يقول اللاجئ السوري في ولاية غازي عنتاب في تركيا أنور نور، إن مساعدات الهلال الأحمر التركي، المعروفة ببرنامج دعم التضامن الاجتماعي للأجانب - صوي، لم تعد تسد أبسط احتياجات اللاجئين بعد تراجع سعر صرف الليرة التركية وغلاء الأسعار بنسبة تتراوح ما بين 40 و70 في المائة هذا العام. ويوضح لـ "العربي الجديد" أن ما تتقاضاه أسرته المؤلفة من ثمانية أشخاص بالكاد يسد بدل إيجار المنزل وفواتير المياه والكهرباء.
ويقول نور إنه مضطر للعمل رغم إصابته في سورية وآلام ظهره المستمرة لتأمين احتياجات أسرته، باعتبار أن المساعدات المالية التي تخصصها الدولة التركية لحملة بطاقة الحماية المؤقتة، قيمة مساعدة "برنامج صوي"، لا تتجاوز نحو 120 ليرة تركية (يساوي الدولار الواحد 8,4 ليرات تركية تقريباً) للشخص الواحد. إلا أن بدل إيجار منزله هو 600 ليرة، ويدفع فواتير المياه والكهرباء وتقدر بنحو 300 ليرة تركية شهرياً، لتنفد المعونة فقط على الفواتير وبدل الإيجار، "ما يضطرني للعمل".
وفي ما يتعلق بالمساعدات التي تقدمها تركيا للاجئين، يقول إنه يحصل قبل فصل الشتاء على ما يكفيه للتدفئة من فحم (30 كيس فحم زنة الواحد 25 كيلوغراماً). ويحصل على هذه المساعدة جميع السوريين الذين لا يوجد نظام تدفئة على الغاز في بيوتهم. كما يحصل على مبلغ 85 ليرة شهرياً عن كل طفل في حال كان يذهب إلى المدرسة. ويقول نور: "نقدر ما تقدمه تركيا لنا كسوريين. لكن لم تعد تلك المساعدات تكفي ونحن مصابون ولا يمكننا العمل أو العودة إلى سورية".
يُشار إلى أن صوي ممول من الاتّحاد الأوروبي ويطبق من قبل الاتحاد الدولي لجمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر ووزارة الأسرة والعمل والخدمات الاجتماعية التركية والهلال الأحمر التركي. ويُقدم البرنامج، كما تقول مصادر لـ "العربي الجديد"، المساعدة النقدية لمَنْ هُم تحت بند الحماية الدولية أو الحماية المؤقتة أو إذن الإقامة الإنسانية والحاصلين على بطاقة الهوية التي تبدأ بـ 99، بهدف مساعدة اللاجئين والنازحين المقيمين خارج المخيمات لتلبية احتياجاتهم الأساسية من غذاء وسكن وملبس، ويتم ذلك من خلال بطاقة الهلال الأحمر بعد تقييم وضع المتقدمين إلى البرنامج ومدى حاجتهم إلى المساعدة.
ويقول مدير مركز الهجرة في نيزب جلال ديمير إن تركيا تسعى، من خلال المساعدات التي تأتي إضافة للتعليم والطبابة المجانيّن، أن تبعد اللاجئين السوريين عن أي حاجة، وفق ما يصلها من برامج ومساعدات دولية أوروبية مخصصة للاجئين، فضلاً عن مساهمتها من خلال وسائل كثيرة كالطبابة والتعليم والنقل. ويشير ديمير في حديثه لـ "العربي الجديد" إلى أن هناك زيادة على ما يسمى "كرت الهلال" بنحو 250 ليرة تركية كمتوسط تمنح للأسر السورية كمساعدة إضافية كل شهرين للحظ تبدل الأسعار، ويقل هذا المبلغ كلما زاد عدد أفراد الأسرة، أي 300 ليرة للأسرة ما دون 4 أشخاص، و250 ليرة للأسرة المؤلفة من 5 أشخاص، و200 ليرة للأسر الأكبر.
وتشمل مساعدات "كرت الهلال"، بحسب ديمير، جميع اللاجئين السوريين المسجلين لهذه المساعدة من حملة "كيملك" (بطاقة الحماية المؤقتة) أي أب وأم مسنيّن ولديهم أولاد دون سن 18 عاماً، لكنها تتوقف إن بلغ عمر أحد الأولاد 18 عاماً، بمعنى تحوّل إلى معيل لأسرته. ولكن إن خرج هذا الشاب عن نفوس وقيود الأسرة، تستمر المساعدة "تزوج أو أخرجوه أهله من سجلهم".
ويشير ديمير إلى أن المساعدات التي يتم استلامها من جهات أخرى لا تؤثر على مساعدات "برنامج صوي" أو تقطعها كما يشيع البعض، مبيناً أن هذه المساعدات تختلف عن المساعدات التي تقدم للسوريين في المخيمات، والذين باتوا قلة قليلة ونسبتهم نحو 1% فقط من عدد اللاجئين السوريين بتركيا المقدرين بنحو 3.6 ملايين لاجئ يحمل بطاقة الحماية. ولدى قاطني المخيمات مساعدات أخرى؛ بالإضافة إلى تأمين الماء والكهرباء والتدفئة والسكن، يحصلون كل 15 يوماً على معونة مالية مباشرة بنحو 150 ليرة للشخص الواحد، ولكن يجب صرفها للغذاء ومستلزمات المعيشة من متاجر مخصصة داخل المخيمات أو خارجها، بناء على موافقة إدارة المخيم.
لم تعد تلك المساعدات تكفي ونحن مصابون ولا يمكننا العمل أو العودة إلى سورية
ويُشير ديمير إلى أن المساعدات المالية التي منحت للأتراك خلال وباء كورونا شملت السوريين حملة بطاقة الحماية الذين يحصلون على مساعدات الهلال الأحمر. وفي الفترة الماضية، تم صرف ألف ليرة تركية لكل أسرة على دفعتين. واليوم وبعد صدور قرار مساعدات جديدة للأتراك، سيحصل السوريون على مثلها.
وكان الهلال الأحمر التركي قد أصدر عبر صفحته على "فيسبوك" تنبيهاً للسوريين الحاصلين على بطاقة الهلال الأحمر، لتجديد أرقام هواتفهم وبيانات أسرهم ومسكنهم، من خلال مراجعة مكتب وقف التضامن الاجتماعي أو مركز خدمة الهلال الأحمر التركي الذي تم تقديم الطلب فيه إلى برنامج صوي والاستفسار من خلال الرقم المجاني 168، لأن تغيير رقم الهاتف أو عنوان السكن أو إخفاء معلومات عن تجاوز عمر الأولاد 18 عاماً، من دون إبلاغ الهلال الأحمر، سيحرم من المساعدة المالية إلى حين إجراء التحديثات.
ويطلق على السوريين في تركيا وصف "لاجئين" مجازاً، لأن القوانين التركية لا تسمح بتصنيفهم لاجئين بحسب اتفاقية جنيف التي وقعتها تركيا مع الأمم المتحدة عام 1951، ما يعني حرمانهم من حقوق اللاجئين في إطار القانون الدولي.
واستحدثت الحكومة التركية قانون "الحماية المؤقتة" الذي دخل حيز التنفيذ في 22 أكتوبر/ تشرين الأول عام 2014، ويتضمن الإقامة غير المحدودة لهم في تركيا، وحمايتهم من الإعادة القسرية، وتوفير خدمات الرعاية الصحية والتعليم، ومعالجة الاحتياجات الأساسية الفورية. ويشمل نظام الحماية المؤقتة جميع اللاجئين السوريين، بمن فيهم الذين لا يملكون وثائق تعريف شخصية، هوية أو جواز سفر.
ويذكر أن تركيا تؤوي القسم الأكبر من اللاجئين السوريين في العالم، بنسبة 65 في المائة منهم. ووصل عدد المشمولين بقانون الحماية المؤقتة إلى 3.610.022 لاجئاً حتى شهر أغسطس/ آب 2020 من بين 5.553.905 لاجئين اضطروا إلى مغادرة سورية منذ عام 2011، بحسب إحصائيات الأمم المتحدة. ويشكل اللاجئون السوريون في بتركيا نسبة 17 في المائة من سكان سورية وفق إحصاء عام 2011، ونسبة 4.5 في المائة من إجمالي سكان تركيا، البالغ 82 مليون نسمة.
ويعيش غالبية اللاجئين السوريين في المدن التركية، فمن بين أكثر من 3.6 ملايين سوري، يوجد فقط 63443 سورياً في مخيمات اللاجئين "مراكز الإقامة المؤقتة". وتأتي إسطنبول في مقدمة الولايات التركية التي تضم سوريين بنحو 549 ألفاً و903 أشخاص، ما نسبته 3.65 في المائة من سكانها، تليها ولاية غازي عنتاب بنحو 452 ألف سوري، أي 22.2 في المائة من إجمالي سكان الولاية، ثم هاتاي بنحو 440 ألف سوري، ما نسبتهم 27.3 في المائة من إجمالي تعداد السكان، وشانلي أورفا التي تستضيف 429 ألف سوري أي 21.1 في المائة من سكان المدينة.