الكويت: ضغوط على وزارة التربية للعودة إلى المدارس

10 اغسطس 2021
إلى متى الإبقاء على التعليم عن بُعد؟ (ياسر الزيات/ فرانس برس)
+ الخط -

 

ما زال موضوع التعليم عن بُعد مثار جدال في الكويت وسط أزمة كورونا. لكنّ ثمّة وجهة نظر تبدو منطقية اليوم في ما يخصّ التشديد على العودة إلى التعليم الحضوري، إذ إنّ النسبة الكبرى من السكان تحصّنت في وجه فيروس كورونا الجديد.

أدّى إصرار السلطات الصحية على المضي في إغلاق المدارس والجامعات والمؤسسات التربوية الخاصة بذوي الاحتياجات الخاصة والحضانات في الكويت والاستمرار في نظام التعليم عن بُعد، إلى تشكيل وزراء تربية سابقين وأكاديميين ومعلمين وتربويين مجموعات ضغط في محاولة لثني السلطات الصحية عن الاستمرار في هذه القرارات مع اقتراب الكويت من بلوغ المناعة المجتمعية بعد تحصينها أكثر من 70 في المائة من السكان ضدّ كوفيد-19. مجموعة "التعليم أولاً" واحدة من تلك المجموعات، وهي تهدف إلى التوعية بأهمية عودة التلاميذ إلى المدارس بدلاً من سياسة التعليم عن بُعد، وتضمّ إلى جانب وزراء وأكاديميين في جامعة الكويت أولياء أمور غاضبين من تردّي المستوى التعليمي في البلاد.

وفي إحدى الندوات الخاصة في هذا الإطار، قالت وزيرة التربية والتعليم السابقة موضي الحمود، وهي من أبرز الداعمين لجماعات الضغط التي شُكّلت للمطالبة بالعودة إلى التعليم في المدارس، إنّ الكويت باتت من آخر ثمانية بلدان في العالم لم تقرّر استعادة التعليم العادي، على الرغم من وعود القيادات التعليمية بذلك. أضافت أنّ "المشهد التعليمي يسوده كثير من الضبابية وللأسف لا أحد يعلم الخطوات المتّبعة لإعادة العملية التعليمية في البلاد من جديد. في البداية، ضربت جائحة كورونا كلّ القطاعات التعليمية في العالم وتسببت في إرباك للجميع، كما تسببت في تدنّي تعليم 100 مليون طفل إلى ما دون القراءة والكتابة، لكنّ العالم اقترب من تجاوز هذه الأزمة وأعاد التعليم". وأشارت الحمود إلى دراسة أخيرة نشرتها منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (يونسكو) بيّنت فيها إغلاق 134 دولة حول العالم مدارسها منتصف عام 2020، لكنّ تلك الدول بمعظمها أعادت التعليم أو نشرت خططها لإعادة التعليم ولم يتبقَّ منها إلا ثماني دول، الكويت واحدة منها.

وقد استجابت اللجنة التعليمية في مجلس الأمة للضغوط المتزايدة من قبل المجموعات التعليمية، وطالبت وزارة التربية في الاجتماع الذي جمع بينها وبين اللجنة بضرورة العودة إلى مقاعد الدراسة وعدم التلكؤ بحجّة الاشتراطات الصحية، خصوصاً مع اقتراب الوصول الكامل إلى المناعة المجتمعية. وقال رئيس اللجنة التعليمية حمد المطر في بيان إنّ "بقاء التلاميذ في البيوت أكثر خطراً من ذهابهم إلى المدارس" مشدداً على الآثار السلبية التي لحقت بهؤلاء، خصوصاً الأطفال منهم، بسبب توقّف المدارس بالإضافة إلى الأضرار البالغة التي أصابت العملية التعليمية.

طلاب وشباب
التحديثات الحية

من جهته، يقول ممثل جمعية المعلمين الكويتية، حمد الهولي، لـ"العربي الجديد" إنّ جمعية المعلمين تؤيّد ما ذهبت إليه مجموعة "التعليم أولاً" وبقيّة المجموعات لجهة "ضرورة العودة إلى مقاعد الدراسة في أسرع وقت ممكن. وسبق لها أن رفعت مقترحات لوزارة التربية حول آليات العودة إلى التعليم". 

وعلى الرغم من أنّ مجلس الوزراء الكويتي قرّر قبل أسبوع إعادة فتح كل النشاطات التجارية في البلاد، وقرّر عودة الموظفين إلى أعمالهم بالكامل، فإنّ وزارة التربية ما زالت مترددة في اتخاذ قرار العودة إلى المدارس. كذلك فإنّ المباحثات حول آلية العودة وطريقتها واتّباع الإجراءات الصحية من عدمها ما زالت محلّ جدال بين القيادات التعليمية.

ويشير وكيل سابق في وزارة التربية فضّل عدم الكشف عن هويته لـ"العربي الجديد" إلى أنّ "القيادات التقليدية في الوزارة التي وصلت إلى مواقعها الحالية بسبب الأقدمية وليس نتيجة الكفاءة، لن تستطيع تجاوز هذه الأزمة وسوف تكون العودة إلى التعليم في المدارس كارثية بسبب عدم مقدرتها على إدارتها".

ويؤيد أولياء أمور كثيرون العودة إلى المدارس ويطالبون المجموعات التعليمية الضاغطة بزيادة تحركاتها، كما يطالبون اللجنة التعليمية بالضغط بشكل أكبر على وزارة التربية في هذا الاتجاه. وتقول أمل عبد الله، وهي والدة تلميذ (11 عاماً) في الصف السادس المتوسط، لـ"العربي الجديد" إنّه "لا بدّ من العودة إلى المدارس بأيّ طريقة. فالدراسة عن بعد أثبتت فشلها من الناحية التعليمية، ولم تحقّق أيّ تقدّم في مسيرة الأطفال المعرفية. كذلك، فإنّ الأطفال أصيبوا بالعزلة نتيجة ملازمتهم البيوت لمدّة 18 شهراً. فالمدرسة كانت المكان الوحيد الذي يستطيع ابني فيه الاختلاط مع أطفال آخرين واللعب معهم".

في سياق متصل، يطالب سعود الناصر، وهو مدير مدرسة ثانوية وولي أمر كذلك، بإعطاء أولياء الأمور حرية اختيار عودة أبنائهم التلاميذ إلى مقاعد الدراسة من عدمها. ويقول لـ"العربي الجديد" إنّ "ثمّة أولياء أمور تلقوا لقاحات مضادة لكوفيد-19 ويرغبون في إعادة أبنائهم إلى المدرسة، فيما آخرون لم يتلقّوا لقاحات ويتشكّكون في ما يخص عودة أبنائهم تلك". يضيف الناصر أنّ "الحلّ الوسط من وجهة نظري هو قيام نظام دراسي هجين بين التعليم عن بُعد وبين التعليم الحضوري، فيُعطى أولياء الأمور أحقيّة الاختيار بينهما، مع منح ميزات إضافية لنظام التعليم الحضوري مثل زيادة في الدرجات وغيرها".

المساهمون