أقرّ الكنيست الإسرائيلي بكامل هيئته في القراءتَين الثانية والثالثة، أوّل من أمس الأحد، مشروع قانون لتشديد العقوبة على الجرائم الجنسية على أساس قومي. وأيّد 39 عضواً في الكنيست المشروع في القراءة الثالثة في مقابل سبعة عارضوه. ومعارضو مشروع القانون هم من الكتلتَين العربيّتَين "الحركة العربية للتغيير" و"القائمة العربية الموحّدة".
ويوضح القانون الإسرائيلي المُقَرّ أحكام تشديد العقوبة على فعل إرهابي تنطبق على الجرائم الجنسية، بالإضافة إلى تطبيق أحكام تشديد العقوبة على أيّ جريمة بدافع "العنصرية" أو "العداء تجاه الجمهور". ويتضمّن مضاعفة للتعويض المنصوص عليه في القانون في ما يخصّ جرائم التحرّش الجنسي المرتكبة بالدافعَين المذكورَين آنفاً.
ويقترح القانون المُقَرّ أخيراً الالتزام بتقديم تقارير سنوية إلى لجنة الأمن القومي التابعة للكنيست في ما يتعلق بعدد لوائح الاتّهام المقدّمة وعدد ملفات التحقيق المفتوحة في الجرائم الجنسية وجرائم التحرّش الجنسي التي ارتُكبت بدافع العنصرية أو العداء تجاه الجمهور، أو هي عمل إرهابي.
وبحسب توضيح القانون المُقَرّ، فإنّ "ظاهرة الإرهاب القومي اشتدّت في السنوات الأخيرة، إذ ترد أنباء في كلّ يوم عن تعرّض نساء لتحرّش جنسي على أساس هويّتهنّ الدينية، وقد وصل اشتداد هذه الظاهرة إلى درجة أنّه في مختلف البلاد، في الشمال والجنوب وحتى في مدينة تل أبيب، تخشى النساء القيام بالأنشطة الرياضية أو الخروج بمفردهنّ في المساء".
لكنّ حقوقيين وأسرى محرّرين رأوا في القانون المُقَرّ الذي ينصّ على تشديد العقوبة على من يرتكب جريمة جنسية "على خلفية قومية" قانوناً عنصرياً من شأنه تعزيز "الفوقية اليهودية" بالإضافة إلى ضرب سمعة الحركة الأسيرة.
وفي هذا الإطار، تقول المحامية الحقوقية عبير بكر لـ"العربي الجديد" إنّ القانون "عنصريّ من الدرجة الأولى ويأتي فقط لتعزيز فوقية اليهود وليس لحماية المرأة". تضيف أنّه "وفقاً للقانون، سوف تُضاعَف عقوبة كلّ من يتحرّش جنسياً بامرأة لأسباب قومية، غير أنّه لا ظاهرة تحرّش جنسي لأسباب قومية. وبالتالي فإنّ الهدف من هذا القانون هو تحويل أيّ متّهم عربي بالتحرّش بامرأة يهودية إلى مرتكب إثم خاص. فلا تكفي تهمة التحرّش، بل يُتَّهم بالتحرّش بامرأة يهودية، وهذا يكفي لمضاعفة عقوبته. لكنّه في حال تحرّش يهودي بامرأة يهودية، فلن يُصار إلى تشديد عقوبته". وتوضح بكر أنّ "هذا القانون لن يحمي بالتالي الشاكيات، إنّما يأتي لتعزيز الفكر العنصري في القانون الجنائي، وهو أنّ عقاب أيّ عربي يمسّ بيهودي سوف يكون مضاعفاً، فقط لأن المشتكي أو الضحية يهوديّ ليس إلا".
وتتابع بكر: "أنا كامرأة عربية، قد اتعرّض لتحرّش من قبل رجل عربيّ، لكنّه لن ينال العقاب الذي قد يناله لو تحرّش بيهودية. وبما أنّ الأمر يتعلّق بقانون لا يعكس ظاهرة مستشرية إنّما يعكس نوايا مستشرية في البلاد، لذا فإنّه من الواضح أنّ هدفه عنصريّ فقط". وتطالب بكر "النيابة العامة بالإحجام عن استخدامه أو اللجوء إليه، وجعله بنداً ميتاً إلى حين إبطاله يوماً ما".
في سياق متصل، يرى الكاتب والسياسي والأسير المحرّر أمير مخول أنّ "في التشريع الإسرائيلي الجديد سعي إلى اغتصاب سمعة وأخلاقيات الحركة الأسيرة وحركة التحرّر الوطني الفلسطيني"، مضيفاً أنّ "خيراً فعلت هيئة شؤون الأسرى والمحررين عندما أعلنت عن رفضها التعامل مع أيّ مغتصب فلسطيني، في حال وقع أمر مشابه، على أنّه أسير حرية أو أسير أمني بكلّ ما يعنيه ذلك".
يضيف مخول لـ"العربي الجديد" أنّ "الحركة الأسيرة ترفض تاريخياً توصيف كلّ من ارتكب جريمة أخلاقية أسيراً أو جزءاً منها. وهي ترى أنّ الاحتلال معنيّ بتشويه سمعتها". ويشير مخول إلى أنّ "في تحقيقات الشاباك مع المعتقلين الفلسطينيين الذين تُوجَّه إليهم تهم جنائية في جوهرها، سواءً أكانوا من أراضي 48 أو الضفة الغربية والقدس، يكفي أن يكون الطرف الآخر يهودي، حتى يُصنَّف الفلسطيني بأنه صاحب جرم أمني وأنّه أتى بفعله من منطلقات أيديولوجية". ويؤكد مخول أنّ "على هذا الأساس صُنّف العشرات، حتى لا نقول المئات، من الذين ارتكبوا مخالفات جنائية، من قبيل تجارة السلاح والتهريب والصدامات الجسدية والقتل والاغتصاب. وبالتالي تحوّلت أفعالهم التي أتت بدوافع عدائية إلى تهم أمنية، فتُضاعَف فيها أحكام القضاء الإسرائيلي المطواع للأمن".
من جهته، قال المتحدّث باسم هيئة شؤون الأسرى والمحرّرين حسن عبد ربه، في حديث إلى برنامج "أول خبر" الذي بثّته إذاعة "الشمس" في الناصرة صباح اليوم، إنّ الحركة الأسيرة لا تعدّ أيّ مغتصب أو معتد جنسيّ أسيراً سياسياً. وشدّد على أنّ لا أسرى في السجون الإسرائيلية ممّن ارتكبوا اعتداءات جنسية يُعرّفون على أنّهم جزء من الحركة الأسيرة.