أعلنت وزارة الزراعية العراقية، اليوم الثلاثاء، خروج نصف الأراضي الزراعية في عموم مدن البلاد من الإنتاج نتيجة الجفاف الذي يضرب البلاد منذ سنوات عدة، بعد تراجع مناسيب نهري دجلة والفرات وشحّ الأمطار.
ويأتي التصريح بنسب الأراضي المتضررة من الجفاف، بعد إقرار وزارتي الزراعة والموارد المائية خطة زراعية للموسم الحالي تعتمد بنحو 60% على المياه الجوفية من خلال الآبار.
وقالت وزارة الزراعة العراقية ببغداد، الثلاثاء، إن عدم توفر المياه تسبب بتعطيل نصف الأراضي الصالحة للزراعة في البلاد، مشيرة إلى أن الجفاف خلال السنوات الأربع الماضية عطّل استغلال 27 مليون دونم.
وأوضح المدير العام لدائرة الأراضي الزراعية في الوزارة، علي حمود الشمري، أن إجمالي المساحات الصالحة للزراعة في البلاد يبلغ 51 مليون دونم، بيد أن الشحّ المائي الذي عانته البلاد خلال الأعوام الأربعة الماضية، تسبب بتعطيل استغلال 27 مليوناً منها.
كما أشار الشمري إلى أن المساحة المستغلة منها بعقود تصل إلى 24 مليون دونم، اعتماداً على القوانين والقرارات الخاصة بالقطاع الزراعي، متحدثا عن إجراءات إدارية وفنية مختلفة لمواجهة أزمة الجفاف في البلاد.وأطلقت الحكومة العراقية، مطلع العام الحالي، مبادرات متنوعة لمواجهة التغيّر المناخي، شملت تعزيز أمان المياه وتقليل المفقود منها عبر تقنيات الريّ الحديثة، وأخرى تتعلق بزراعة 5 ملايين شجرة ودعم برامج التكيّف مع الأزمة البيئية في مناطق شرق وجنوب البلاد.
وسبق لرئيس الحكومة العراقية أن أكد وجود سبعة ملايين عراقي تضرروا بسبب التغير المناخي، موضحاً أن "حكومته ماضية في برنامجها الذي أولى معالجة تأثيرات التغيرات المناخية أهمية خاصة، وقد وضعت استراتيجيات عدة لتخفيف الآثار الاقتصادية والبيئية والاجتماعية التي ترافق هذه التغيرات كارتفاع معدلات درجات الحرارة، وشح الأمطار، وازدياد العواصف الغبارية، مع نقصان المساحات الخضراء، ما نجم عنه تهديد الأمن الغذائي والصحي والبيئي والأمن المجتمعي"، وفقاً لكلمة له خلال مؤتمر للمناخ أقيم في البصرة جنوبي البلاد في مارس/ آذار من العام الماضي.
ولفت إلى أن "الأولوية للحد من التغير المناخي تمثلت بتقديم المساهمة المحددة وطنياً لخفض الانبعاثات، وإعداد الاستراتيجيات الوطنية للبيئة والتنوع البيولوجي ومكافحة التلوث، ونعمل الآن على إعداد رؤية العراق للعمل المناخي لغاية عام 2030"، داعياً "الدول ومنظمات الأمم المتحدة كافة لدعم العراق في مواجهة آثار التغيرات المناخية".
وقال المستشار الفني بوزارة الزراعية العراقية، أكرم العيداني، لـ"العربي الجديد"، إن "موضوع الجفاف لا يقتصر على الأراضي التي خسرها العراق وتحولت فعليا إلى أراض مالحة أو بور تحتاج لمليارات الدنانير من أجل إعادة استصلاحها، إنما بالهجرات المتتالية من القرى والأرياف التي تضررت بفعل الجفاف".
وأكد أن مناطق جنوبي العراق تعتبر الأكثر تضرراً من الجفاف وتراجع مناسيب دجلة والفرات، وشهد العامان الماضيان هجرات بشرية متتالية إلى مناطق أخرى بسبب انعدام المياه".
من جهته، قال الخبير بالشأن العراقي أحمد النعيمي إن العراق يعوّل على زيارة مرتقبة للرئيس التركي رجب طيب أردوغان إلى بغداد من أجل بحث ملف الجفاف وحصة العراق من مياه نهري دجلة والفرات، مؤكداً في حديث مع "العربي الجديد" أن "العراق يدرس حالياً خيارات كثيرة من بينها سد مائي ضخم لحصر مياه دجلة والفرات قبل الوصول إلى مياه الخليج العربي عبر شط العرب".
واعتبر المتحدث أن الحكومة باتت مقتنعة بوجوب تغيير سياسة إدارة المياه المتبعة منذ القرن الماضي مع تحديات التغيرات المناخية وشح المياه، وهذا أمر يعتبر إيجابياً في حد ذاته، رغم أن أي إصلاحات في طرق الاستفادة من المياه ستحتاج إلى مشاريع بمبالغ ضخمة".
ونهاية ديسمبر/ كانون الأول العام المنصرم، كشفت المنظمة الدولية للهجرة التابعة للأمم المتحدة، عن هجرة قرابة 21 ألف عائلة، بسبب ظروف الجفاف في 12 محافظة من محافظات وسط وجنوب العراق، مؤكدة أنّ 74 بالمائة من النازحين بسبب المناخ ذهبوا باتجاه مراكز مدن المحافظات ذي قار وميسان والقادسية والمثنى.