استمع إلى الملخص
- تتهم مدرسة تاريخ الوزارة بالفشل وتجاهل التحديات التي يواجهها المعلمون، خاصة بتحديد يوم السبت، يوم عطلة، للامتحانات دون توفير وسائل نقل.
- تبرز السويداء كمثال إيجابي حيث تقدم المبادرات الأهلية والجمعيات خدمات نقل مجانية للطلاب والمعلمين، ما يعكس التضامن المجتمعي في مواجهة التحديات التعليمية.
مع اقتراب مواعيد امتحانات المرحلتين الإعدادية والثانوية في المحافظات السورية، تبدأ أزمة سنوية تتعلق بتزايد طلبات الاعتذار من العاملين في قطاع التربية والتعليم عن المشاركة في أعمال مراقبة الامتحانات، وتصحيح الأوراق بسبب عدم توفر وسائل النقل أو الكلفة المرتفعة للتنقل مقارنة بما يتقاضونه من تعويضات، فضلاً عن انخراط بعضهم بالأعمال الحرة أو الموسمية لتأمين مورد رزق يدعم الراتب الشهري المحدود.
يقول مازن أحمد، وهو أستاذ لمادة الجغرافيا مكلف بالتصحيح في مدينة درعا (جنوب) لـ"العربي الجديد": "تقدمت بطلب اعتذار هذا العام بعد تكاليف النقل التي تكبدتها في العام الماضي، والتي بلغت أكثر من 600 ألف ليرة سورية، ما يعادل راتبي لمدة شهرين، في حين لا يتجاوز التعويض المالي للتصحيح والمراقبة 19 ألف ليرة. مديرية التربية لا تقوم بتأمين وسائل النقل بحجة ضعف الإمكانات، وحاول المدرسون في عدة قرى متجاورة تأمين الوقود لإحدى آليات مديرية التربية طالبين تخفيض قيمة النقل إلى النصف، ولم تتجاوب معهم المديرية".
لا تقوم مديريات التربية بتأمين وسائل النقل بحجة ضعف الإمكانات
وتصف مدرسة تاريخ من مدينة أزرع، وزارة التربية بـ"الفاشلة"، وتتهم المدرسة التي طلبت عدم ذكر اسمها، الوزارة بالسعي الدائم لإفقار المعلم وتهجيره، وأحياناً تخوينه، عبر حصاره مادياً ومعنوياً، وحرفه عن الالتزام برسالته الإنسانية. وتقول لـ"العربي الجديد": "كيف تحدد الوزارة يوم السبت موعداً لامتحانات الطلاب وهو يوم عطلة رسمية، وكيف غاب عنها عدم وجود وسائل نقل عامة في يوم العطلة. مديرية التربية في درعا أجبرتنا على ترك قاعات التصحيح والانتقال إلى قاعات المراقبة يوم السبت الماضي بسبب تأخر المراقبين عن الوصول من بلداتهم".
ويؤكد مصدر في مديرية تربية درعا التابعة للنظام السوري لـ"العربي الجديد": "في السابق كانت هناك ثلاثة مراكز تصحيح موزعة على جغرافية المحافظة، وكانت مركبات النقل الخاصة بالمديرية تؤمن نقل معظم كادر التصحيح، أما اليوم، ونتيجة ضعف الميزانية وعجز المديرية عن تأمين أبسط احتياجات المدارس، فقد اختزلت مراكز التصحيح من ثلاثة إلى مركز واحد، وهذا يزيد من معاناة الكادر، ويضاف إلى ذلك عدم وجود أية خدمات يتلقاها الكادر أثناء ساعات العمل اليومية، والتي تزيد أحياناً عن ثماني ساعات".
في مدينة دمشق وريفها، أنذرت الوزارة والمديريات جميع المراقبين والمصححين بالإحالة إلى هيئة الرقابة والتفتيش حال التخلف عن أعمال التصحيح والمراقبة، وتوعدت بعقوبات تصل إلى الملاحقة القانونية والفصل. وصدر تعميم من الوزارة لجميع المديريات يؤكد على تطبيق العقوبات بحق كل من يتخلف عن التقيد بالدوام الرسمي أثناء الامتحانات العامة، لا سيما المراقبة والتصحيح، معتبراً أن هذا الاستحقاق واجب وطني يقع على عاتق كل عامل في وزارة التربية، وجزء لا يتجزأ من الدوام الرسمي.
وتوعدت وزارة التربية باعتبار العامل المتغيب لمدة 15 يوماً متواصلة، أو 30 يوماً بشكل متقطع في حكم المستقيل؛ وفق القانون الأساسي للعاملين في الدولة، والذي يحرم المدرس من حقوقه في التقاعد.
يقول المدرس عامر زين الدين لـ"العربي الجديد": "لم نجد طريقة للهجرة، وإلا ما قبلنا بهذا الذل الذي نعيشه في قطاع والتعليم. صراحة لم يعد الواجب سبباً كافياً لتحمل هذه المشقة، والقبول بهذا المردود المادي المتدني، وغالباً ما نجبر على المراقبة أو التصحيح خوفاً على فصلنا تعسفياً بعد هذا العمر من الشقاء، وما يزيد من بلائنا هو عدم وجود أي تسهيلات لنقلنا، أو خدمات خلال ساعات المراقبة الطويلة".
في السويداء (جنوب)، يختلف الأمر قليلاً، إذ تشمل المبادرات الأهلية لخدمة الطلاب المتقدمين للشهادتين معظم المدرسين المراقبين والمصححين من أبناء الريف. وما أن حددت مديرية التربية المراكز الامتحانية ومراكز التصحيح حتى تسابقت جمعيات خيرية وأخرى تعتني بشؤون الطلاب، وكذلك مبادرات فردية من أصحاب مركبات النقل العامة، للتبرع بنقل الطلاب والمدرسين مجاناً.
يقول المدرس نضال الحسن لـ"العربي الجديد": "في كل عام، تبادر جمعيات عدة إلى مساعدة الطلاب في بلدتي الواقعة بالريف الغربي لمحافظة السويداء، وتلك الجمعيات تعتمد على أبناء البلدة المغتربين في توفير النقل للطلاب إلى مراكز الامتحان، وغالباً ما يشمل ذلك المدرسين، وفي هذا العام، فاجأنا أصحاب مركبات النقل بمبادرة نقل جميع الطلاب والمراقبين إلى مراكزهم مجاناً. الأمر ينطبق على معظم بلدات المحافظة، فهناك اهتمام من الأهالي المحافظة بتوفير حاجة طلاب المدارس، على العكس تماماً من وزارة التربية".