استمع إلى الملخص
- تسجيل صوتي للطالبة يكشف عن خوفها من العقوبات المترتبة على الغش، مسلطًا الضوء على الضغوط النفسية الشديدة التي يواجهها الطلاب.
- الحادث يعكس مشكلات في المنظومة التعليمية المغربية، بما في ذلك الفشل في توفير الدعم النفسي والتركيز المفرط على العقاب بدلاً من التوعية.
طالبت هيئات حقوقية، مساء الاثنين، بالتحقيق في حادث انتحار تلميذة أقدمت على رمي نفسها من أعلى جرف بشاطئ مدينة آسفي (وسط غرب المغرب)، بعدما تم ضبطها في حالة غش في أول أيام امتحانات البكالوريا (الثانوية العامة)، التي يشارك فيها نحو 500 ألف طالب.
ودعا رئيس "الجمعية الوطنية للدفاع عن حقوق الإنسان بالمغرب" (غير حكومية) عبد الرحيم حنامي، في حديث مع "العربي الجديد"، إلى فتح تحقيق دقيق بخصوص انتحار الطالبة التي تبلغ من العمر 17 عاماً، من قبل النيابة العامة ومن قبل وزارة التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة لكشف الأسباب التي كانت وراء الحادث وترتيب المسؤوليات، واصفاً ما وقع بأنه "حادث مؤسف خلّف صدمة قوية في المدينة وفي البلاد".
وكشف تسجيل صوتي تم تداوله على نطاق واسع مساء الاثنين، أنّ الطالبة توجهت إلى شاطئ مدينة آسفي مباشرة بعد ضبطها في حالة غش باستعمال هاتفها خلال اجتيازها امتحانات الثانوية العامة، التي انطلقت صباح الاثنين، وتحرير محضر غش في حقها من قبل لجنة المراقبة. وتتحدث الطالبة في التسجيل الصوتي عن طردها من الامتحان، وخوفها من العقوبة المترتبة عن ضبطها في حالة غش، طالبة من أسرتها الصغيرة والجميع مسامحتها على فعلتها والدعاء لها بالرحمة.
وبينما تعذر الحصول على تعليق من مديرية الجهوية للتربية والتكوين في آسفي رغم محاولات الاتصال به طيلة مساء الاثنين، اعتبر الناشط الحقوقي حنامي أنّ حادث انتحار الطالبة دليل على "فشل المنظومة التعليمية على مستوى المواكبة والدعم النفسي للتلاميذ المقبلين على اجتياز امتحانات الثانوية العامة وجراء غياب الجانب التوعوي وحضور العقاب الذي يعتقد المسؤولون عن المنظومة أنه هو الحل"، ولفت إلى أنه "في ظل جهل الطلاب بالعقوبات التي يمكن أن تسلّط عليهم على خلفية ضبطهم في حالة غش، وحضور هواجس الخوف والرهبة لديهم داخل قاعات الامتحانات بسبب ما تتركه المراقبة أحياناً من أثر سلبي على حالتهم النفسية، فإن الإقدام على خطوات خطيرة من قبل بعض التلاميذ يبقى مطروحاً".
وانطلقت امتحانات الثانوية العامة في المغرب، الاثنين، بمشاركة ما يقارب 500 ألف تلميذ، بعد عام دراسي استثنائي جراء ما عاشه قطاع التعليم من احتقان وإضرابات استمرت لثلاثة أشهر، على خلفية رفض آلاف الأساتذة للنظام الأساسي لموظفي قطاع التربية الوطنية. ومع اقتراب موعد الامتحانات المدرسية، وخصوصاً امتحانات الثانوية العامة، يكثر بيع الأدوات التكنولوجية المتطورة الموجهة إلى التلاميذ من أجل الغش، وتتنامى حملات تسويقها على مواقع التواصل الاجتماعي، على الرغم من المراقبة الصارمة التي تقوم بها السلطات ووزارة التعليم للحد من ترويجها واستخدامها للغش.
وكانت وزارة التعليم قد اضطرت أمام التحدي الذي فرضه الغش الإلكتروني خلال السنوات الأخيرة، إلى وضع قانون للغش صدر في عام 2016، ويتضمن عقوبة السجن ما بين ستة أشهر وخمسة أعوام، وغرامات مالية تراوح ما بين 5000 درهم (نحو 500 دولار أميركي)، وعشرة آلاف درهم (نحو 1000 دولار أميركي)، أو بإحدى هاتين العقوبتين، من دون الإخلال بالعقوبات المنصوص عليها في القانون الجنائي. وتفرض الوزارة سنوياً إجراءات خاصة لضمان نجاح امتحانات الثانوية العامة ومنع محاولات تسريب مواضيع الامتحانات أو الغش، من بينها اعتماد لجان خاصة مزودة بمعدات للكشف عن الوسائط الإلكترونية والهواتف النقالة داخل مراكز الامتحانات.