العلاج المناعي يثبت مزاياه بمواجهة عدد متزايد من السرطانات

15 سبتمبر 2024
من مؤتمر الجمعية الأوروبية لطبّ الأورام، برشلونة، إسبانيا، 15 سبتمبر 2024 (فرانس برس)
+ الخط -
اظهر الملخص
- **العلاج المناعي كتحول ثوري في علاج السرطان**: يركز العلاج المناعي على تحفيز الجهاز المناعي لمحاربة الأورام، وأثبت فعاليته في علاج السرطان ثلاثي السلبية، مما يحسن فرص البقاء على قيد الحياة عند استخدامه مع العلاج الكيميائي.

- **نتائج مشجعة من الدراسات السريرية**: أظهرت دراسة أن نسبة البقاء على قيد الحياة لمدة خمس سنوات بلغت 86.6% مع العلاج المناعي، مقارنة بـ81.7% مع العلاج الوهمي، مما يعزز فعالية العلاج الكيميائي في حالات سرطان المثانة وسرطان عنق الرحم.

- **قصص نجاح وتحديات مستقبلية**: تعافت ميشيل بورجيس سولير من سرطان الثدي ثلاثي السلبية بفضل العلاج المناعي، لكن لا تزال هناك تحديات مثل عدم استجابة بعض المرضى وعودة المرض، بالإضافة إلى الآثار الجانبية المتفاوتة.

يثبت العلاج المناعي الذي يُعَدّ من التطوّرات الكبرى في علم السرطان، خلال السنوات الأخيرة، فوائده في مواجهة عدد متزايد من الأمراض السرطانية، ولا سيّما السرطان ثلاثي السلبية؛ نوع خطر بصورة خاصة ومقاوم من سرطان الثدي. ويُسلّط الضوء على هذه التقنية العلاجية التي تُعَدّ "ثورية"، في مؤتمر الجمعية الأوروبية لطبّ الأورام-2024 الذي يجمع كبار المتخصصين العالميين في طبّ السرطان، بمدينة برشلونة الإسبانية.

ولم يعد العلاج المناعي، الذي يُعَد من أحدث علاجات السرطان، يقوم على العمل على الخلية السرطانية بحدّ ذاتها، إنّما على تحفيز الجهاز المناعي للمريض حتى يحارب الأورام. وهذه الحال، على سبيل المثال، مع سرطان الثدي ثلاثي السلبيّة، وهو نوع عدواني خصوصاً يصيب نحو 9000 امرأة سنوياً، هنّ في الغالب في سنّ صغيرة.

وتصعب معالجة هذا المرض، خصوصاً لأنّه لا يتجاوب مع جرعات هرمون الإستروجين أو البروجسترون، أساس العلاجات الأخرى شائعة الاستخدام في أنواع أخرى من سرطان الثدي. ومع ذلك، فإنّ العلاج المناعي إلى جانب العلاج الكيميائي، بروتوكول يجري الالتزام به قبل العملية الجراحية وبعدها، أدّى إلى تحسّن فرص البقاء على قيد الحياة على المدى الطويل لدى المرضى الذين يعانون من السرطان ثلاثي السلبية، وفق دراسة نُشرت اليوم الأحد.

وبحسب نتائج الدراسة، أتت نسبة البقاء على قيد الحياة للسنوات الخمس التالية بالإجمال 86.6% لدى المرضى الذين تلقّوا العلاج المناعي، و81.7% في مجموعة المقارنة التي تتلقّى علاجاً بعقار وهمي أو "بلاسيبو". ويدلّ ذلك على أنّ "استخدام العلاج المناعي يجعل من الممكن زيادة فعالية العلاج الكيميائي"، بحسب ما يوضح طبيب الأورام في معهد "كوري" في باريس فرنسوا-كليمان بيدار لوكالة فرانس برس.

وعندما يُعطى هذا العلاج قبل العملية الجراحية، تكون أكبر فرص القضاء على الخلايا السرطانية بالكامل قبل الجراحة. وقد أفاد طبيب الأورام في مستشفى "غوستاف روسي" المتخصص في مجال أبحاث السرطانات، في جنوب باريس، بينجامان بيس بأنّ "حالياً، نتوقّع تكراراً أقلّ للإصابات (ارتكاسات)، وبالتالي مزيداً من العلاجات، وهو الهدف النهائي في علم الأورام".

ميشيل بورجيس سولير (51 عاماً) من المستفيدات من هذا العلاج، وهي اليوم في حالة تعافٍ من سرطان الثدي ثلاثي السلبية الذي شُخّص لديها في نوفمبر/ تشرين الثاني 2022، وقد قيل لها حينها إنّه "سرطان متقدّم وسريع وعدواني". تخبر وكالة فرانس برس أنّ "في البداية، لم يكن المرض قابلاً للعلاج"، لكنّها من أوائل المرضى الذين تلقّوا علاجاً مناعياً لهذا النوع من الأورام. ومع إرفاق العلاج المناعي بالعلاج الكيميائي، فقد أتت النتائج "مشجّعة"، الأمر الذي أتاح لها الخضوع لعملية جراحية في يونيو/ حزيران 2023. ومنذ يناير/ كانون الثاني 2024، لم تعد ميشيل تتناول "أيّ دواء". وسولير، التي تصف نفسها بأنّها "متفائلة دوماً"، تقول: "أعتقد بأنّ من الممكن ألا يتكرّر الأمر أبداً".

في سياق متصل، لوحظ تحسّن مماثل في إجمالي فرص البقاء على قيد الحياة مع إعطاء العلاج المناعي قبل الجراحة، بحسب دراسة قُدّمت في المؤتمر السنوي للجمعية الأوروبية لطبّ الأورام (13-17 سبتمبر/ أيلول 2024)، شملت مرضى مصابين بسرطان المثانة الغازي للعضلات، أي الذي يغزو جدار المثانة.

وكانت نتائج دراسة حول سرطان عنق الرحم المتقدّم موضعياً عالي الخطورة، نُشرت نتائجها أمس السبت، قد توصّلت بدورها إلى استنتاجات مماثلة. فقد أظهر مزيج من العلاج المناعي والعلاج الكيميائي نسبة بقاء إجمالية للسنوات الثلاث التالية 82.6% لدى المرضى الذين استفادوا من هذا المزيج العلاجي، مقارنة بـ74.8% للذين لم يخضعوا له.

وقد صرّحت أستاذة علم الأورام في جامعة "فريبورغ" السويسرية أليساندرا كوريوني فونتسيدرو بأنّ "الرسالة الرئيسية من كلّ هذه الدراسات هي أنّ العلاج المناعي يواصل الوفاء بوعوده ويوفّر الأمل في البقاء على المدى الطويل لعدد كبير من المرضى الذين يعانون من أنواع مختلفة من السرطان". لكنّ الأسئلة الرئيسية ما زالت من دون إجابات. بالتالي، ثمّة حاجة إلى أن نفهم لماذا لا ينجح العلاج المناعي لدى أشخاص بحدّ ذاتهم؟ ولماذا تتكرّر الإصابة بالسرطان لدى المرضى الذين بدا أنّهم يستجيبون في البداية للعلاج؟ كذلك يتعيّن أن تؤخَذ في الاعتبار الآثار الجانبية للعلاج المناعي، التي تتفاوت درجات خطورتها بين المرضى.

(فرانس برس، العربي الجديد)

المساهمون