شرعت السلطات الأمنية في العاصمة العراقية بغداد في تنفيذ حملة أمنية واسعة ضد مرتكبي "الدكات العشائريَّة"، بهدف الحد من هذه الظاهرة التي تفشت في المجتمع، وسط دعوات للتشدد في المحاسبة القانونية بحق المتورطين.
و"الدكّة العشائرية" هي قيام مسلّحين ينتمون إلى قبيلة معيّنة بتهديد أسرة تنتمي إلى قبيلة أخرى في بيتها من خلال إطلاق نار بمختلف الأسلحة، وإلقاء قنابل يدوية أحياناً، كتحذير شديد اللهجة بهدف دفعها إلى التفاوض لتسوية خلاف. وفي حال عدم موافقة الطرف المستهدَف، فإنّ الأمور قد تؤدي إلى مواجهة يسقط فيها ضحايا من الطرفَين.
وقد بدأت الحملة عملياً أمس الجمعة قبل أن تُعلَن رسمياً اليوم السبت. وتتولى تنفيذها قيادة عمليات بغداد (الجهة الأمنية المسؤولة عن أمن العاصمة).
وبحسب بيان إعلامي لقيادة العمليات، فإن "الحملة التي تتضمن ملاحقة مرتكبي الدكات العشائرية تهدف إلى تعزيز الأمن والاستقرار في جميع مناطق العاصمة بغداد"، مؤكداً "إلقاء القبض على 6 متهمين بالدكة العشائرية حتى الآن، ومصادرة أسلحة وعتاد كان في حوزتهم ضمن مناطق مدينة الصدر وحي الصليخ (إحدى مناطق جانب الرصافة)".
وليست هذه الحملة الأولى من نوعها، إذ نفذت السلطات الأمنية في العراق، في وقت سابق، حملات مشابهة في بغداد والمحافظات الأخرى، إلا أنها لم تُنهِ هذه الظاهرة.
ويقول ضابط في قيادة العمليات المشتركة، إن "جميع الحملات السابقة التي نفذت في عدد من المحافظات تضمنت اعتقال متورطين بالدكات العشائرية، فضلاً عن مصادرة كميات كبيرة من الأسلحة"، مؤكداً لـ "العربي الجديد" أنه "لا توجد إحصائية رسمية لأعداد الدكات المرتكبة في بغداد والمحافظات، إلا أنها تعد كثيرة وتمثل تهديداً لأمن المجتمع".
ويشير الضابط نفسه إلى أن "القوات الأمنية تسعى للحد من هذه الظاهرة الخطرة، التي تمثل خروجاً عن سلطة القانون، ولا سيما أنها تنتشر أيضاً في العاصمة بغداد، على الرغم من أنها مختلفة عن المحافظات الأخرى التي توصف بأنها محافظات ذات طبيعة عشائرية". ويشدد على أن "الحملة ستشمل جميع مناطق العاصمة، وفق قاعدة معلومات مسجلة عن الدكات التي ارتكبت والمسؤولين عنها".
ونشطت "الدكات العشائرية" في العراق بعد عام 2003، وهي ظاهرة تعكس قوة نفوذ وسلطة العشائر، واللجوء إليها لفض النزاعات، بدلاً من اللجوء إلى سلطة الدولة.
ويتعاون شيوخ عشائر ووجهاء في المحافظات العراقية مع القوات الأمنية لإنهاء هذه الظاهرة، محذرين من خطورة استمرارها. ويقول الشيخ قاسم المفرجي، وهو أحد وجهاء بغداد، لـ"العربي الجديد": "ندعم أي توجه أمني للقضاء على الظاهرة، وقد قدمنا معلومات مهمة للسلطات الأمنية عن منفذيها".
ويؤكد المفرجي أن "الظاهرة تسبب ترويع الأهالي داخل منازلهم، وتعكس ضعف السلطة الأمنية"، مشيراً إلى أن "دور العشائر الحقيقي هو الإصلاح، وليس خلق المشاكل والدكات العشائرية، كذلك فإن انفلات السلاح لدى العشائر يجب وضع حد له".
وقبل أكثر من عامين، أصدر العراق قانوناً يعتبر "الدكة العشائرية" إحدى جرائم الترويع، ويقر التعامل معها عبر قانون مكافحة الإرهاب للحد من انتشارها في المجتمع، إلا أن ذلك لم يُنه هذه الظاهرة.