الفيضانات تقضي على آمال عائلة باكستانية بتزويج ابنتها

04 سبتمبر 2022
هذا ما تبقّى لعائلة مريد حسين بعدما اجتاحت الفيضانات منزلها (عارف علي/ فرانس برس)
+ الخط -

كان مريد حسين، أب لسبعة أولاد ويعمل سائق شاحنة، يخطط لتزويج ابنته نوشين في أكتوبر/ تشرين الأول المقبل، لكنّ الفيضانات التي اجتاحت باكستان لم تجرف منزله فحسب، بل كذلك قضت على مهر الابنة الذي كان مخبّأ في داخل جدار.

يخبر حسين وكالة فرانس برس من منزله المؤلّف من أربع غرف، والذي يتقاسمه مع عائلة شقيقه: "أجمع مهرها منذ قرابة ثلاث سنوات. فكنت أنفق على المنزل وأدّخر القليل كلّ شهر من أجل مهرها".

وقد تسبّبت الأمطار الموسمية القياسية منذ يونيو/ حزيران الماضي في حدوث فيضانات مدمّرة في كلّ أنحاء باكستان، الأمر الذي أسفر عن مصرع أكثر من 1.200 شخص وغرق ثلث أراضي البلاد بالمياه، وأثّر ذلك بالتالي على حياة 33 مليون شخص. وكان الفقراء في المناطق الريفية الأكثر تضرراً، وقد شاهدوا منازلهم وممتلكاتهم ومدّخرات حياتهم ومحاصيلهم تتلاشى أمام أنظارهم.

وتضرّرت قرية حسين الواقعة في مقاطعة البنجاب (شرق) بشدّة، إذ جرفت مياه الفيضانات عشرات المباني وقضت على آمال نوشين بالزواج.

وكان حسين قد اعتاد تخصيص ألفَي روبية (نحو تسعة دولارات أميركية) شهرياً من راتبه البالغ 17 ألف روبية (80 دولاراً) لمهر ابنته، علماً أنّ من عادات باكستان وتقاليدها تقديم العائلات مهوراً باهظة لبناتهنّ عند الزواج.

الصورة
مريد حسين الذي خسر منزله في فياضانات باكستان (عارف علي/ فرانس برس)
يرى مريد حسين نفسه بلا حيلة بعدما خسر مهر ابنته (عارف علي/ فرانس برس)

وفي مناطق عديدة، يبدأ الآباء بالادّخار لمهور بناتهم منذ يوم ولادتهنّ. وفي حين تحظّر القوانين المطالبة بمهور كبيرة، فإنّ هذه الممارسة ما زالت سارية لدى كثيرين.

وتقدّم عائلات العرسان في كثير من الأحيان لذوي الشابات المزمع الارتباط بهنّ قائمة طويلة من المطالب، تشمل الأثاث والسلع المنزلية والملابس. وفي حالة العائلات الثرية، يمكن أن تتضمّن سيارات ومنازل. ويُعَدّ عدم تلبية هذه المطالب أمراً مخزياً، وتتعرّض العروس في الغالب لمعاملة سيئة من قبل أهل زوجها في حال لم توفّر عائلتها "مهراً لائقاً".

ويضيف حسين: "أردت أن أزوّج كذلك ابنتَيّ الأُخريَين من بعدها... فكّرت بالقيام بذلك تدريجياً". لكنّه عندما وصلت السيول إلى منزله، فرّ حسين مع عائلته إلى محطة سكة حديد قريبة تقع على أرض مرتفعة. ومع انحسار مستوى المياه، عبر حسين مسافة طويلة في الوحول مع زوجته وبناته عائدين إلى منزلهم. ويلفت إلى أنّهنّ "بدأنَ في البكاء عندما شاهدن الدمار".

من جهتها، تبكي زوجته صغرى بيبي، وهي تتذكّر صدمتها إزاء ما حلّ بالمنزل ومهر ابنتها. ففي خلال السنوات الماضية، اشترت بيبي سريراً وبعض الأثاث بالإضافة إلى عصارة وغسالة ومكواة وشراشف، لكنّ كل شيء تضرّر بشدة بسبب مياه الفيضانات. وتخبر أنّ "لون كلّ شيء تحوّل إلى الأسود، ومن يرى ذلك سوف يقول إنّنا أعطيناها أغراضاً قديمة".

ومع إلغاء حفل الزفاف، واجهت نوشين الأمر بشجاعة. وتقول الشابة البالغة من العمر 25 عاماً لوكالة فرانس برس: "كان من المفترض أن يكون وقتاً سعيداً لعائلتي وأنا كنت سعيدة جداً". تضيف: "لقد رأيت مدى صعوبة جمع والدَيّ هذا المهر من أجلي. والآن يتعيّن عليهما القيام بذلك مرّة أخرى".

لا يخفي حسين أنّ ما حصل "مشكلة كبيرة بالنسبة إلينا الآن"، متسائلاً "هل يجب أن نعيد بناء منزلنا؟ أم نزرع القمح أم نزوّج بناتنا؟". وإذ يؤكد أنّ "الأمور الثلاثة مهمّة جداً لنا"، يرى نفسه بلا حيلة.

(فرانس برس)

المساهمون