يمثل 4 في المائة، كما يورد المركز الوطني.
وعلى الرغم من تسجيل ارتفاع سنوي في استهلاك الدم خلال السنوات الأخيرة ناهز الـ28 في المائة، إلا أن العديد من المغاربة يمتنعون عن التبرع بدمائهم جراء ضعف ثقافة التبرع، فضلاً عن انتشار أحكام مسبقة في المجتمع عن المتاجرة بأكياس الدم أو الإصابة بالعدوى، وهو ما ينفيه مسؤولو مراكز التبرع بشدة، معتبرين أن الدم الذي يجمعونه يذهب مباشرة إلى مستحقيه من المرضى أو المصابين، وأن عملية التبرع تتم باستعمال أجهزة معقمة ذات استخدام وحيد من أجل ضمان سلامة المتبرعين.

المساهمون