العراق يبحث إنشاء بحيرات صناعية لوقف هجرة سكان الأهوار جراء أزمة المياه

28 ديسمبر 2022
موجة جفاف غير مسبوقة تسبّبت في هجرة مئات العائلات (أسعد نيازي/فرانس برس)
+ الخط -

كشفت الحكومة العراقية عن وضع دراسات لإنشاء بحيرات صناعية لإعادة توطين النازحين من الأهوار جنوبي البلاد، والتي تعاني من موجة جفاف غير مسبوقة تسبّبت في هجرات طاولت مئات العائلات، إلى جانب خسائر في المواشي والمزروعات.

والأهوار العراقية التي تتفرّد بها طبيعة البلاد، مسطّحات مائية ضخمة تستمدّ مياهها من نهرَي دجلة والفرات بشكل رئيس، وتمتد في محافظات ذي قار وميسان والبصرة والمثنّى ومناطق حدودية مع إيران جنوبي وجنوب شرقي البلاد، أمّا أبرزها فأهوار الجبايش والحمّار والشيب والدجيلة، وتضمّ أنواعاً عديدة من الطيور والأسماك والنباتات المائية ونبات القصب والبردي، في حين تعيش حولها آلاف الأسر العراقية على الزراعة وصيد السمك وتربية المواشي.

ووفقاً لمعاون مدير عام دائرة الإعمار في وزارة الإسكان العراقية، محمد حيدر الساكني، فإنّ دائرته "طرحت خلال مؤتمر الإسكان العربي الذي عقد في القاهرة قبل أيام، دراسات عن إشكالية مناطق الأهوار في العراق وما يحصل فيها من هجرة جماعية لسكانها بسبب الجفاف"، مبينا في تصريح لصحيفة الصباح الرسمية اليوم الأربعاء، أنه "تمت خلال المؤتمر مناقشة عدد من الحلول العاجلة لإعادة توطين السكان، تتضمن إنشاء بحيرات اصطناعية تقام على الأنهار وداخل الأهوار".

وأشار إلى أن "الحلول المطروحة ممكنة، وتعتمد على المفاوضات الجارية مع دول المنبع (تركيا وإيران)، اللتين ترفدان أهوار البلاد بـ90% من مياهها"، مبينا أنه "تم اعتماد منطقة هور الحويزة بمحافظة ميسان أنموذجا لدراسة مشكلة الجفاف والتغيرات المناخية التي تواجهها هذه المناطق، ما نتج منه اختفاء التنوع البيولوجي فيها، وهجرة 50 إلى 60% من سكانها خلال العام الماضي، على خلفية تراجع مستوى الحياة والنشاط الزراعي وانحسار الثروة الحيوانية في الشريط والحدود الفاصلة بين العراق وإيران".

وأكد أن "المؤتمر حضره عدد كبير من الباحثين والمختصين في الدول العربية، إضافة إلى ممثلة الأمم المتحدة للمستوطنات البشرية، ما يعني أن مشكلة الأهوار ستأخذ بعدا عربيا ودوليا، إلى جانب أن العراق يعد من أكثر البلدان تأثرا بالتغيرات المناخية، ما يستلزم إيجاد حلول ملائمة لإعادة توطين ساكنيه".

وقد سجّل العام الحالي نزوح مئات من العائلات من مناطق الأهوار بسبب الجفاف، إذ إنّها تعتمد على تربية الجواميس والمواشي وصيد السمك التي تأثّرت بالجفاف، فيما تأثّرت الزراعة بذلك أيضاً.

بدوره، حمّل الناشط البيئي، بلال الجنابي الحكومة مسؤولية مشكلة الأهوار، مبيّنا لـ"العربي الجديد"، أنه "يجب على الحكومة البحث عن حلول عاجلة لمشكلة الأهوار التي نزح الكثير من أهلها بسبب الجفاف".

وأضاف أن "العمل على هذه الأزمة يتطلب جانبين، الأول البحث عن حلول لتوفير مكان بديل للعائلات النازحة من الأهوار حاليا، والثاني سياسي يعتمد على البحث عن حلول مع إيران وتركيا بشأن إعادة تدفق المياه"، معتبرا في الوقت نفسه أن "الحديث عن بحيرات اصطناعية غير عملي كون إنشاء بيئة مطابقة لبيئة الأهوار أمر غير سهل على الإطلاق"، وفقا لقوله.

وأكد أن "الحل السياسي هو الأهم، إذ بدونه لا يمكن إعادة الحياة لهذه الأهوار، لاسيما أنها مدرجة ضمن قائمة التراث العالمي، وهو ما يزيد من مسؤولية توفير الحلول".

وكانت منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة (يونسكو) قد وافقت في السابع عشر من يوليو/تموز 2016 على إدراج الأهوار في قائمة التراث العالمي، محميّة طبيعية دولية، بالإضافة إلى مدن أثرية قديمة قريبة منها مثل أور وأريدو والوركاء.

ومنذ مطلع العام الجاري، يضرب الجفاف البلاد، وقد تسبّب في تراجع مستويات المياه الواصلة عبر نهرَي دجلة والفرات، نتيجة سياسات مائية لإيران وتركيا، من خلال بناء سدود وتحويل مجاري أنهار فرعية ومنع دخولها العراق.

واليوم تبدو أهوار العراق أمام تحدٍّ خطير من أجل البقاء، في ظلّ تفاقم أزمة الجفاف التي يصفها خبراء بأنّها الأكثر قسوة منذ عقود طويلة، إذ تراجعت مناسيب المياه في المسطّحات المائية التي تغطّي مساحات كبيرة من محافظات عدّة، وتُعَدّ مصدر حياة بيئية خصبة تكوّنت حولها تجمّعات سكنية كثيرة من قرى وقصبات مختلفة تضمّ عشرات آلاف العراقيين.

المساهمون