العمالة الأجنبية غير النظامية تزيد مشاكل المجتمع العراقي

02 اغسطس 2024
تستقطب السوق العراقية العمالة الأجنبية من إيران وباكستان، يوليو 2008 (فرانس برس)
+ الخط -

لم تنته أصداء تعليق وزير الشؤون الدينية الباكستاني شودري سالك حسين بشأن اختفاء نحو 50 ألف باكستاني في العراق، بل فتحت المجال أمام الحديث عن مشكلة العمالة الأجنبية غير النظامية، والتي تدخل إلى البلاد بطرق غير قانونية وتتنقل بين المدن للعمل تحت وصاية ورقابة مكاتب تشغيل تتجاوز على القانون، بالمقابل باشرت السلطات العراقية حملات مشددة للبحث عن العمال الأجانب من دول مختلفة وطرد ومحاسبة غير القانونيين منهم.

وتستقطب السوق العراقية العمالة الأجنبية، وتحديداً من إيران وباكستان وبنغلادش، بالإضافة إلى السوريين واللبنانيين، بالنظر إلى الانفتاح الاقتصادي ووجود شركات ومقرات ومحال تجارية ومجمعات للتسوق تحتاج إلى أياد عاملة، لكن الحديث عن شرعية وجود هذه العمالة لم ينقطع، ولا سيما أن الأجهزة الأمنية تعلن بين فترة وأخرى عن اعتقال متجاوزين على القانون، أو جماعات من هذه العمالة، كانت قد دخلت من دون جوازات وأوراق ثبوتية.

سوق العمالة الأجنبية في العراق

وبحسب مصادر "العربي الجديد"، من عناصر أمن وضباط في الأجهزة العسكرية، فإن أغلب العمالة الأجنبية في العراق تصل من دولتين هما بنغلادش وباكستان، ويصلون عبر إيران وتركيا ودول الخليج العربي، مؤكدة أن السنوات الأخيرة شهدت دخول أعداد كبيرة من الباكستانيين والهنود إلى العراق مع الزائرين للبلاد في المناسبات الدينية.

ولفت أحد ضباط حرس الحدود العراقيين إلى أنّ "أوامر صدرت أخيراً من وزارة الداخلية تقضي بالمتابعة الشديدة وعدم السماح لعبور أي أفراد بطريقة غير شرعية"، مبيناً أن "العمالة الباكستانية أغلبها دخلت في توقيتات كانت فيها الإجراءات العراقية لمتابعة الزوار الإيرانيين غير جادة أو أنها متساهلة".

والشهر الماضي، أعلنت الشرطة العراقية اعتقال ستة باكستانيين في إحدى مناطق بغداد يقومون بأعمال السرقة. وفي مايو/ أيار الماضي، ألقت القوات العراقية القبض على باكستاني فتح النار على مصلين في منطقة الأعظمية ببغداد، فيما أطاحت بعصابة خطف وابتزاز مكونة من تسعة باكستانيين في منطقة الشعب ببغداد.

والخميس الماضي، أعلنت وزارة العمل والشؤون الاجتماعية العراقية ضبط شخص يقوم بالتحايل على إجراءات ترويج معاملات استقدام العمالة الأجنبية في قسم العرب والأجانب التابع لدائرة العمل والتدريب المهني. ودعت الوزارة في بيان، المستفيدين من خدمات الدائرة إلى "إكمال معاملاتهم وفق الضوابط والتعليمات القانونية، والابتعاد عن ضعاف النفوس الذين يسلكون الطرق والممارسات غير القانونية، والإبلاغ عن المعقبين والمزورين ليتم اتخاذ الإجراءات القانونية بحقهم".

كما شهد الأسبوع الماضي اعتقال عشرة مخالفين لشروط الإقامة والجنسية في جانب الكرخ ببغداد. وبحسب البيانات الرسمية، فإن "عمليات البحث والتفتيش عن المخالفين لقوانين الإقامة تشترك فيها أجهزة المخابرات والأمن الوطني واستخبارات وأمن بغداد ومديرية أمن الاتصالات ومديرية الإقامة والجنسية وهيئة الإعلام والاتصالات".

في السياق، قال معاون مدير قسم الأجانب في وزارة العمل زيد الركابي إنّ "مسألة العمالة الأجنبية وإشكالاتها تحدث في كل دول العالم، وهناك مهاجرون غير نظاميين في كل الدول، وأكثر أهدافها هي البحث عن العمل والحياة الجديدة"، مؤكداً لـ"العربي الجديد"، أنّ "العراق لا يقبل بأي عمالة غير قانونية، ونعمل على منعها وفق السياقات القانونية، وبالتنسيق مع الجهات الأمنية، وضمنها وزارة الداخلية".

وأكمل الركابي أنّ "وزارة الداخلية مسؤولة عن متابعة ملفات الإقامة الخاصة بالعمال الأجانب، وخلال الفترة الماضية أطلقت الحكومة حملة واسعة لمتابعة المتجاوزين على قوانين الإقامة، واعتقال بعضهم"، معتبراً أن "وزارة الداخلية العراقية لديها إجراءات كفيلة بردع من يخرق القانون من العمال الأجانب".

وسبق أن علّق وزير العمل والشؤون الاجتماعية في بغداد أحمد الأسدي بالقول إن "العراق شهد توافد سياح من مختلف البلدان خلال الأيام الماضية ومن بينهم الباكستانيون، إلا أن العديدين منهم بدأوا بالانخراط في سوق العمل دون الحصول على التصاريح القانونية المطلوبة"، معتبرا أن هذه الظاهرة "تؤثر سلباً على الاقتصاد الوطني وتنافسية سوق العمل، والوزارة لن تتهاون في اتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة ضد المخالفين، والتعاون بين الجهات المعنية لضمان تطبيق القوانين واللوائح الخاصة بالعمالة لمختلف الوافدين الأجانب للبلاد".

من جانبه، بيَّن حسام محمد، وهو صاحب شركة لتوظيف العمالة المحلية والأجنبية في بغداد، أن "شركات محلية داخل بغداد وباقي المحافظات تدعم العمالة الأجنبية غير الشرعية، لأنها تقبض الأموال من العمال الأجانب عند وصولهم إلى العراق، مقابل حمايتهم وتوفير العمل لهم خلال الأشهر الأولى من وجودهم، بالتالي فإن شركات عديدة تخرق القانون".

وأكد لـ"العربي الجديد"، أن "إنهاء ظاهرة العمالة الأجنبية السائبة تتم عبر ضبط الحدود البرية مع إيران، ثم ملاحقة شركات التوظيف الوهمية وغير المسجلة، بالإضافة إلى متابعة العمالة الأجنبية من خلال جمع المعلومات والتنقلات، ولا سيما أن بعضها تورط بالانتماء للعصابات المنظمة وارتكاب الجرائم".

وتواصل السلطات العراقية منذ مطلع العام الحالي حملات أمنية لضبط المخالفين من الجنسيات الأجنبية لشروط الإقامة. ووفقاً لبيانات تصدرها وزارة الداخلية العراقية، اعتُقِل المئات منهم خلال هذا العام، جميعهم لا يملكون أوراقاً أو تراخيص إقامة من جنسيات سورية وباكستانية وإيرانية وبنغالية ودول أخرى، وهم موجودون في العراق وينشطون ضمن العمالة المحلية غير المرخصة التي تسعى الحكومة العراقية لمكافحتها.

المساهمون