أقيم، الجمعة، في بيروت مؤتمر "اللاجئون شركاء" الأول، بتنظيم من الجمعية الاقتصادية اللبنانية، والمركز السوري لبحوث السياسات، وهي مبادرة مستقلة قائمة على الأبحاث تهدف إلى مواجهة المشاعر السلبية ضد اللاجئين وتشجيع إصلاح السياسات التي تحمي حقوقهم.
بدأ المؤتمر بكلمة من الوزير السابق الدكتور طارق متري الذي يدير حالياً "معهد عصام فارس للسياسات العامة والشؤون الدولية" في الجامعة الأميركية في بيروت تحدث فيها عن كون غياب استراتيجيات وطنية في لبنان ساهم في انتشار المغالطات عند الحديث عن اللاجئين، الذين يعيش ما نسبته 69 في المائة منهم تحت خط الفقر وتبلغ المعدلات الوسطية لأجور الذكور منهم 209 دولارات شهرياً والإناث 98 دولاراً. وتحدث متري عن كون إثارة الناس في لبنان ضد اللاجئين السوريين يستند إلى أبعاد طائفية مؤكّداً أن لا وقائع تسند ما يتم الترويج له عن كون هؤلاء اللاجئين قنبلة موقوتة، مشيراً إلى أنّ الحديث عن تأثيرهم السلبي على سوق العمل مبالغ فيه. وأنهى كلمته بالقول إنّ عودة اللاجئين إلى سورية لن تحدث في الوقت القريب بالرغم مما يروّج له منذ حسم التدخل الروسي العسكري الصراع في سورية إلى حدّ كبير. وبالتالي، فإنّ ما يجب العمل عليه هو البحث عن معالجة سليمة لقضية اللاجئين يمكن من خلالها الاستفادة منهم في الاقتصاد اللبناني بدلاً من الضغط عليهم للعودة قسرياً.
اقــرأ أيضاً
بعد الافتتاح انطلقت جلسات المؤتمر فناقشت أولاها الحالة الراهنة للاجئين في إطار الاستجابة القانونية والاجتماعية والاقتصادية والإنسانية. وتحدث في هذه الجلسة أستاذ الاقتصاد في الجامعة الأميركية، جاد شعبان، عن كون السياسات العامة في لبنان توضع من قبل نظام طائفي مافيوي ورأسمالي هدفه تركيز الثروات، والتمييز يسعى طوال الوقت للسيطرة على اللبنانيين الفقراء وهو يتعامل بالطريقة نفسها مع فقراء اللاجئين، بينما يتعامل بترحيب مع الأغنياء حتى عندما يكونون سوريين. وتطرق شعبان إلى كون البطالة في لبنان لم ترتفع بين اللبنانيين منذ بدء تدفق اللاجئين السوريين فهذه النسبة ارتفعت من 11 في المائة إلى 13 في المائة بين عامي 2006 و2010 وظلّت عند هذا الحدّ بعد لجوء السوريين ابتداء من عام 2011 معتبراً أنّ المشكلة الحقيقية في لبنان هي أنّ معظم العاملين منخرطون في قطاعات غير نظامية إذ تبلغ نسبة المنخرطين في هذه القطاعات 59 في المائة بين اللبنانيين و95 في المائة بين الفلسطينيين و99 في المائة بين السوريين.
من جهته، تحدث، أحد مؤسسي المركز السوري لبحوث السياسات، ربيع نصر، عن عدم إمكانية عودة اللاجئين إلى سورية في ظلّ استمرار النزاع المسلح والخسائر الاقتصادية الهائلة التي بلغت 450 مليار دولار خلال سنوات الحرب. وركّز نصر على وجوب تطبيق سياسات تنمية تكاملية تركّز على اللبنانيين واللاجئين في الوقت نفسه، مشيراً إلى أنّ زيادة عدد السكان في لبنان بنسبة 25 في المائة بفعل اللجوء السوري يجب عدم استخدامها للتخويف، لأنّ النسبة الأكبر من اللاجئين هم من الشباب الذين تحتاج إليهم القطاعات الزراعية والصناعية في لبنان وبالتالي فإنّ في إمكانهم أن يساهموا في التنمية.
وفي جلسة بعنوان "الأداء الاقتصادي الكلي: النمو والطلب واقتصاديات المساعدات الإنسانية" تطرق المدير التنفيذي لمؤسسة البحوث والاستشارات، كمال حمدان، إلى المشكلة البنيوية في الاقتصاد اللبناني الذي يعتمد على الخدمات وعلى أموال المهاجرين والاستثمارات الآتية من الخليج بينما يهمل القطاعات الإنتاجية من قبيل الزراعة والصناعة. وفي معرض الحديث عن دور اللاجئين في الاقتصاد اللبناني ذكر حمدان أنّ عدد العمال السوريين في لبنان بلغ 350 ألف عامل في مرحلة إعادة الإعمار في التسعينيات من القرن الماضي وأنّ عدد العاملين في لبنان من سورية اليوم لا يزيد عن ذلك كثيراً.
وتحدث في الجلسة نفسها، رئيس الجمعية الاقتصادية اللبنانية، منير راشد عن التحديات التي واجهها الاقتصاد اللبناني مع مجيء اللاجئين السوريين ذاكراً أنّ الضغط الأساسي كان على البنى التحتية التي زاد عدد المستفيدين منها بشكل كبير بينما أثّر وجود اللاجئين إيجاباً في بعض النواحي، إذ إنّ اللاجئين يدفعون مثلاً 300 مليون دولار سنوياً على شكل إيجارات. واستخف راشد بإمكانية تحقيق طروحات مؤتمر "سيدر" للمانحين الذي تضمن التعهّد بإعطاء أكثر من 11 مليار دولار للبنان مقابل دمج عدد من اللاجئين في المنظومة الاقتصادية كون تحصيل هذا المبلغ يحتاج تعديلات كبيرة تستعصي عليه البنية الاقتصادية اللبنانية.
مديرة مركز الدراسات اللبنانية، مها شعيب، ركّزت في حديثها ضمن الجلسة المعنونة "الخدمات العامة واللاجئين" على مسألة التعليم، إذ ذكرت أنّ قطاع التعليم الرسمي، الذي استقبل التلاميذ السوريين، متردّ في الأصل، وأنّ 20 في المائة فقط ممن هم في عمر الدراسة بين اللاجئين السوريين مسجلون في مدارس في لبنان وأنّ من بينهم 1 في المائة فقط يصلون إلى الصف التاسع بالرغم من الإنفاقات الكبيرة من المانحين الدوليين في مجال التعليم.
اقــرأ أيضاً
وحملت النقاشات في الجلسة الختامية دعوات إلى إحداث إصلاح بنيوي للاقتصاد اللبناني يمكن أن تجعله منتجاً وكبيراً ليستوعب الجميع، وإلى مواجهة الخطابات الشعبوية المناهضة للاجئين في لبنان عن طريق تطوير أبحاث علمية جادّة تساعد في فهم أثر وجود اللاجئين والفرص التنموية التي يمكن أن يخلقها هذا الوجود، وإلى الاستفادة من تجارب في مناطق أخرى من العالم جرى فيها دمج اللاجئين في الاقتصاد ممّا أدّى إلى تعزيزه.
بدأ المؤتمر بكلمة من الوزير السابق الدكتور طارق متري الذي يدير حالياً "معهد عصام فارس للسياسات العامة والشؤون الدولية" في الجامعة الأميركية في بيروت تحدث فيها عن كون غياب استراتيجيات وطنية في لبنان ساهم في انتشار المغالطات عند الحديث عن اللاجئين، الذين يعيش ما نسبته 69 في المائة منهم تحت خط الفقر وتبلغ المعدلات الوسطية لأجور الذكور منهم 209 دولارات شهرياً والإناث 98 دولاراً. وتحدث متري عن كون إثارة الناس في لبنان ضد اللاجئين السوريين يستند إلى أبعاد طائفية مؤكّداً أن لا وقائع تسند ما يتم الترويج له عن كون هؤلاء اللاجئين قنبلة موقوتة، مشيراً إلى أنّ الحديث عن تأثيرهم السلبي على سوق العمل مبالغ فيه. وأنهى كلمته بالقول إنّ عودة اللاجئين إلى سورية لن تحدث في الوقت القريب بالرغم مما يروّج له منذ حسم التدخل الروسي العسكري الصراع في سورية إلى حدّ كبير. وبالتالي، فإنّ ما يجب العمل عليه هو البحث عن معالجة سليمة لقضية اللاجئين يمكن من خلالها الاستفادة منهم في الاقتصاد اللبناني بدلاً من الضغط عليهم للعودة قسرياً.
بعد الافتتاح انطلقت جلسات المؤتمر فناقشت أولاها الحالة الراهنة للاجئين في إطار الاستجابة القانونية والاجتماعية والاقتصادية والإنسانية. وتحدث في هذه الجلسة أستاذ الاقتصاد في الجامعة الأميركية، جاد شعبان، عن كون السياسات العامة في لبنان توضع من قبل نظام طائفي مافيوي ورأسمالي هدفه تركيز الثروات، والتمييز يسعى طوال الوقت للسيطرة على اللبنانيين الفقراء وهو يتعامل بالطريقة نفسها مع فقراء اللاجئين، بينما يتعامل بترحيب مع الأغنياء حتى عندما يكونون سوريين. وتطرق شعبان إلى كون البطالة في لبنان لم ترتفع بين اللبنانيين منذ بدء تدفق اللاجئين السوريين فهذه النسبة ارتفعت من 11 في المائة إلى 13 في المائة بين عامي 2006 و2010 وظلّت عند هذا الحدّ بعد لجوء السوريين ابتداء من عام 2011 معتبراً أنّ المشكلة الحقيقية في لبنان هي أنّ معظم العاملين منخرطون في قطاعات غير نظامية إذ تبلغ نسبة المنخرطين في هذه القطاعات 59 في المائة بين اللبنانيين و95 في المائة بين الفلسطينيين و99 في المائة بين السوريين.
من جهته، تحدث، أحد مؤسسي المركز السوري لبحوث السياسات، ربيع نصر، عن عدم إمكانية عودة اللاجئين إلى سورية في ظلّ استمرار النزاع المسلح والخسائر الاقتصادية الهائلة التي بلغت 450 مليار دولار خلال سنوات الحرب. وركّز نصر على وجوب تطبيق سياسات تنمية تكاملية تركّز على اللبنانيين واللاجئين في الوقت نفسه، مشيراً إلى أنّ زيادة عدد السكان في لبنان بنسبة 25 في المائة بفعل اللجوء السوري يجب عدم استخدامها للتخويف، لأنّ النسبة الأكبر من اللاجئين هم من الشباب الذين تحتاج إليهم القطاعات الزراعية والصناعية في لبنان وبالتالي فإنّ في إمكانهم أن يساهموا في التنمية.
وفي جلسة بعنوان "الأداء الاقتصادي الكلي: النمو والطلب واقتصاديات المساعدات الإنسانية" تطرق المدير التنفيذي لمؤسسة البحوث والاستشارات، كمال حمدان، إلى المشكلة البنيوية في الاقتصاد اللبناني الذي يعتمد على الخدمات وعلى أموال المهاجرين والاستثمارات الآتية من الخليج بينما يهمل القطاعات الإنتاجية من قبيل الزراعة والصناعة. وفي معرض الحديث عن دور اللاجئين في الاقتصاد اللبناني ذكر حمدان أنّ عدد العمال السوريين في لبنان بلغ 350 ألف عامل في مرحلة إعادة الإعمار في التسعينيات من القرن الماضي وأنّ عدد العاملين في لبنان من سورية اليوم لا يزيد عن ذلك كثيراً.
وتحدث في الجلسة نفسها، رئيس الجمعية الاقتصادية اللبنانية، منير راشد عن التحديات التي واجهها الاقتصاد اللبناني مع مجيء اللاجئين السوريين ذاكراً أنّ الضغط الأساسي كان على البنى التحتية التي زاد عدد المستفيدين منها بشكل كبير بينما أثّر وجود اللاجئين إيجاباً في بعض النواحي، إذ إنّ اللاجئين يدفعون مثلاً 300 مليون دولار سنوياً على شكل إيجارات. واستخف راشد بإمكانية تحقيق طروحات مؤتمر "سيدر" للمانحين الذي تضمن التعهّد بإعطاء أكثر من 11 مليار دولار للبنان مقابل دمج عدد من اللاجئين في المنظومة الاقتصادية كون تحصيل هذا المبلغ يحتاج تعديلات كبيرة تستعصي عليه البنية الاقتصادية اللبنانية.
مديرة مركز الدراسات اللبنانية، مها شعيب، ركّزت في حديثها ضمن الجلسة المعنونة "الخدمات العامة واللاجئين" على مسألة التعليم، إذ ذكرت أنّ قطاع التعليم الرسمي، الذي استقبل التلاميذ السوريين، متردّ في الأصل، وأنّ 20 في المائة فقط ممن هم في عمر الدراسة بين اللاجئين السوريين مسجلون في مدارس في لبنان وأنّ من بينهم 1 في المائة فقط يصلون إلى الصف التاسع بالرغم من الإنفاقات الكبيرة من المانحين الدوليين في مجال التعليم.
وحملت النقاشات في الجلسة الختامية دعوات إلى إحداث إصلاح بنيوي للاقتصاد اللبناني يمكن أن تجعله منتجاً وكبيراً ليستوعب الجميع، وإلى مواجهة الخطابات الشعبوية المناهضة للاجئين في لبنان عن طريق تطوير أبحاث علمية جادّة تساعد في فهم أثر وجود اللاجئين والفرص التنموية التي يمكن أن يخلقها هذا الوجود، وإلى الاستفادة من تجارب في مناطق أخرى من العالم جرى فيها دمج اللاجئين في الاقتصاد ممّا أدّى إلى تعزيزه.