الكديب والتدخّل المبكر

18 فبراير 2022
يستخدم طائرة من دون طيار لرش المبيدات الحشرية (لي خيانجون/ Getty)
+ الخط -

لم يعرف في حياته البسيطة حلولاً بسيطة لمشكلاته مع الكد اليومي في حقله الصغير البعيد عن تأثيرات التطوّر التقني في العمليات الزراعية، وخصوصاً في ما يتعلق بمكافحة الطفيليات والحشرات المهلكة للزرع. أيوب يضحك حين يدرك أن لاسمه ارتباطا وثيقا بالصبر، وأن للكد اليومي علاقة بالكديب، أي عمليات تنظيف الحقل من الأعشاب الطفيلية. فقد ظل منكباً على أرضه معظم سنوات عمره، من دون أن يتغيّر حاله. يسابق شروق الشمس وتغرب عليه وهو يعمل في معالجة انسداد قنوات الري والتأكد من انسياب الماء فيها. كما يمسك بالنجّامة (آلة تقليدية) لإزالة الحشائش التي غالبت شمس ما بعد حراثة الأرض ونمت بين محصوله، إذ يعتبر تقليب الأرض وحراثتها إحدى وسائل مكافحة الأعشاب الطفيلية، حيث تتعرض الأعشاب للشمس فيتخثر البروتين فيها وتجف وتموت. ويتعيّن على أيوب أن يقتلع ما يتبقى منها حياً في مثابرته اليومية، ومجاهداته التي لا تنتهي، وخصوصاً مع الهالوك، ذلك العشب الخطير الفتّاك إذا ما وجد فرصة للنمو بين بعض أنواع المحاصيل.
يقول الخبير سيد عاشور إن "الهالوك نبات طفيلي لا يعيش إلا بنهل الغذاء من نبات المحصول العائل، فيرسل ممصّات أرضية زاحفة يغرسها في أنسجة الضحية النباتية ممتصاً عصارتها". وتعد الرياح والمياه والحيوانات التي تغشي الحقول بعد الحصاد من أكثر وسائل انتشار الأعشاب الضارّة ، كما أن من عوامل استفحالها وتكاثرها عدم تطبيق التداول الزراعي، واختصار عمليات تحضير الأرض. وينصح الخبراء الزراعيين بالتدخّل المبكر، من خلال التعرُّف على الأعشاب الموجودة بالحقل والتمييز بينها. وفي حال استخدام المبيدات، فهناك ضرورة لمعرفة الكميات اللازمة والطريقة المثلى للرش والتوقيت، بالإضافة إلى مراعاة الظروف المناخية الملائمة للمداواة، الأمر الذي يوفره الإرشاد الزراعي.  

موقف
التحديثات الحية

كثيرة هي أنواع الحشائش الطفيلية التي تنافس المحاصيل من أجل البقاء. فتجد بعضها يمد هاماته بسرعة كبيرة فوق المزروعات حتى تستأثر بضوء الشمس، وكميات أوفر من ثاني أكسيد الكربون، وبعضها يغطّي بأوراقه العريضة ما تحته من مزروعات، فتموت من ضعفٍ وقلّة حيلة بعد استحواذ الطفيلي على نصيبها من مغذيات التربة والماء والضوء المساعد على إكمال عملية التمثيل الغذائي.
وبينما يزحف أيوب بين مزروعاته حاملاً آلته التقليدية، نجد آخر منكباً على معادلاته الكيميائية في معمله، يستخلص التراكيب ويحاكي بالتخليق المعملي ما هو في الطبيعة، لينتج لنا مبيدات أكثر صداقة للبيئة. ويؤكد عاشور أن تلك التقنيات "ما زالت بحاجة إلى المزيد من المعرفة حيال جواهر المكونات الفاعلة وخصائصها الكيميائية، بالإضافة إلى آثارها البيئية". ونأمل في نجاح هذه الجهود، من أجل أيوب ورفاقه من المزارعين التقليديين.
(متخصص في شؤون البيئة)

المساهمون