بدأت السلطات الصحية في الكويت استعداداتها لاستقبال لقاح فيروس كورونا الجديد الذي أنتجته شركتا "فايزر" الأميركية و"بيوتنك" الألمانية، والذي أعلنت الشركتان عن نجاحه بنسبة فعالية تصل إلى 90 في المائة، بناءً على التحليل الأولي لنتائج المرحلة الثالثة من التجارب السريرية. وقال مصدر مسؤول في وزارة الصحة الكويتية لـ"العربي الجديد" إنّ الاستعدادات بدأت بالفعل لاستيراد نحو مليون جرعة من هذا اللقاح في حال اعتمدته رسمياً إدارة الغذاء والدواء الأميركية، إذ ينصّ الاتفاق المبدئي مع الشركة المنتجة على شرط موافقة الجهات الصحية الرسمية الأميركية، وفي حال عدم موافقتها فإنّ وزارة الصحة غير ملزمة باستيراده.
داخلياً، وافقت الجهات الرقابية على طلب وزارة الصحة تخصيص مبلغ مبدئي بقيمة 7.6 ملايين دينار كويتي (24 مليوناً و740 ألف دولار أميركي) لاستيراد الدفعة الأولى من اللقاح. وأكد مصدر مسؤول في الجهاز المركزي للمناقصات العامة لـ"العربي الجديد" أنّ الكويت قد تحصل على أفضلية في استيراد كميات أكبر من اللقاح من شركة "فايزر" بسبب حجم استثمارات الصندوق السيادي الرسمي الكويتي في شركة "بلاك روك" أحد أكبر مالكي "فايزر". وأضاف المصدر لـ"العربي الجديد": "من الصعب استباق الأحداث بشكل كبير، لكن ما نحن متأكدون منه هو أنّنا حصلنا على أحقية شراء مليون لقاح بشكل أكيد، وبانتظار كميات أكبر، كما شكلنا مع وزارة الصحة لجنتين مختصتين لمتابعة الشركات الأخرى التي تعمل على تجاربها السريرية للوصول إلى نتيجة مرضية في اكتشاف لقاح كورونا، إذ تواصلت إحدى اللجنتين مع شركة أسترازينيكا التي تتعاون مع جامعة أكسفورد لإنتاج لقاح أيضاً". وأكد المصدر المسؤول أنّ مجلس الوزراء خصص ميزانية تصل إلى 75 مليون دينار كويتي (244 مليون دولار أميركي) ووضعها تحت تصرف وزارة الصحة والجهاز المركزي للمناقصات العامة لاستيراد أيّ لقاح لكورونا في حال اكتشافه وهو ما يجري حالياً العمل وفقه.
من جهته، يقول وزير الصحة باسل الصباح، لـ"العربي الجديد": "الوقت المتوقع لوصول الدفعات الأولى للقاح إلى الكويت سيكون بين شهري فبراير/ شباط وإبريل/ نيسان 2021، وستكون الأولوية لكبار السن وأصحاب الأمراض المزمنة، بالإضافة إلى الطواقم الطبية، وبعدها سيجري تعميم اللقاح على السكان كافة في الكويت، في حال توفير كميات كافية". وبحسب الوزير، فإنّ السلطات الصحية وضعت جدولاً زمنياً وآليات ميسرة لتطعيم الأشخاص، إذ سيحصل كلّ شخص يرد اسمه في قوائم التطعيم على اللقاح مرتين، ويُعطى بعدها شهادة تفيد بحصوله على التطعيم، وستكون هذه الحملة هي الأكبر في تاريخ الكويت الصحي، مشدداً على وجود عملية تنظيم إلكتروني للتطعيم منعاً لاختلاط الناس وحرصاً على التباعد الاجتماعي. وعن العدد النهائي الذي تسعى وزارة الصحة لاستيراده، قال الصباح إنّ الكويت ستسعى لجلب أكبر عدد ممكن، يغطي المواطنين والمقيمين على حدّ سواء، لكنّ العدد التقديري الذي ستستورده الكويت هو 4 ملايين لقاح مما يعني أنّ مليوني شخص في الكويت سيحصلون عليه، خصوصاً أنّ اللقاح لن يعطى لمن هم دون 18 عاماً وفقاً للتوصيات الصحية حتى الآن. ويؤكد وزير الصحة على انشغال الوزارة الحالي في الاستعدادات اللوجستية لكميات كبيرة من اللقاحات وتخزينها في أماكن مناسبة، خصوصاً أنّ الطاقة الاستيعابية للمخازن الطبية الكويتية ليست كبيرة إلى هذا الحد.
وبدأت إدارة المستودعات الطبية في وزارة الصحة الكويتية بتجهيز مخازنها في منطقة صبحان استعداداً لاستقبال كميات من اللقاح، فيما بدأت بمخاطبة شركات التخزين الكبرى في الكويت لتصميم مخازن تتوافق مع الاعتمادات الطبية وبشكل عاجل. وقالت المصادر الطبية الكويتية إنّ هناك أزمة تخزين في الكويت بسبب عدم وجود مخازن كافية لتخزين اللقاح بطريقة تضمن عدم تعرضه للتلف، لكنّ الوزارة ستشكل لجنة لبحث أفضل الطرق لتخزينه والتأكد من فعاليته عند وصوله. وجرى إخلاء صالات الأندية الرياضية في الكويت، وتجهيز المستشفى الميداني بالقرب من استاد جابر الدولي بمنطقة العارضية الصناعية استعداداً لاستقبال المشمولين بالتطعيم.
في هذا الإطار، يقول الطبيب عبد العزيز الزعبي، من وزارة الصحة، وأحد المتطوعين في الفرق الخاصة بمكافحة كورونا، لـ"العربي الجديد": "وزارة الصحة تجري استعداداتها جدياً، في حال جلب اللقاح، حتى ننتهي من عملية التطعيم بشكل سريع وتعود الحياة إلى دورتها الطبيعية... الأمر بات حقيقياً". ويضيف: "هناك تفاؤل كبير في الوسط الطبي داخل الكويت بهذا اللقاح، والحياة عادت إلى القطاع الطبي بشكل كبير خصوصاً أنّ الفيروس أنهك الطواقم الطبية في الأيام الأخيرة".
وربط مجلس الوزراء الكويتي بين الانتقال إلى المرحلة الخامسة في الكويت، وهي المرحلة التي تشمل العودة إلى المدارس والجامعات وافتتاح قاعات الأعراس والسماح بالفعاليات الاجتماعية والندوات، بإيجاد لقاح لفيروس كورونا وتطعيم جزء كبير من المواطنين والمقيمين داخل الكويت به.
بدورهم، يقول خبراء اقتصاديون إنّ وصول اللقاح إلى الكويت يعني انتعاش الاقتصاد الكويتي الذي تعرض لضربات قوية نتيجة الحظر الكلي والجزئي الذي عاشته البلاد لأشهر طويلة، بالإضافة إلى عودة قطاعات الفنادق والمطاعم والمقاهي للعمل بالكامل.