المرأة الباكستانية ضحية الاحتقان السياسي

23 مايو 2023
اعتقال مناصرات لعمران خان أغضب الباكستانيين (رنا عرفان علي/الأناضول)
+ الخط -

تشهد الساحة الباكستانية حالة من الاحتقان السياسي، يرى كثيرون أنّ البلاد لم تشهده منذ استقلالها في عام 1947، علاوة على تردي الأوضاع الأمنية والوضع الاقتصادي والمعيشي المتدهور.
ويبرز دور المرأة في الأوضاع السياسية السائدة، وهو من بين القضايا الأهم التي تشغل الرأي العام في باكستان، خصوصاً ما تدفعه النساء من ثمن باهظ لرفع الصوت حيال ما يحدث. إذ كان لافتاً تعامل أجهزة الأمن الباكستانية مع النساء اللواتي شاركن في فعاليات الصراع السياسي، وتحديداً ما حصل بعد اعتقال رئيس الوزراء السابق عمران خان، في التاسع من مايو/أيار الجاري، حين شهدت البلاد أعمال شغب غير مسبوقة، شملت لأول مرة في تاريخ البلاد استهداف مقار الجيش والمؤسسة الأمنية والاستخبارات، ما أثار غضب تلك المؤسسات التي تدير الأمور من وراء الكواليس تارة، وبشكل مباشر عبر الانقلابات تارة أخرى.
وقال عمران خان في مؤتمر صحافي في مدينة لاهور، في 18 مايو الماضي، إن الحكومة اعتقلت نحو 7500 من أعضاء وقيادات حزبه، من بينهم عدد كبير من النساء، مشيراً إلى أنّ من بين هؤلاء النساء برلمانيات، كما أنّ من بين المعتقلات زوجة القيادي البارز في الحزب شهريار أفريد، وهي لا علاقة لها بالعمل السياسي، مشدداً على أنّ التعامل بهذه القسوة مع النساء أمر لا تقره القوانين ولا الأعراف ولا الأديان.
وخاطب خان رجال الشرطة ومسؤولي الأجهزة الأمنية قائلاً: "لقد تجاوزتم كل الحدود والتقاليد، ولم تحترموا الأعراف السائدة في بلادنا الخاصة باحترام المنازل، لقد رأيناكم تدخلون منازل الناس في الليل. هذه الأعمال ستكون لها نتائج وخيمة".
وتظهر مقاطع فيديو متداولة عبر منصات التواصل الاجتماعي مشاهد تعدي قوات الأمن على نساء مشاركات في الاحتجاجات، وتظهر في أحدها فتاة تتحرك أمام تجمع للشرطة في مدينة لاهور، وترمي بخمارها في وجوههم، وهو يعد من الأمور التقليدية في البلاد، وتطلب به الفتاة الأمان من الرجال، لكن أحد رجال الشرطة يتحرك صوبها، ويجذبها من شعرها، ثم يلقيها على الأرض، ما يثير غضب المواطنين المتجمعين، فيقومون بتخليص الفتاة من رجال الشرطة بالقوة.
ويظهر مشهد آخر، جرى تصويره من قبل أحد أنصار عمران خان داخل أحد مكاتب الاستخبارات، تعدي رجال الأمن على فتاة ملقاة على الأرض بالضرب، بينما كانت تناشدهم التوقف عن تعذيبها.

الصورة
احتجاجات غير مسبوقة تلت اعتقال عمران خان (عاصف حسن/فرانس برس)
احتجاجات غير مسبوقة تلت اعتقال عمران خان (عاصف حسن/فرانس برس)

من جانبها، تؤكد الحكومة الباكستانية أن النساء كان لهن دور في أعمال الشغب التي شهدتها البلاد يومي التاسع والعاشر من مايو الجاري، وأن المسؤول عن كل ما حدث هو عمران خان. وقالت نائبة رئيس الحزب الحاكم مريم نواز، وهي ابنة رئيس الوزراء السابق نواز شريف، في مؤتمر صحافي في 19 مايو الماضي، إن "عمران خان خطط لكل ما حدث من أعمال شغب لم تشهد البلاد مثلها في تاريخها، إذ حرض المواطنين والمواطنات ضد مؤسسات الدولة، وتعاملت أجهزة الدولة بكل حكمة مع تلك الأفعال، لكنها مسؤولة في الوقت نفسه عن إحلال الأمن، ومنع أي عمل من شأنه العبث باستقرار البلاد".
وأكدت حكومة إقليم البنجاب، في بيان، أنها ستتعامل بحزم مع كل من يعبث بأمن البلاد، وأنها أعدت قائمة بالنساء المشاركات في أعمال الشغب في الإقليم، وأن عددهن يصل إلى 300 من مناصرات عمران خان، وأنها بصدد وضع آلية لاعتقالهن.
ولم تذكر حكومة البنجاب عدد النساء اللواتي اعتقلن بالفعل، وما إذا كن ستُحلن إلى المحاكم العسكرية أم المحاكم المدنية، وذلك بعد أن أعلنت الحكومة الباكستانية أن كل من شاركوا في أعمال الشغب سيحاكَمون عبر المحاكم العسكرية، أو في محاكم الإرهاب.

قبل هذا الإعلان، كان تعامل الحكومة مشدداً مع بعض الشخصيات، فعلى سبيل المثال، تعرضت القيادية في حزب عمران خان "حركة الإنصاف" ياسمين راشد للاعتقال أكثر من مرة، وفي كل مرة تأمر المحكمة بالإفراج عنها، تتعرض للاعتقال مجدداً عند الخروج من مقر المحكمة، رغم أنها تجاوزت السبعين من عمرها، وهي مصابة بمرض السرطان.
شاركت الناشطة الباكستانية نيلم إحسان في احتجاجات مدينة لاهور التي تلت اعتقال عمران خان، وتقول لـ"العربي الجديد" إن "المحتجين كانوا من الرجال والنساء، ولم يقوموا بأي عمل تخريبي، لكن مجموعات مجهولة كانت تتسلل إلى داخل الاحتجاجات، وتقوم بأعمال التخريب من أجل إلقاء اللوم على المحتجين، ولم تفعل الشرطة أي شيء لوقف تلك المجموعات، بل كانت تمارس العنف على المحتجين السلميين من الرجال والنساء".

المساهمون