اللاجئون الأفغان "سجناء" الخوف في باكستان

02 يناير 2025
أفغان في طريق عودتهم إلى أفغانستان عند حدود باكستان، 23 يناير 2024 (فرانس برس)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- تعيش شهرزاد، لاجئة أفغانية في باكستان، في خوف من الترحيل وتواجه حملة مناهضة للمهاجرين، حيث تتهم الشرطة الباكستانية بسلوك مشابه لطالبان.
- تتهم السلطات الباكستانية الأفغان بالمشاركة في تظاهرات عنيفة، مما أدى إلى اعتقال العديد منهم، بينما ينفي الوجهاء الأفغان تورطهم في السياسة الباكستانية.
- تواجه باكستان ضغوطاً دولية لتسريع منح تأشيرات للأفغان، حيث ينتظر 44 ألف شخص، وتنتقد المحامية إيمان مزاري التنميط العرقي للأفغان والبشتون الباكستانيين.

بعدما كانت شهرزاد تأمل بالعثور على الحرية في باكستان بعد هروبها من حركة طالبان في أفغانستان، فقد رأت نفسها "مسجونة" في نطاق بيت الضيافة الذي يؤويها. وهي اليوم تواجه، كما مواطنيها اللاجئين، حملة مناهضة للمهاجرين تجعل من الأفغان "سجناء" في البلد المجاور. وكانت المرأة، التي تتحدّث إلى وكالة فرانس برس باسم مستعار، قد حضرت إلى إسلام أباد قبل بضعة أشهر لتقديم طلب هجرة إلى سفارة أوروبية. وهذا إجراء صار معهوداً لدى كلّ من يرغب في مغادرة أفغانستان، لعدم توفّر أيّ سفارات أو ممثليات هناك، إذ لم تعترف أيّ دولة بعد بحكومة حركة طالبان التي عادت إلى السلطة في عام 2021.

تخبر شهرزاد بأنّها شعرت بـ"الارتياح والأمان" عندما وصلت إلى باكستان. لكن بعد فترة قصيرة، نظّم أنصار رئيس الوزراء السابق المسجون عمران خان احتجاجات حاشدة، الأمر الذي أدّى إلى قمع حزبه "حركة الإنصاف الباكستانية"، علماً أنّه يرأس إقليم خيبر بختونخوا الذي يقع على حدود أفغانستان، والذي يسكنه البشتون بصورة أساسية، وهم كثيرون كذلك في أفغانستان. ويشير الأفغان إلى أنّهم مرتبطون خطأ بمؤيّدي رئيس الوزراء السابق، وأنّهم ضحايا الحملة القمعية التي تشنّها السلطات الباكستانية.

ولا تخفي شهرزاد أنّها تعيش في خوف دائم من احتمال ترحيلها مع أطفالها إلى أفغانستان، مشيرةً إلى أنّ "الوضع هنا رهيب بالنسبة إلى الأفغان، وسلوك الشرطة الباكستانية يشبه سلوك طالبان". وتروي كيف احتُجز ابنها أخيراً عندما كان يسير في حديقة و"طلبت منه الشرطة المال بدلاً من الوثائق (التعريفية الرسمية)".

الأفغان في باكستان "كبش فداء"

في هذا الإطار، ألقى وزير الإعلام الباكستاني عطا الله ترار اللوم على "الإرهابيين الأفغان" الذين شاركوا في التظاهرات، التي تخلّلتها أعمال عنف بين المتظاهرين وقوات الأمن. وقال أمام صحافيين أجانب إنّ بعد التظاهرات الأخيرة لحزب "حركة الإنصاف الباكستانية"، اعتُقل 37 أفغانياً في تلك التي جرت في نهاية نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي من بين ألف شخص اعتُقلوا.

من جهته، يتحدّث محمد خان، أحد الوجهاء الأفغان في إسلام أباد، عن مئات الاعتقالات بين مواطنيه، مع تأكيده أنّ أياً من هؤلاء المعتقلين لم يكن متورّطاً في السياسة الباكستانية. ويؤكد لوكالة فرانس برس أنّ "اللاجئين الأفغان هم كبش فداء في الشؤون الداخلية الباكستانية وفي التوتّرات بين إسلام أباد وكابول". يُذكر أنّ السفارة الأفغانية لدى إسلام أباد ندّدت بالسياسة التي تعتمدها باكستان والتي "لن تجلب لها شيئاً".

لجوء واغتراب
التحديثات الحية

وفي يوليو/ تموز الماضي، دعت الخارجية الباكستانية الدول الغربية إلى تسريع عملية منح تأشيرات الدخول لنحو 44 ألف أفغاني ينتظرون ذلك. وفي المجمل، صنّفت المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين مليون لاجئ وطالب لجوء أفغاني في باكستان وعدد آخر من الأفغان الآخرين في أوضاع مختلفة. وتؤكد المفوضية أنّ نحو 750 ألف أفغاني أُعيدوا من باكستان في الفترة الممتدّة ما بين سبتمبر/ أيلول 2023 وأكتوبر/ تشرين الأول 2024، من بينهم 258 ألفاً في العام المنصرم، جميعهم تقريباً من دون أوراق ثبوتية رسمية.

وترى المحامية إيمان مزاري، المدافعة عن الأفغان المعتقلين في باكستان، أنّ هؤلاء المهاجرين المستضعفين هم "هدف سهل جداً". وفي هذا الإطار، يتجنّب مصطفى، الذي ينتظر مع عائلته في إسلام أباد للحصول على تأشيرة هجرة إلى الولايات المتحدة الأميركية، الخروج قدر الإمكان من مكان إقامته، ويرتّب أموره لشراء الطعام والدواء من ضمن جماعة. ويقول الرجل، البالغ من العمر 31 عاماً: "في حال اكتشف عناصر قوى الأمن أنك أفغاني، سواء أكنت تملك تأشيرة صالحة أم لا، فإنّهم يعتقلونك أو يأخذون منك المال". ويؤكد بأسى: "نحن سجناء. لا نخرج قطّ إلا عندما نضطرّ إلى ذلك".

وتوضح المحامية مزاري لوكالة فرانس برس أنّ الأفغان ليسوا وحدهم في هذه الحال، مبيّنةً أنّ "البشتون الباكستانيين هم كذلك ضحايا التنميط العرقي". وقد ندّدت لجنة حقوق الإنسان الباكستانية، منظمة غير حكومية معنيّة بالحريات في البلاد، بـ"التنميط العرقي المزعوم للمواطنين البشتون العاديّين". وفي سياق متصل، بعث رئيس حكومة خيبر بختونخوا علي أمين غاندابور برسالة إلى رئيس الوزراء شهباز شريف، يدين فيها "الاعتقالات التعسفية للعمّال البشتون في إسلام أباد" بعد الاحتجاجات، التي قد تؤدّي إلى "انقسامات هائلة".

(فرانس برس)