أصدرت المحكمة الجنائية في العراق أحكاماً تقضي بإعدام خمسة من تجار المخدرات، علماً أنّ من بين هؤلاء أجانب، وهو أمر غير مسبوق.
وذكر مجلس القضاء الأعلى، في بيان صادر اليوم الثلاثاء، أنّ من بين "التجار الخمسة ثلاثة يحملون الجنسية الأجنبية يعملون في تجارة المخدرات (كبتاغون) في محافظة السماوة (جنوب)" يُصار "جلبها من محافظة النجف، ومن ثمّ تهريبها إلى دول الجوار".
وأفادت مصادر قضائية في بغداد "العربي الجديد" بأنّ "الأجانب الذين حُكموا بالإعدام هم من الجنسية السورية، دخلوا إلى العراق بصفة سيّاح، لكنّهم مارسوا الاتجار بالمخدرات، بالتنسيق مع مهرّبين عراقيين وسوريين آخرين"، مضيفة أنّ "القضاء العراقي يولي اهتماماً بالغاً بعاقبة ومحاسبة مهرّبي المخدرات، ويعدّها الخطر الجديد بعد تنظيم "داعش"".
من جهتها، أعلنت وزارة الداخلية، اليوم الأربعاء، عن ضبط 80 كيلوغراماً من أقراص الكبتاغون المخدّرة في محافظة الأنبار (غرب)، وإلقاء القبض على أربعة متّهمين خطرين.
وأشارت مصادر أمنية لـ"العربي الجديد" إلى أنّ "الجماعات المتخصصة بالتهريب طوّرت أساليبها في نشر المخدرات وتوريط أكبر عدد من أفراد المجتمع فيها"، موضحة أنّ "المتاجرين المحليين في العراق يعملون وفق طريقة التنظيمات الخيطية مع آخرين من خارج الحدود".
وسبق أن كشف وزير الداخلية العراقي عبد الأمير الشمري عن تشكيل خلية اتصال في العراق مشتركة مع الأردن ولبنان وسورية لمكافحة المخدرات، بهدف متابعة عصابات التهريب الدولية، مبيّناً أنّ أحكاماً صدرت في حقّ 80 تاجر مخدرات دوليين في العام الماضي.
وقبل أشهر، أعلن رئيس الوزراء محمد شياع السوداني خطّة لـ"عراق خالٍ من المخدرات"، وأكد "التعامل مع الملف باعتباره تهديداً إرهابياً"، بعدما توسعت تجارة المخدرات وتعاطيها، الأمر الذي رفع معدلات الجريمة المنظمة إلى مستويات قياسية.
جهود لتحجيم تفشي المخدرات في العراق
من جهته، قال حيدر الدباغ، وهو مراقب للشؤون المحلية، لـ"العربي الجديد"، إنّ "حكومة السوداني أولت ملف المخدرات اهتماماً بالغاً، من خلال الملاحقة الأمنية والقانونية في داخل العراق، وتنسيق الجهود مع الدول المجاورة عبر لجان وتعاون استخباراتي، لكنّ هذه الإجراءات لم تمنع المهرّبين من إيصال المخدرات إلى العراقيين، وتحديداً من سورية وإيران".
أضاف الدباغ أنّ "السلطات العراقية تجتهد لتحجيم تفشي المخدرات، لكنّها في الوقت نفسه تصطدم بجماعات نافذة لديها ارتباطات بالمهرّبين، تحديداً بمهرّبي مادة الكريستال التي تصل إلى العراق من إيران"، لافتاً إلى أنّ "معدّلات إدمان مادة الكريستال عالية في جنوب العراق".
وتنفّذ القوات الأمنية العراقية بوتيرة شبه يومية، في عموم المحافظات، حملات لاعتقال المتاجرين بالمخدّرات ومتعاطيها، إلا أنّ تلك الحملات لم تحدّ من انتشارها الآخذ في الاتّساع. وتشير مصادر لـ"العربي الجديد" إلى أنّ التهريب الذي يُضبط على الحدود أقلّ بكثير من الكميات التي تدخل إلى العراق عبر حدود محافظتَي الأنبار ونينوى مع سورية، بالإضافة إلى الحدود مع إيران.
وفي الأشهر الماضية، كشفت السلطات المعنية في العراق عن أرقام مقلقة حيال نتاج عمليات مكافحة المخدرات، مؤكدة أنّها ضبطت أطناناً من أنواع مختلفة من المواد المخدّرة، وسط تحذيرات من اتّساع رقعة التعاطي بين الشباب والمراهقين، وتأثير ذلك على الملف الأمني في عموم مدن العراق.
وتُعَدّ المخدّرات من أبرز التحديات التي تواجه المجتمع العراقي بعد توسّع تجارتها في الفترة الأخيرة بصورة خطرة. وبعد الغزو الأميركي في عام 2003، صار العراق من بين البلدان التي تنتشر فيها المخدرات بصورة واسعة. وكان القانون العراقي قبل الاحتلال الأميركي يعاقب مروّجي المخدرات بالإعدام شنقاً. لكنّ عقوبة الإعدام أُلغيت بعد الاحتلال، وفُرضت عقوبات تصل إلى السجن لمدّة 20 عاماً.