العطش يزحف نحو درعا.. حفر عشوائي لآبار المياه وإهمال حكومي

21 ابريل 2024
تعاني درعا جنوبي سورية من شح مياه الآبار (أرشيف/عمّار العلي/ الأناضول)
+ الخط -
اظهر الملخص
- درعا في جنوب سورية تعاني من أزمة مائية حادة بسبب الجفاف وانخفاض تساقط الأمطار، مما أثر على المياه الجوفية والسدود، خاصةً في المنطقة الشرقية التي يقطنها حوالي 500 ألف نسمة.
- الحفر العشوائي لأكثر من 500 بئر مخالفة و200 بئر نظامية أدى إلى استنزاف المياه الجوفية وجفاف الآبار، مع غياب الرقابة وتراجع كميات الأمطار، مما ينذر بتفاقم الأزمة.
- الأهالي يواجهون الأزمة بمفردهم في ظل غياب الدعم الحكومي، حيث يتعاونون لحفر آبار جديدة وإصلاح الآبار المعطلة على نفقتهم الخاصة، في محاولة لتأمين مياه الشرب وسط تحذيرات من خطر العطش والجفاف.

يتوسع العطش في درعا جنوبي سورية منذرا بعواقب كارثية، حيث تشهد المحافظة مؤخراً عجزاً مائياً وصل إلى مستويات قياسية وخطيرة، حيث عانت في السنوات الأخيرة حالة من الجفاف وانخفاض معدلات تساقط الأمطار ما أثر على المياه الجوفية والسدود، خاصة في المنطقة الشرقية من المحافظة التي يبلغ عدد سكانها 500 ألف نسمة موزعين على عدة مدن وبلدات.

أزمة العطش في درعا يرجعها الموظف في وحدة مياه بصرى الشام، بكر الدوس إلى الحفر العشوائي للآبار، موضحا لـ"العربي الجديد" أن "المنطقة الشرقية لمحافظة درعا تحتوي على أكثر من 500 بئر مخالفة حُفرت بطريقة غير شرعية و200  بئر نظامية ما تسبب في استنزاف المياه الجوفية وأدى إلى جفاف العديد من الآبار التي تغذي الأهالي بمياه الشرب، فالعدد الكبير للآبار وقربها بعضها من بعض أدت إلى شح في المياه المستخرجة مع غياب الرقابة والمحاسبة وعدم مبالاة أصحاب الآبار العشوائية، وتراجع كميات الأمطار في المنطقة الجنوبية".

العطش في درعا... الأسوأ قادم

ويضيف الدوس: "انعدام صيانة للآبار إلا بجهود أهلية وانخفاض عدد ساعات وصول التيار الكهربائي والتكاليف الباهظة للتشغيل باستخدام مولدات الديزل تقف وراء ضعف ضخ المياه في الشبكة"، محذرا من أن الأسوأ قادم بجفاف جميع الآبار ذات المصدر المائي الواحد، ما يصل بالمنطقة إلى خطر العطش والجفاف. وأفادت عدة مصادر بأن أغلب مناطق الريف الشرقي في المحافظة تعاني من نقص حاد في مياه الشرب وسط ارتفاع أسعار مياه الآبار الخاصة المنقولة عبر الصهاريج.

ويقول حمزة العلي من بلدة معربة لـ"العربي الجديد" إن المياه لم تصل إلى منزله عبر شبكة المياه منذ شهرين فالبئر الوحيدة التي تغذي البلدة معطلة وسعر المتر المكعّب لمياه الشرب وصل إلى 20 ألف ليرة سورية. مضيفا أن الأهالي تقدموا بشكوى لمحافظ درعا (التابع للنظام السوري)، والذي بدوره أرسل وفداً من مؤسسة مياه درعا ومندوباً عنه، والنتيجة أن الوفد اقترح على الأهالي التكاتف لإصلاح البئر وأن المؤسسة لا تملك ما تقدمه حيث إن البئر بحاجة لغاطسة جديدة ورافعة تقوم باستخراج الغاطسة القديمة وإنزال الغاطسة الجديدة في حال توفيرها.

حلول أهلية وغياب حكومي

ويضيف مسؤول الشبكة في بلدة معربة غسان الحميدي، أن شبكة المياه قديمة وبالية وعمرها تجاوز 50 عاماً وهي بحاجة لصيانة وإزالة مئات التعديات عليها حيث لا وجود لجهة حكومية أو محلية قادرة على القيام بهذا العمل، مضيفا أن بئرا واحدة لا تكفي البلدة حيث قام الأهالي بعد جهود استمرت عاما كاملاً بجمع الأموال بالتعاون مع المغتربين وحفر بئر ثانية إلا أن كمية المياه المستخرجة لا تتجاوز 15 مترا مكعبا في الساعة، موضحا أن البئر المعطلة كانت قدرتها تصل إلى انتاج 50 مترا مكعبا بالساعة ثم تراجعت إلى 20 متراً مكعباً مؤخراً بسبب الجفاف.

من جهتها، تركت حكومة النظام السوري الأهالي يواجهون هذه الكارثة بمفردهم، حيث شهدت المحافظة في السنوات الثلاث الأخيرة عدة حملات لجمع أموال من أجل مواجهة المشاكل التي تعانيها وأهمها مشكلة مياه الشرب حيث تم حفر العديد من الآبار على نفقة الأهالي في عشرات المدن والبلدات من بينها بصرى الشام، المسيفرة، الحراك، وناحتة، الجيزة، صيدا وغيرها.

وفي الأسبوع الماضي، أطلق الأهالي في  بلدة الطيبة شرقي درعا  حملة لجمع تبرعات لتأمين مياه الشرب حيث ذكر أحد المشرفين على الحملة أنها لاقت قبولاً واسعاً، وتم التبرع من قِبل ميسوري الحال، والمغتربين من أبناء البلدة في حين تكفل ثلاثة أشخاص منهم في ترميم ثلاث آبار فيما تكفل أحد رجال الأعمال بحفر بئر على نفقته الخاصة.

وأوضح المصدر أن الحملة جاءت بعد اجتماعات في البلدة وتشكيل لجنة لإدارة الحملة فحصت الآبار في البداية ووقفت على الاحتياجات برفقة مختصين، مضيفا أن التبرعات في الأسبوع الأول من انطلاق الحملة وصلت إلى مليار ومائة وسبعين مليون ليرة سورية فيما يأتي ذلك بعد انقطاع المياه عن البلدة لثلاث سنوات.

المساهمون